للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " فِي صَبٍّ " الِاسْتِعَانَةُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَالِاسْتِعَانَةُ فِي إحْضَارِ الْمَاءِ وَالْأُولَى مَكْرُوهَةٌ إلَّا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ قَدْ تَجِبُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالثَّانِيَةُ لَا بَأْسَ بِهَا.

(وَ) تَرْكُ (نَفْضٍ) لِلْمَاءِ؛ لِأَنَّ نَفْضَهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ وَقَالَ فِي شَرْحَيْ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُبَاحٌ، تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءً.

(وَ) تَرْكُ (تَنْشِيفٍ) بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَتَتْهُ مَيْمُونَةُ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

(وَالذِّكْرُ الْمَشْهُورُ عَقِبَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْغَالِبِ فَقَدْ تَرِدُ السِّينُ لِغَيْرِ الطَّلَبِ كَاسْتَحْجَرَ الطِّينُ أَيْ صَارَ حَجَرًا فَلَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِهِ كَانَ كَطَلَبِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَلْ مِنْ التَّرَفُّهِ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ وَتَرْكُ الْمِلْحِ حَيْثُ لَا عُذْرَ الظَّاهِرُ لَا اهـ ح ل.

وَفِي الْمِصْبَاحِ رَفُهَ الْعَيْشُ بِالضَّمِّ رَفَاهَةً وَرَفَاهِيَةً بِالتَّخْفِيفِ اتَّسَعَ وَلَانَ وَهُوَ فِي رَفَاهِيَةٍ مِنْ الْعَيْشِ وَرَفَهْنَا رَفْهًا وَرُفُوهًا أَصَبْنَا نِعْمَةً وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَرْفَهْتُهُ وَرَفَّهْته فَتَرَفَّهَ وَرَجُلٌ رَافِهٌ مُتَرَفِّهٌ مُسْتَرِيحٌ مُسْتَمْتِعٌ بِنِعْمَتِهِ وَرَفَّهَ نَفْسَهُ تَرْفِيهًا أَرَاحَهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعِينُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ كَالْكَافِرِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: وَالْأُولَى مَكْرُوهَةٌ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعِينُ كَافِرًا عَلَى الْأَوْجُهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ فَاضِلَةً عَنْ كِفَايَةِ مُؤْنَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ م ر: فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا، أَوْ طَلَبَ الْمُعِينُ زِيَادَةً تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ، وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ز ي أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي الْإِعَادَةِ، وَإِذَا اسْتَعَانَ بِمَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَأَحْسَنُ أَدَبًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَنْشِيفٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ فَاءٌ وَهُوَ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا لَا أَنَّهُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ يُقَالُ نَشِفَ الثَّوْبُ الْعَرَقَ وَنَشِفَ الْحَوْضُ الْمَاءَ شَرِبَهُ وَبَابُهُ فَهِمَ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْشِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْنُونَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ؛ إذْ هُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) أَمَّا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ بَلْ يَتَأَكَّدُ سَنَّهُ كَأَنْ خَرَجَ عَقِبَ وُضُوئِهِ فِي هُبُوبِ رِيحٍ بِنَجَسٍ، أَوْ آلَمَهُ شِدَّةٌ نَحْوُ بَرْدٍ، أَوْ كَانَ يَتَيَمَّمُ، وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ ز ي وُجُوبَهُ فِي ظَنِّ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَيُسَنُّ تَنْشِيفُهُ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْبَلَاءُ وَإِذَا نَشَّفَ الْإِنْسَانُ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ أَوْ طَرَفِ ثَوْبِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ أَنْ يَبْدَأَ بِيَسَارِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي عَلَى أَعْضَائِهِ مَاءُ عِبَادَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ يَمِينَهُ عَنْ يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ وَهَذِهِ حِكْمَةٌ لَطِيفَةٌ أَبَدَاهَا الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِمِنْدِيلٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتُفْتَحُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِإِبَاحَةِ النَّفْضِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: يَقُولُ بِالْمَاءِ) أَيْ يَفْعَلُهُ وَقَوْلُهُ " هَكَذَا مَفْعُولٌ " بِهِ وَقَوْلُهُ: يَنْفُضُهُ بَدَلٌ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لَهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: يَنْفُضُهُ) بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ بَابِ نَصَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَيْ وَسُنَّ الذِّكْرُ إلَخْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِهِ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الْفَرَاغِ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَقِبَهُ فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بَيْنَهُمَا لِمَا وَرَدَ أَنَّ «مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ» اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: عَقِبَهُ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ وَبِقَوْلِهِ فَوْرًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ اهـ وَلَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ اهـ حَجّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَتَى طَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا لَا يَأْتِي بِهِ كَمَا لَا يَأْتِي بِسُنَّةِ الْوُضُوءِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَأَنَّ سُنَّةَ الْوُضُوءِ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ مَا نَصُّهُ وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضُّحَى فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ طَلَبُهَا، وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهَا فِي الْوَقْتِ قَاصِدًا الْإِعْرَاضَ عَنْ بَاقِيهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا، احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضَتِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّي عَقِبَهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِتَامِ الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ التَّوَّابِينَ) أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الْعُيُوبِ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ صَرِيحًا وَلَا لُزُومًا بِإِكْثَارِ وُقُوعِ الذَّنْبِ مِنْهُ بَلْ بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَنْبٌ أُلْهِمَ التَّوْبَةَ مِنْهُ، وَإِنْ كَثُرَ وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ كَمَا وَرَدَ «كُلُّكُمْ خَطَّاءُونَ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ بَابِ مَوْلَاهُمْ وَلَمْ يَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِهِ.

وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ أَيْ بِالْإِخْلَاصِ عَنْ تَبِعَاتِ الذُّنُوبِ السَّابِقَةِ وَعَنْ التَّلَوُّثِ بِالسَّيِّئَاتِ اللَّاحِقَةِ أَوْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>