للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّدْلِيسِ وَالضَّرَرِ (كَتَصْرِيَةٍ) لِحَيَوَانٍ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَهِيَ أَنْ يُتْرَكَ حَلْبُهُ قَصْدًا مُدَّةً قَبْلَ بَيْعِهِ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ - أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ - فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْهُ كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءً لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكَّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لِلتَّدْلِيسِ وَالضَّرَرِ) كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ، وَقَوْلُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَلِهَذَا سَقَطَ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَوْهَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالضَّرَرِ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ أَمْثِلَةِ التَّغْرِيرِ بِخِلَافِ ضَرَرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي بَعْضِهَا كَالتَّصْرِيَةِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا لِلتَّدْلِيسِ وَالضَّرَرِ) قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَهَذَا يُوهِمُ اخْتِصَاصَ التَّحْرِيمِ بِمُرِيدِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِتَحْرِيمِهَا مُطْلَقًا لِإِيذَاءِ الْبَهِيمَةِ أَمَّا إذَا صَرَّاهَا لِغَيْرِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَضُرَّ بِهَا فَلَا تَحْرِيمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ كَتَصْرِيَةٍ) أَيْ لَا تَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي تَحْمِيرِ الْوَجْهِ وَلَا يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مُرِيدِ الْبَيْعِ لِذَاتِ اللَّبَنِ تَرْكُ حَلْبِهَا مُدَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الشِّرَاءَ مَعَ ظَنِّ الْعَيْبِ لَا يُسْقِطُ الرَّدَّ فَلْيَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَسَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَكَانَ الْمَبِيعُ كُلَّهَا أَمْ بَعْضَهَا اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْغَايَةَ لِلرَّدِّ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ النَّعَمِ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ النَّعَمِ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ لَا فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ فَقَطْ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهَا أَيْ الْمُصَرَّاةِ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّعَمِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْجَارِيَةِ وَالْأَتَانِ بِالْمُثَنَّاةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» وَكَوْنُ نَحْوِ الْأَرْنَبِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لَبَنُهُ إلَّا نَادِرًا إنَّمَا يَرِدُ لَوْ أَثْبَتُوهُ قِيَاسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ شُمُولِ لَفْظِ الْخَبَرِ لَهُ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ تَعُمُّ وَالتَّعَبُّدُ هُنَا غَالِبٌ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسْتَنْبَطْ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ بِالنَّعَمِ وَلَا يُؤَثِّرُ كَوْنُ لَبَنِ الْأَخِيرَيْنِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ تُقْصَدُ غَزَارَتُهُ لِتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَكِبَرِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَخْتَصُّ بِالنَّعَمِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يُقْصَدُ لَبَنُهُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَهِيَ أَنْ يُتْرَكَ) أَيْ شَرْعًا

وَأَمَّا لُغَةً فَهِيَ أَنْ تُرْبَطَ حَلَمَةُ الضَّرْعِ لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الرَّاءِ وَصَرَّ النَّاقَةَ شَدَّ عَلَيْهَا الصِّرَارَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ خَيْطٌ يُرْبَطُ فَوْقَ الْخَلْفِ لِئَلَّا يَرْضَعَهَا وَلَدُهَا وَبَابُهُ رَدَّ اهـ. وَفِيهِ فِي بَابِ الْمَقْصُورِ صَرَّى الشَّاةَ تَصْرِيَةً إذَا لَمْ يَحْلُبْهَا أَيَّامًا حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا وَالشَّاةُ مُصَرَّاةٌ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخِلْفُ مِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ كَالثَّدْيِ لِلْإِنْسَانِ وَالْجَمْعُ أَخْلَافٌ، مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ.

(قَوْلُهُ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) نَعَمْ لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ فَلَا خِيَارَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ اهـ. شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ أَيْ وَدَامَ مُدَّةً يَغْلِبُ بِهَا عَلَى الظَّنِّ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ صَارَتْ طَبِيعَةً لَهَا أَمَّا لَوْ دَرَّ نَحْوَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ انْقَطَعَ لَمْ يَسْقُطْ الْخِيَارُ لِظُهُورِ أَنَّ اللَّبَنَ فِي ذَيْنِك لِعَارِضٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا إلَخْ) لَمْ يَقُلْ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِمُطْلَقِ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ فِي تَحْرِيمِهَا وَثُبُوتِ الْخِيَارِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ شَامِلٌ لَهُمَا إمَّا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِلتَّدْلِيسِ وَالضَّرَرِ السَّابِقَيْنِ، وَإِمَّا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِمَا ذُكِرَ مُفَرَّعٌ عَلَى النَّهْيِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُسَقْ لَهُ إذْ كَثِيرًا مَا يَحْمِلُونَ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَعَانٍ قَاصِرَةٍ عَنْ مَدْلُولَاتِهَا اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السِّيَاقِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بَيْعٌ قَبْلَ النَّهْيِ لِلْمُصَرَّاةِ، ثُمَّ عَلِمَ بِتَصْرِيَتِهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُرُودِ النَّهْيِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِبُعْدِ النَّهْيِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ لَا إثْمَ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا) بِضَمِّ اللَّامِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَبِكَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ التَّصْرِيَةَ غَالِبًا لَا تَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ وَإِلَّا فَلَوْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الْحَلْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنْ رَضِيَهَا إلَخْ بَيَانٌ لِلنَّظَرَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَخَطَهَا) بِفَتْحِ الْخَاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَهَذَا فِي الْمُتَعَدِّي بِنَفْسِهِ كَمَا هُنَا. وَأَمَّا فِي اللَّازِمِ فَهُوَ بِالْكَسْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٨٠] اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>