رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَقِيسَ بِالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ غَيْرُهُمَا بِجَامِعِ التَّدْلِيسِ وَتُصَرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرَّ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ.
فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّصْرِيَةَ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ ثُبُوتُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ (وَتَحْمِيرُ وَجْهٍ
ــ
[حاشية الجمل]
شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ نَصُّهُ وَقَدْ سَخِطَ أَيْ غَضِبَ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ. .
وَفِي الْمِصْبَاحِ سَخِطَ سَخَطًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَالسُّخْطُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْهُ وَهُوَ الْغَضَبُ وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ فَيُقَالُ سَخِطْته وَسَخِطْت عَلَيْهِ وَأَسْخَطْته فَسَخِطَ مِثْلُ أَغْضَبْته فَغَضِبَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَفِي ع ش وَإِنْ سَخَطَهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ سَخَطَهَا رَدَّهَا إلَخْ) وَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ الرَّدِّ لِأَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ بَعْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَلِفَ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَرُدُّ بَعْضَ مَا بِيعَ صَفْقَةً وَلَوْ تَلِفَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَاللَّبَنُ لَا يُفْرَدُ بِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَرْئِيٍّ اهـ. ح ل، ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ جَوَّزْنَاهُ اتِّبَاعًا لِلْأَخْبَارِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ. بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ عَمْرًا فِي قَوْلِك ضَرَبْت زَيْدًا وَعَمْرًا يَجُوزُ فِيهِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا مَعَهُ وَكَوْنُهُ مَعْطُوفًا. وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الرَّضِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ الْعَطْفِ فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مَفْعُولًا مَعَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ رَدُّ الصَّاعِ فَوْرًا بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا بِهَامِشٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَفْعُولًا مَعَهُ اقْتَضَى أَنَّ رَدَّ الصَّاعِ مُصَاحِبٌ لِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ وَرَدُّهَا فَوْرِيٌّ فَيَكُونُ رَدُّ الصَّاعِ فَوْرِيًّا مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْرِيًّا فَالثَّانِي أَوْلَى أَوْ مُتَعَيَّنٌ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ فِي رَدِّ الصَّاعِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالرَّدِّ فِي الْمُصَرَّاةِ وَاضِحٌ فَمَا مَعْنَى التَّعْبِيرِ بِالرَّدِّ فِي الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ عَلَفْتهَا مَجَازًا عَنْ فِعْلٍ شَامِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ نَاوَلْتهَا فَيُحْمَلُ الرَّدُّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى نَحْوِ هَذَا التَّأْوِيلِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِجَامِعِ التَّدْلِيسِ) هَلَّا قَالَ وَالضَّرَرُ، وَقَدْ يُقَالُ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِيَحْسُنَ تَفْرِيعُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّصْرِيَةَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِوَزْنِ تُزَكُّوا) وَوَرَدَ أَيْضًا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَنَصْبِ الْإِبِلِ وَوَرَدَ أَيْضًا تُصَرُّ الْإِبِلُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَرَفْعِ الْإِبِلِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَإِنَّمَا اخْتَارَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ لِمُنَاسَبَتِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَتَصْرِيَةٍ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ» هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَنَصْبِ الْإِبِلِ مِنْ التَّصْرِيَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَرَوَيْنَاهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ مِنْ الصَّرِّ قَالَ وَعَنْ بَعْضِهِمْ «لَا تُصَرُّ الْإِبِلُ» بِضَمِّ التَّاءِ بِغَيْرِ وَاوٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَبِرَفْعِ الْإِبِلِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ الصَّرِّ أَيْضًا وَهُوَ رَبْطُ أَحْلَامِهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَالْمَشْهُورُ اهـ. شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ اهـ. . (قَوْلُهُ مِنْ صَرَّ الْمَاءُ) أَيْ صَرَّى الرُّبَاعِيُّ كَمَا هُوَ فِي الْمَحَلِّيِّ لِأَنَّ أَصْلَهُ صَرَرَى فَيَكُونُ بَعْدَ الرَّاءِ أَلِفٌ تُرْسَمُ يَاءً فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مِنْ صَرَّى بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ إلَّا أَنْ يُقَالَ حَذَفَهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لَكِنَّهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ مِنْ صَرَّ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ أَيْ فَهُوَ رُبَاعِيٌّ كَزَكَّى فَلِهَذَا ضُمَّ أَوَّلُ الْمُضَارِعِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِوَزْنِ تُزَكُّوا إلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَعْلُومِ وَأَنَّ الْإِبِلَ بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ نَصْبَ أَنْفُسِكُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] وَأَصْلُهُ تُصَرِّيُوا، مِثْلُ تُزَكِّيُوا فَاعِلٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ لِلسَّاكِنَيْنِ الْيَاءِ وَوَاوِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ نَقْلِ الضَّمَّةِ إلَى الرَّاءِ وَسَلْبِ حَرَكَتِهَا أَوْ حَذْفِ الضَّمَّةِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ مِنْ صَرَّى وَقِيلَ بِالْعَكْسِ أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ مِنْ صَرَّ اهـ. وَقَوْلُهُ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَيْ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدَةِ فِي الْفَتْوَى انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّرِّ وَهُوَ الرَّبْطُ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَالَ مُصَرَّرَةٌ أَوْ مَصْرُورَةٌ لَا مُصَرَّاةٌ وَلَيْسَ فِي مَحِلِّهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَكْرَهُونَ اجْتِمَاعَ مِثْلَيْنِ فَيَقْلِبُونَ أَحَدَهُمَا أَلِفًا كَمَا فِي دَسَّاهَا إذْ أَصْلُهَا دَسَسَهَا أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ أَصْلُ مُصَرَّاةٍ مُصَرَّرَةً أَبْدَلُوا مِنْ الرَّاءِ الْأَخِيرَةِ أَلِفًا كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ. اهـ.
ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِحُصُولِ التَّدْلِيسِ) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى الضَّرَرُ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَمَا إذَا ضَلَّتْ الْبَهِيمَةُ مُدَّةً حَصَلَ فِيهَا التَّصْرِيَةُ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ حَلْبٍ بَعْدَ أَنْ رَآهَا.
(قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَصْدًا قَيْدًا فِي الْحُرْمَةِ فَقَطْ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ أَيْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَتَحْمِيرُ وَجْهٍ إلَخْ) لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَبِيعِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى السَّيِّدِ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَبِيعِ