للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَحْوَهَا فَالْمَسْحُ أَفْضَلُ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَكَذَا فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْمَسْحُ فَيَحْرُمُ تَرْكُهُ وَالْكَرَاهَةُ فِي التَّرْكِ رَغْبَةً أَوْ شَكًّا تَأْتِي فِي سَائِرِ الرُّخَصِ وَخَرَجَ بِالْوُضُوءِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَالْغُسْلُ وَلَوْ مَنْدُوبًا فَلَا مَسْحَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْوُضُوءِ (لِمُسَافِرٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (سَفَرَ قَصْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ وَلِغَيْرِهِ) مِنْ مُقِيمٍ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ وَمُسَافِرٍ سَفَرَ غَيْرِ قَصْرٍ كَعَاصٍ بِسَفَرِهِ وَمُسَافِرٍ سَفَرًا قَصِيرًا (يَوْمًا وَلَيْلَةً) .

لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» وَأُلْحِقَ بِالْمُقِيمِ الْمُسَافِرُ سَفَرَ غَيْرِ قَصْرٍ وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهِنَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ مُتَّصِلَةٌ بِهِنَّ سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَيْلَتَهُ بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَمْ لَا بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ وَابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ (مِنْ آخِرِ حَدَثٍ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ عَرَفَةَ) فِيهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ لِعِصْيَانِهِ بِاللُّبْسِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا لَبِسَهُ لِضَرُورَةٍ اهـ شَيْخُنَا، أَوْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ وَقْتُ الْمَسْحِ حَلَالًا وَمُرَادُهُ الْإِحْرَامُ إذَا وَصَلَ عَرَفَةَ وَوُصُولُهَا يَفُوتُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْغَسْلِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْفَاذِ أَسِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَرَفَةَ اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " فَوْتَ الْجَمَاعَةِ " إلَخْ أَيْ أَوْ خَافَ نَحْوَهَا كَأَنْ خَافَ انْفِجَارَ الْمَيِّتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْغَسْلِ وَقَدْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَكَأَنْ خَافَ رَفْعَ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فِي الْجُمُعَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْغَسْلِ. (قَوْلُهُ: فَالْمَسْحُ أَفْضَلُ) لَمَّا كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مُقَابِلَ الْمَسْحِ - وَهُوَ الْغَسْلُ - خِلَافُ الْأَوْلَى أَضْرَبَ عَنْهُ وَقَالَ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ يَتَحَقَّقُ بِالْغَسْلِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْمَسْحُ لِخَوْفِ فَوْتِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّ لَهُ بَدَلًا مُتَيَسَّرًا فَوُجُوبُهُ لِخَوْفِ فَوْتِ مَا لَا بَدَلَ لَهُ كَإِنْقَاذِ الْأَسِيرِ، أَوْ مَا لَهُ بَدَلٌ بِمَشَقَّةٍ كَالْوُقُوفِ أَوْلَى تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْدُوبًا) هَلَّا قَالَ وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ لِيَشْمَلَ النَّجَاسَةَ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا فَإِنَّهُ يُنْدَبُ إزَالَتُهَا قُلْت لِمَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْأَصْلُ فِي إزَالَتِهَا الْوُجُوبُ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ بَعْضِهَا تَسْهِيلًا عَلَى الْعِبَادِ وَلَا كَذَلِكَ الْغَسْلُ فَافْتَرَقَا اهـ ع ش وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَنْدُوبًا رَاجِعٌ لِلْقِسْمَيْنِ بِتَأْوِيلِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْغَايَةُ فِي كَلَامِهِ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ تَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مُقِيمٍ) أَيْ وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ كَقِنٍّ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِالسَّفَرِ فَأَقَامَ وَقَدْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ بِكَوْنِهِ رُخْصَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَتْ الْإِقَامَةُ سَبَبَ الرُّخْصَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَخَذْتُهُ مِنْ ضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ إلَخْ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ حَتَّى فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِ يَمْسَحَ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَعْمُولَ صِلَةِ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا بِ أَرْخَصَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِمُقَدَّرٍ، وَالْأَصْلُ أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ مَسْحَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَانْتَصَبَ الْمُضَافُ إلَيْهِ انْتِصَابَهُ عَلَى التَّوَسُّعِ لِضَعْفِ عَمَلِ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا وَقَوْلُهُ: أَنْ يَمْسَحَ بَدَلٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ بَدَلُ كُلٍّ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً اهـ ح ل وسم وع ش وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهِنَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ وَهُوَ أَنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ هِيَ السَّابِقَةُ عَلَيْهِ لَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ، وَالْمُسَافِرُ يَمْسَحُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلَاثَ لَيَالٍ مُطْلَقًا كَمَا يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَذَلِكَ وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِلَيَالِيِهِنَّ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْفَجْرِ فَلَا يَمْسَحُ سِوَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْلَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَقَطْ لِسَبْقِهَا عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرَهُ وَفَارَقَ الْخِيَارَ فِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يَسْتَفِيدَانِ اللَّيْلَةَ الْمَذْكُورَةَ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ لِلُّبْسِ مَوْجُودٌ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ التَّخْفِيفُ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْخِيَارِ وَهُوَ التَّرَوِّي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ اسْتِمْرَارُهُ إلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حُصُولُهُ قَبْلَهَا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إدْخَالِهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.

وَالْمُقَرَّرُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ بَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ فَيُقَالُ فِيهِ سَوَاءٌ سَبَقَ الْيَوْمُ لَيْلَتَهُ بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَوْ سَبَقَ اللَّيْلَةُ يَوْمَهَا بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ وَلَوْ أَحْدَثَ أَثْنَاءَ اللَّيْلَةِ، أَوْ أَثْنَاءَ الْيَوْمِ اعْتَبَرَ قَدْرَ الْمَاضِي مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، أَوْ الْيَوْمِ الثَّانِي اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ حَدَثٍ) أَيْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِأَنْ كَانَ بَوْلًا، أَوْ غَائِطًا، أَوْ رِيحًا، أَوْ جُنُونًا وَمِنْ أَوَّلِهِ إنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ كَالنَّوْمِ اهـ م ر وَجُعِلَ الْبَوْلُ وَمَا بَعْدَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ جَعْلُهُ النَّوْمَ اخْتِيَارِيًّا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ حَدَثٍ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ نَوْمًا، أَوْ مَسًّا أَوْ لَمْسًا عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَلَوْ نَوْمًا، أَوْ مَسًّا، أَوْ لَمْسًا وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ ح ل وَلَوْ اجْتَمَعَ مَا هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَمَا هُوَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَسَّ وَبَالَ فَيُرَاعَى مَا هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ سَبَقَ عَلَيْهِ مَا هُوَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

(فَرْعٌ) : وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اُبْتُلِيَ بِالنُّقْطَةِ وَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>