. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
جِهَةُ الْغَصْبِ وَهِيَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ مَهْرَ بِكْرٍ لَتَضَاعَفَ غُرْمُ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ اهـ. ح ل.
(تَتِمَّةٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ فَصْلٌ الْإِقَالَةُ وَهِيَ مَا تَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ الْمَالِيَّ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ جَائِزَةٌ وَتُسَنُّ لِنَادِمٍ أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «نَادِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ» وَهِيَ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ وَإِلَّا لَصَحَّتْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَبِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا مَسَائِلَ، فَقَالَ فَيَجُوزُ تَفَرُّقُ الْمُتَقَايِلَيْنِ أَيْ تَفْرُقُهُمَا عَنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ فِي الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَا يَتَجَدَّدُ بِهَا شُفْعَةٌ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ التَّلَفِ لَهُمَا.
وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْآبِقَ فَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّالِفِ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ يُرَدُّ عَلَى الْمَرْدُودِ وَلَا مَرْدُودَ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ الْآبِقِ مِنْ يَدِ الْمُنْتَهِبِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ أَيْ التَّالِفِ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَنَظَائِرِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَهَا أَيْ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الثَّمَنَ فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي الْبَابِ الْآتِي، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِقَالَةُ بِتَلَفِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ بَلْ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الْعِوَضِ كَالْمَأْخُوذِ قَرْضًا وَسَوْمًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا بِأَقَلِّ قِيمَتَيْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَقَلِّ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ التَّلَفِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهَا رَدٌّ بِعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَهَا وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أَرْشُ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ أَمْ بَيْعٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَالَ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ أَوْ فَسْخٌ فَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَهُ الْحَبْسُ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْخِيَارِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ التَّفَاسُخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْحَبْسُ بَلْ إذَا طَالَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَزِمَ الْآخَرَ الدَّفْعُ إلَيْهِ، ثُمَّ يَدْفَعُ مَا كَانَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْبُدَاءَةِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ لِكُلٍّ حَبْسَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا رَفَعَ حُكْمَ الْعَقْدِ وَبَقِيَ التَّسْلِيمُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَهِيَ تُوجِبُ الرَّدَّ وَهُنَاكَ التَّسْلِيمُ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ اهـ.
فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَبْسَ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ فَعَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِيمَا مَرَّ بِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ سَاقَ فِيهِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَلَفْظُهَا أَيْ الْإِقَالَةِ قَوْلُ الْعَاقِدَيْنِ تَقَايَلْنَا أَوْ تَفَاسَخْنَا أَوْ قَوْلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ أَقَلْتُك وَنَحْوَهُ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَصِحَّتِهَا ذِكْرُ الثَّمَنِ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَأَيَّدَ بِالنَّصِّ الْآتِي، لَكِنْ كَلَامُ الْإِمَامِ الْآتِي يُنَافِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِيهِ وَلَعَلَّ النَّصَّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ لَا فَسْخٌ، وَإِنْ نَصَّ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ زَادَ فِيهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ شَرَطَ فِيهَا أَجَلًا أَوْ أَخْذَ صِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَوْ عَكْسَهُ بَطَلَتْ وَبَقِيَ الْعَقْدُ بِحَالِهِ وَتَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْعَاقِدِ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ اسْتَأْجَرُوا مَنْ يَحُجُّ عَنْ مُوَرِّثِهِمْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةَ وَلَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِهَا، ثُمَّ تَقَايَلُوا مَعَ الْأَجِيرِ لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا لَهُمْ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي، وَلَوْ أَقَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَقِيمَتُهُ أَضْعَافُ ثَمَنِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ وَتَصِحُّ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا تَصِحُّ فِي كُلِّهِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى، قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْ جَهَالَةٌ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ عَلَى قَوْلِنَا أَنَّهَا بَيْعٌ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ الْبَعْضِ، وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ عَلَى قَوْلِنَا أَنَّهَا فَسْخٌ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحِصَّةِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَابِلِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ، قُلْتُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ لَكِنْ إنْ أَقَالَهُ فِي الْبَعْضِ لِيُعَجِّلَ لَهُ الْبَاقِيَ أَوْ عَجَّلَ لَهُ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِيُقِيلَهُ فِي الْبَاقِي فَهِيَ فَاسِدَةٌ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَقَايَلَا أَوْ تَفَاسَخَا بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالَفَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute