كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الجمل]
الزِّيَادِيِّ فِيمَا كَتَبَهُ هُنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِهِ لِوُجُودِ الْعَقْدِ إلَخْ أَيْ فَتَعَدَّدَتْ الْجِهَةُ بِسَبَبِ الِاخْتِلَافِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ وَتَعَدُّدُ الْجِهَةِ يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَالْجِهَةُ وَاحِدَةٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا هُنَا إذَا نُظِرَ إلَيْهِ مَعَ الْغَصْبِ وَالدِّيَاتِ يُفَرَّقُ بِالْقُوَّةِ وَبِالضَّعْفِ، وَإِذَا نُظِرَ إلَيْهِ مَعَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفَرَّقُ بِتَعَدُّدِ الْجِهَةِ وَعَدَمِهِ وَتَعَدُّدُ الْجِهَةِ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الزِّيَادِيِّ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْجِهَةَ الْمُضَمَّنَةَ هُنَا لَمَّا اخْتَلَفَتْ بِسَبَبِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ إيجَابُ مُقَابِلِ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ إذْ الْمُوجِبُ لِمَهْرِ الْبِكْرِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِكْرًا وَلِأَرْشِ الْبَكَارَةِ إزَالَةُ الْجِلْدَةِ بِخِلَافِ جِهَةِ الْغَصْبِ فَإِنَّهَا وَاحِدَةٌ فَلَوْ أَوْجَبَتْ مَهْرَ بِكْرٍ لَتَضَاعَفَ غُرْمُ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْغَاصِبُ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي عَدَمِ مِلْكِهِ أَوْلَى بِالتَّغْلِيظِ مِمَّنْ اُخْتُلِفَ فِي مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ وَأَجَابَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ تَنْظِيرًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ بَلْ فِي إعْطَائِهِ حُكْمَ الصَّحِيحِ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ فَكَمَا أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ أُعْطِيَ حُكْمَ صَحِيحِهِ فِي وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ لِوُجُوبِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْخَالِي مِنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ أُعْطِيَ حُكْمَ صَحِيحِهِ فِي وُجُوبِ أَرْشِ بَكَارَةٍ لِوُجُوبِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ عَلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ رَدَّ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ بَعْدَ افْتِضَاضِهَا لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ مَعَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وُجُوبُهُ لَا مِنْ حَيْثُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَلْ مِنْ حَيْثُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. حَاشِيَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ إلَخْ مِمَّا نَصُّهُ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلٍّ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ هُوَ عَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي قَدْرِ الْمَرْجُوعِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ الرَّاجِحُ مَا هُنَا مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَلَى مَهْرِ الْبِكْرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) الْمُعْتَمَدُ فِيهِ وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ فَقَطْ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَاخِرَ فَصْلِ التَّفْوِيضِ اهـ. ح ل، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَمْتَعَ بِبِكْرٍ وَأَزَالَ الْجِلْدَةَ وَجَبَ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَإِنْ قَوِيَ مِلْكُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَيَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ لَمْ يَقْوَ عَلَى شَيْئَيْنِ وَكَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي إزَالَةِ الْجِلْدَةِ أَوْ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَالْجِنَايَاتِ وَعَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ فِيهِمَا لِكَوْنِ الْجِهَةِ وَاحِدَةً وَلَا شُبْهَةَ وَلَا مِلْكَ فَتَأَمَّلْ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ م ر فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ كَالْغَصْبِ وَالدِّيَاتِ وَارْتَضَاهُ ع ش هُنَاكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي فَصْلٍ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا فَمَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ ظَاهِرٌ اهـ. شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ أَيْ فَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ يَجِبُ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا وَطِئَ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ هَذَا هُوَ مَعْنَى عِبَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ كَمَا هُنَا أَيْ كَالْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذَكَرَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّعْلِيلِ أَيْ قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْعَقْدِ إلَخْ وَمَا ذُكِرَ هُوَ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ فَلَيْسَ فِيهَا عَقْدٌ مُخْتَلَفٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاطِئِ إذْ هُوَ أَجْنَبِيٌّ كَمَا عَلِمْت فَلَيْسَ لَهُ مِلْكٌ لَا ضَعِيفٌ وَلَا قَوِيٌّ لَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَالْفَرْقَ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ غَصْبٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ الْمِلْكُ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ هَذَا الْمُقَدَّرِ فِي الْفَرْقِ فَافْهَمْ. اهـ. سَبْط طب.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمُوجِبُ الْمَهْرِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِكْرًا وَمُوجِبُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ إزَالَةُ الْجِلْدَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا أَيْ فِي الْجِنَايَةِ وَمَوْجُودٌ فِي الْغَصْبِ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُوجِبُ لِمَهْرِ الْبِكْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute