مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» وَغَايَةُ الْغُرَّةِ أَنْ يَغْسِلَ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ وَغَايَةُ التَّحْجِيلِ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ.
(وَوِلَاءٌ) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا.
وَيُسَنُّ أَيْضًا الدَّلْكُ.
(وَتَرْكُ اسْتِعَانَةٍ فِي صَبٍّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَلَا تَحْصُلُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ إلَّا لِمَنْ تَوَضَّأَ بِالْفِعْلِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا يَحْصُلَانِ لَهُ اهـ.
وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِلزَّنَانِيِّ الْمَالِكِيِّ لَا لِلشَّيْخِ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَوَضَّأَ حَالَ حَيَاتِهِ فَلَا يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْغَاسِلُ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْأَوَّلُ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ مَقَامَ الْوُضُوءِ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ) أَيْ وَتَحْجِيلَهُ وَخَصَّهَا لِشُمُولِهَا لَهُ، أَوْ لِكَوْنِ مَحَلِّهَا أَشْرَفَ الْأَعْضَاءِ وَأَوَّلَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ اهـ مُنَاوِيٌّ وَتُسَنُّ إطَالَتُهُمَا فِي التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ عَطْفًا عَلَى مَا يُسَنُّ، وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَالِبِ وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَوِلَاءٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْمَدِّ أَيْ تَتَابُعٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي) لَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ، ثُمَّ الْأُذُنَيْنِ، ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَكَانَ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لَوْ لَمْ يُفْرَضْ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَجَفَّ الرَّأْسُ وَبِوَاسِطَتِهِ لَمْ يَحْصُلْ الْجَفَافُ لِلْأُذُنَيْنِ لَوْ قُدِّرَ غَسْلُهُمَا قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَالَاةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ حَصَلَ الْجَفَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَدِ وَلَمَّا غَسَلَ الثَّالِثَةَ لَمْ يَجِفَّ مَحَلُّهَا وَقُلْنَا بِحُصُولِ الْمُوَالَاةِ.
وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِذَا غَسَلَهُمَا ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ قَالَ سم عَلَيْهِ هَلْ يُشْتَرَطُ الْوِلَاءُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَوَالَى بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَالْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهَا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ سُنَّةُ الْمُوَالَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الِاشْتِرَاطَ أَقْرَبُ بَلْ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَجِفُّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَتَعِبَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ) بِالْمَدِّ اسْمٌ لِلرِّيَاحِ الَّتِي تَهُبُّ وَتَسِيرُ بِهَا السُّفُنُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْعُنْصُرِ الْمَمْلُوءِ بِهِ الْجَوُّ وَبِالْقَصْرِ مَيْلُ النَّفْسِ إلَى مَا لَا يَلِيقُ شَرْعًا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَيْلِ النَّفْسِ الْمَحْمُودِ كَمَحَبَّةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَقَدْ اجْتَمَعَ الْهَوَاءَانِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ
جُمِعَ الْهَوَاءُ مَعَ الْهَوَى فِي مُهْجَتِي ... فَتَكَامَلَتْ فِي أَضْلُعِي نَارَانِ
فَقَصَرْتُ بِالْمَمْدُودِ عَنْ نَيْلِ الْمُنَى ... وَمَدَدْتُ بِالْمَقْصُورِ فِي أَكْفَانِي
، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:، وَالْمِزَاجِ) فِي الْمِصْبَاحِ مِزَاجُ الْجَسَدِ بِالْكَسْرِ طَبَائِعُهُ الَّتِي تَأَلَّفَ مِنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا) أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا وَإِذَا ثَلَّثَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعِبْرَةُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ الْوِلَاءُ فِي غَيْرِ وُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَالْوِلَاءُ وَاجِبٌ فِي حَقِّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَيْضًا الدَّلْكُ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ وَيَدْلُكَ الْعُضْوَ لِأَجْلِ أَنْ يَعُمَّ الْمَاءُ الْعُضْوَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعَمِّمُ الْعُضْوَ بِالْمَاءِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَدْلُكُ بَعْدَهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَعُمُّ الْعُضْوَ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ الدَّلْكِ وَيُبَالِغُ فِي الْعَقِبِ خُصُوصًا فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ وَرَدَ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَالَ حَجّ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ تَمَامِ غَسْلِ الْعُضْوِ اهـ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ إيضَاحٍ فِي بَابِ الْغُسْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ اسْتِعَانَةٍ فِي صَبٍّ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِعْمَالُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوُضُوءِ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِي الصَّغِيرَةِ، وَنَظَافَةُ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فِي صَبٍّ) اُنْظُرْ لِمَ قَيَّدَ بِذَلِكَ وَهَلَّا تَرَكَهُ لِيَشْمَلَ تَرْكَ الِاسْتِعَانَةِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي وَأَجَابَ شَيْخُنَا حف بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِلْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى فَلَوْ أَطْلَقَ فِي الِاسْتِعَانَةِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ فِي الْغَسْلِ خِلَافُ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِالتَّقْيِيدِ وَلَوْ أَطْلَقَ أَيْضًا لَاقْتَضَى أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ فِي إحْضَارِ الْمَاءِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَتَرْكَهَا سُنَّةٌ، مَعَ أَنَّهَا وَتَرْكَهَا مُبَاحَانِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِ الْإِعَانَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَنْعِ فَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرَى