للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرَادُ مِنْهَا أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِ مُسَبِّحَتَيْهِ صِمَاخَيْهِ، وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَعَاطِفَهُمَا (وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ يَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهِ) كَلِحْيَةِ رَجُلٍ كَثِيفَةٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

(وَ) تَخْلِيلُ (أَصَابِعِهِ) لِخَبَرِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَالتَّخْلِيلُ فِي الشَّعْرِ بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَهُ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ مَثَلًا بَعْدَ تَفْرِيقِهَا وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ وَفِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهَا بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى مُبْتَدِئًا بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى خَاتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَتَعْبِيرِي بِشَعْرٍ إلَخْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ.

(وَتَيَمُّنٌ) أَيْ تَقْدِيمُ يَمِينٍ عَلَى يَسَارٍ (لِنَحْوِ أَقْطَعَ) كَمَنْ خُلِقَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ (وَلِغَيْرِهِ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا مَسْحُ الرَّقَبَةِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» فَمَوْضُوعٌ، وَالْغُلُّ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ طَوْقٌ مِنْ حَدِيدٍ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْأَسِيرِ يُضَمُّ بِهِ يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ وَبِكَسْرِهَا الْحِقْدُ وَمِنْهُ: قَوْله تَعَالَى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: ٤٣] أَيْ حِقْدٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ " لَا مَسْحُ الرَّقَبَةِ " مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش: قَوْلُهُ: لَا مَسْحُ الرَّقَبَةِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ مُؤَخَّرُ أَصْلِ الْعُنُقِ.

وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَالْعُنُقُ هُوَ الْوُصْلَةُ بَيْنَ الرَّأْسِ، وَالْجَسَدِ.

وَفِي الْقَامُوسِ الْوُصْلَةُ بِالضَّمِّ الِاتِّصَالُ وَكُلُّ مَا اتَّصَلَ بِشَيْءٍ فَمَا بَيْنَهُمَا وُصْلَةٌ، وَالْجَمْعُ كَصُرَدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا أَيْ الْمُسَبِّحَتَيْنِ اهـ ح ل وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ، وَالْحَاصِلُ كَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ تَقْدِيمَهَا عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ يُلْصِقَ كَفَّيْهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمَعَاطِفَهُمَا) مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ شَامِلٌ لِذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَلِحْيَةِ رَجُلٍ) أَيْ غَيْرِ مُحْرِمٍ أَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يُسَنُّ لَهُ التَّخْلِيلُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسَاقُطِ شَعْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُخَلِّلُ بِرِفْقٍ وَفَارَقَ سَنَّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِلصَّائِمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُؤَدِّي لِلْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ بِأَنَّ التَّخْلِيلَ أَقْرَبُ لِنَتْفِ الشَّعْرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: كَلِحْيَةِ رَجُلٍ) أَيْ وَعَارِضِهِ الْكَثِيفِ وَبَقِيَّةِ شُعُورِ وَجْهِهِ الْكَثِيفَةِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَشُعُورُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ الْكَثِيفَةِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا خِلَافًا لِلْمُؤَلِّفِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ) هُوَ أَبُو عَاصِمٍ: لَقِيطٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ ابْنُ عَامِرِ بْنُ صَبِرَةَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِسُكُونِ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا الْعُقَيْلِيُّ الصَّحَابِيُّ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَاصِمٌ وَابْنُ أَخِيهِ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ الْإِتْيَانُ بِهِ تَامًّا بِمَنْدُوبَاتِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَهُ) أَيْ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِغَرْفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخَلَلُ بِفَتْحَتَيْنِ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَالْجَمْعُ خِلَالٌ مِثْلُ جَبَلٍ وَجِبَالٍ وَخَلَّلَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ أَوْصَلَ الْمَاءَ إلَى خِلَالِهَا وَهِيَ الْبَشَرَةُ الَّتِي هِيَ مَنَابِتُ الشَّعْرِ وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَخَلَّلْتُ الْقَوْمَ إذَا دَخَلْت بَيْنَ خَلَلِهِمْ وَخِلَالِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ) أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ إحْدَى يَدَيْهِ فِي أَصَابِعِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَضَعَ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، أَوْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهُ يَضَعُ بَطْنَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ الْيُمْنَى وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ يَضَعُ بَطْنَ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْيُسْرَى وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ هَذِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى تَحَقُّقِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِالتَّشْبِيكِ) أَيْ لِأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَتِهِ فِيمَنْ بِالْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ أَوْ الْجَائِي إلَيْهَا أَيْ وَكَانَ تَشْبِيكُهُ عَبَثًا، وَخَرَجَ وَضْعُ الْأَصَابِعِ بَيْنَ بَعْضِهَا فَلَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَكَوْنُهُ بِالتَّشْبِيكِ أَفْضَلُ وَيَحْصُلُ بِغَيْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ، وَالْعَبَثُ حَالَ الذَّهَابِ لِلصَّلَاةِ - وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً - وَانْتِظَارِهَا فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي انْتِظَارِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَسْجِدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: خَاتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى) أَيْ الْأَكْمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ ثَانِيهَا بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثَالِثُهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ زَادَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ وَجْهًا رَابِعًا وَهُوَ أَنَّ كُلَّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ الرِّجْلَيْنِ بِأُصْبُعٍ مِنْ الْيَدِ وَلَوْ كَانَتْ أَصَابِعُهُ مُلْتَفَّةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَجَبَ، أَوْ مُلْتَحِمَةً حَرُمَ فَتْقُهَا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ أَيْ إنْ خَافَ مَحْذُورًا تَيَمَّمَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ) أَيْ وَلَوْ لَابِسًا لِلْخُفِّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْسَحُهُمَا مَعًا قَالَ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ: وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِهَا أَنَّ الْيَمِينَ مِنْ الْيُمْنِ وَهُوَ حُصُولُ الْخَيْرِ وَالشَّمَالُ - بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ - مِنْ الشُّؤْمِ وَتُسَمَّى الشُّؤْمَى وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللُّغَاتِ الْخَمْسَ إنَّمَا هِيَ فِي الشَّمَالِ بِمَعْنَى الرِّيحِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالشَّمَالُ الرِّيحُ تُقَابِلُ الْجَنُوبَ وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ الْأَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>