بَعْدَ لُبْسٍ) ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِذَلِكَ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ فِيهَا لِمَا يَشَاءُ مِنْ الصَّلَوَاتِ (لَكِنْ دَائِمُ حَدَثٍ) كَمُسْتَحَاضَةٍ (وَمُتَيَمِّمٌ لَا لِفَقْدِ مَاءٍ) كَمَرَضٍ وَجُرْحٍ (إنَّمَا يَمْسَحَانِ لِمَا يَحِلُّ) لَهُمَا مِنْ
ــ
[حاشية الجمل]
زَمَنُ اسْتِبْرَائِهِ مِنْهَا يَأْخُذُ زَمَنًا طَوِيلًا فَهَلْ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ فَرَاغِ الْبَوْلِ، أَوْ مِنْ آخِرِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا شُرِعَ لِيَأْمَنَ عَوْدَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ فَحَيْثُ انْقَطَعَ دَخَلَ وَقْتُ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَوْدِهِ لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ انْقِطَاعِهِ صَحَّ وُضُوءُهُ، نَعَمْ لَوْ فُرِضَ اتِّصَالُهُ حُسِبَتْ مِنْ آخِرِهِ انْتَهَتْ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: مِنْ الْحَدَثِ أَيْ مِنْ آخِرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ وَهُوَ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْإِحْدَاثِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهُ فِي النَّوْمِ وَاللَّمْسِ، وَالْمَسِّ وَالسُّكْرِ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آخِرِهِ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَكُونَ عَنْ اخْتِيَارٍ وَيُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ، وَالْجُنُونِ إنْ وُجِدَا فِي أَثْنَائِهَا وَلَوْ اجْتَمَعَ حَدَثَانِ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرِهِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ آخِرِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا م ر تُحْسَبُ مِنْ أَوَّلِ الَّذِي بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ كَلَمْسٍ فِي أَثْنَاءِ جُنُونٍ وَلَوْ تَقَطَّعَ بَوْلُهُ مَعَ تَوَاصُلٍ فَمِنْ آخِرِهِ، وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ أَوَّلِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ لُبْسٍ) فَلَوْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ لُبْسًا عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ بَعْدَ حَدَثِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ عَنْهُ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ ثَانِيًا وَمَسَحَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ مِنْ آخِرِ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ بَعْدَ لُبْسٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ التَّجْدِيدِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ جَوَازُهُ بَلْ سَنَّهُ فَالْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَقْتُ الْمَسْحِ الرَّافِعُ لِلْحَدَثِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي سَيَأْتِي لَهُ - أَيْ لِ " مَرَّ " - هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ لِلَابِسِ الْخُفِّ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ قَبْلَ حَدَثِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ كَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَيَمْسَحُ فِيهَا لِمَا يَشَاءُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ " لَكِنْ دَائِمُ حَدَثٍ إلَخْ " اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَحْذُوفٍ عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَمُسْتَحَاضَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَمْسَحَ؛ لِأَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ - وَهُوَ الْأَوْجَهُ -: إذَا اغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ فَهِيَ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَابِسَةً قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ تَمْسَحْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمُتَيَمِّمٌ لَا لِفَقْدِ مَاءٍ) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ تَيَمَّمَ، ثُمَّ لَبِسَ خُفَّهُ عَلَى هَذَا الطُّهْرِ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَكَلَّفَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ لِتَضَرُّرِهِ وَمَسَحَ الْخُفَّ فِي هَذَا الْوُضُوءِ فَلَا يُصَلِّي بِهَذَا الْوُضُوءِ إلَّا فَرْضًا وَنَوَافِلَ، أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ فَإِنْ أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ وَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفِّ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ وَلَمْ يُحْدِثْ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ؛ فِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُتَيَمِّمِ، وَأَمَّا فِي الدَّائِمِ فَمُسَلَّمٌ؛ إذْ وُضُوءُهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنْ أَرَادَ هَذَا الْمُتَيَمِّمُ الرُّجُوعَ لِحَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ التَّيَمُّمِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ بَلْ يَتَيَمَّمُ عَنْ رِجْلَيْهِ فَقَطْ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ فَحَدَثُهَا مُرْتَفِعٌ بِالْوُضُوءِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ وَجُرْحٍ) أَيْ وَبَرْدٍ بِأَنْ تَكَلَّفَ الْمُتَيَمِّمُ غَسْلَ أَعْضَائِهِ وَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يَضُرُّهُ إذْ لَوْ لَمْ يَضُرَّهُ لَبَطَلَ لِحُصُولِ الشِّفَاءِ وَهَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى خُفٍّ مَلْبُوسٍ عَلَى تَيَمُّمٍ مَحْضٍ لِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ اهـ ح ل أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي لَبِسَ عَلَيْهِ الْخُفَّ هُوَ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَبِيحُ بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ، أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِهِ فُرُوضًا كَثِيرَةً، ثُمَّ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ عَلَى التَّيَمُّمِ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ فَإِنَّ وُضُوءَهُ هَذَا يَسْتَبِيحُ بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي لَبِسَ عَلَيْهِ الْخُفَّ فَرْضًا، أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى بِهِ فَرْضًا وَقَدْ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي لُبْسِ الْخُفِّ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَبِسَهُ لِدَفْعِ بَرْدٍ مَثَلًا، أَوْ يُقَالَ: لَبِسَهُ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا شُفِيَ وَتَوَضَّأَ، أَوْ إذَا تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَتَوَضَّأَ اهـ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ خَاتِمَةُ الْحُكْمِ قَدْ يَتَعَلَّقُ عَلَى التَّرْتِيبِ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ، أَوْ يُبَاحُ قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي تَمْثِيلِ الْمُبَاحِ مَا نَصُّهُ: كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْوُضُوءِ وَقَدْ يُبَاحُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنْ يَتَيَمَّمَ لِخَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ مِنْ الْوُضُوءِ مَنْ عَمَّتْ ضَرُورَتُهُ مَحَلَّ الْوُضُوءِ ثُمَّ تَوَضَّأَ مُتَحَمِّلًا لِمَشَقَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute