للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رَابِعِ الْفُرُوضِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْعِمَامَةِ كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا.

(فَ) مَسْحُ كُلِّ (أُذُنَيْهِ) بِمَاءٍ جَدِيدٍ لَا بِبَلَلِ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِهِمَا أَنْ يُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ وَيُدِيرَهُمَا عَلَى الْمَعَاطِفِ وَيُمِرَّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظَهْرِهِمَا، ثُمَّ يُلْصِقَ كَفَّيْهِ وَهُمَا مَبْلُولَتَانِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا

ــ

[حاشية الجمل]

فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا عِرْقِيَّةٌ وَيُفَارِقُ عَدَمُ إجْزَاءِ مَسْحِ الْخُفِّ الْأَعْلَى بِأَنَّهُ خِلَافُ الْخِفَافِ الْغَالِبَةِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ، وَالْغَالِبُ فِي الْعِمَامَةِ أَنْ تَكُونَ فَوْقَ شَيْءٍ فَلَمَّا طُلِبَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحَالُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّتْمِيمِ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ مِنْ الْعِمَامَةِ الْمُحَاذِيَ لِمَا مَسَحَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَمَسْحُ جَمِيعِ الْعِمَامَةِ أَكْمَلُ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ قَبْلَ الْمَسْحِ لِبَعْضِ الرَّأْسِ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَيُفَارِقُ إجْزَاءُ غَسْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْوَجْهِ قَبْلَ الْوَاجِبِ بِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَصَارَ لَهُ نَوْعُ اسْتِقْلَالٍ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ أَوَّلًا وَمِثْلُ الْعِمَامَةِ الْقَلَنْسُوَةُ وَالتَّاجُ وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِيعَابُ مَسْحِ رَأْسِهَا وَذَوَائِبِهَا الْمُسْتَرْسِلَةِ تَبَعًا وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ ذَوَائِبَ الرَّجُلِ بِذَوَائِبِهَا لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الذَّوَائِبِ وَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى نَحْوِ الْعِمَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ عَلَى طُهْرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِهِ كَأَنْ كَانَ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ نَحْوِ بَرَاغِيثَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ الَّذِي هُوَ رَابِعُ الْفُرُوضِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَقَوْلُهُ: عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ) الْأَوْلَى مِنْ الرُّبُعِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ حَتَّى يُرَاعَى خِلَافُهُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فَمَسْحُ كُلِّ أُذُنَيْهِ) أَيْ ظَاهِرِهِمَا وَهُوَ مَا يَلِي الرَّأْسَ، وَبَاطِنِهِمَا وَهُوَ مَا يَلِي الْوَجْهَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ أَخْذِ الْمَاءِ فَلَوْ بَلَّ أَصَابِعَهُ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِبَعْضِهَا وَأُذُنَيْهِ بِبَعْضِهَا كَفَى وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ امْتِنَاعَ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ بِبَلِّ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَبِبَلِّ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ طَهُورٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ لَا أَصْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ اهـ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كُلِّ أُذُنَيْهِ) تَعْبِيرُهُ بِكُلِّ يُوهِمُ أَنَّ مَسْحَ الْجَمِيعِ شَرْطٌ وَحِينَئِذٍ وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ يَكْفِي فِي حُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ مَسْحُ بَعْضِ الْأُذُنَيْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ الْجَمِيعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ ابْنَ قَاسِمٍ جَزَمَ بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ هَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ أَمْ لَا؟ أَقُولُ يَنْبَغِي حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ فِيهَا فَقَطْ وَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثُمَّ أُذُنَيْهِ فَاتَ مَسْحُ بَقِيَّةِ الرَّأْسِ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِحْبَابَ مَسْحِهِمَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِاسْتِيعَابِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِذِكْرِهِمْ لَهُ عَقِبَ مَسْحِ كُلِّهَا فَقَدْ وَهِمَ. (فَرْعٌ) :

لَوْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَأَخَذَ مَاءً لِأُذُنَيْهِ وَمَسَحَهُمَا وَانْمَسَحَ مَعَهُمَا جُزْءٌ مِنْ الرَّأْسِ فَهَلْ يُجْزِئُ مَسْحُ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَيَسْقُطُ بِهِ وَاجِبُ الرَّأْسِ كَمَا لَوْ جَلَسَ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَكَانَ الْأَخِيرَ وَكَأَنْ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَكَانَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَكَغَسْلِ اللُّمْعَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ لَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ م ر أَنَّهُ أَفْتَى بِالثَّانِي وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَ صَارِفًا عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَا يَضُرُّ فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ تَمَضْمَضَ فَانْغَسَلَ لُمْعَةٌ مِنْ الشَّفَتَيْنِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إعَادَةُ تِلْكَ اللُّمْعَةِ وَعُلِّلَ بِأَنَّ قَصْدَ الْمَضْمَضَةِ صَرَفَ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَإِنْ صَحَّتْ النِّيَّةُ مَعَ الْمَغْسُولِ قُلْنَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِضَعْفِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ إذْ الْغَرَضُ أَنَّهَا قَارَنَتْ غَسْلَ اللُّمْعَةِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا بِبَلِّ الرَّأْسِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَهَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَلَلِ الْأُولَى دُونَ بَلَلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا ذَكَرَ أَنَّ امْتِنَاعَ بَلَلِ مَاءِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَكْمَلِ، وَإِلَّا فَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: بِمَاءٍ جَدِيدٍ أَيْ لِيَحْصُلَ الْأَكْمَلُ، وَإِلَّا فَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِبَلِّ الرَّأْسِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَقَوْلُهُ: لَا بِبَلِّ الرَّأْسِ أَيْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَطْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: لَا بِبَلِّ الرَّأْسِ) أَيْ وَلَا بِبَلَلِ الصِّمَاخَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ وَلَا بِبَلِّ الْبَاطِنِ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي صِمَاخَيْهِ) تَثْنِيَةُ صِمَاخٍ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَهُوَ خَرْقُ الْأُذُنِ الَّذِي يُفْضِي إلَى السَّمْعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مَاءُ الصِّمَاخَيْنِ غَيْرَ مَاءِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: اسْتِظْهَارًا) أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ الْمَسْحِ لِلْكُلِّ اهـ ع ش وَيُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَمَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ فَيَكْمُلُ فِي طَهَارَتِهِمَا اثْنَا عَشَرَ مَرَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>