الصَّلَوَاتِ (لَوْ بَقِيَ طُهْرُهُمَا) الَّذِي لَبِسَا عَلَيْهِ الْخُفَّ وَذَلِكَ فَرْضٌ وَنَوَافِلُ أَوْ نَوَافِلُ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ حَدَثُهُمَا بَعْدَ فِعْلِهِمَا الْفَرْضَ لَمْ يَمْسَحَا إلَّا لِلنَّوَافِلِ؛ إذْ مَسْحُهُمَا مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِمَا وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ فَرْضًا آخَرَ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرْضٍ وَنَوَافِلَ فَكَأَنَّهُ لَبِسَ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَمَا مَرَّ أَمَّا التَّيَمُّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا يَمْسَحُ شَيْئًا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ طُهْرَهُ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا وَكَذَا كُلٌّ مِنْ دَائِمِ الْحَدَثِ وَالْمُتَيَمِّمِ لِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ إذَا زَالَ عُذْرُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلِي آخِرًا مِنْ لَكِنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(فَإِنْ مَسَحَ) وَلَوْ أَحَدَ خُفَّيْهِ (حَضَرًا فَسَافَرَ) سَفَرَ قَصْرٍ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ مَسَحَ سَفَرًا فَأَقَامَ (لَمْ يُكْمِلْ مُدَّةَ سَفَرٍ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ لِأَصَالَتِهِ فَيَقْتَصِرُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مُدَّةِ حَضَرٍ وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُدَّتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ وَعُلِمَ مِنْ
ــ
[حاشية الجمل]
بُطْءِ الْبُرْءِ، وَإِنْ بَطَلَ بِوُضُوئِهِ تَيَمُّمُهُ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ انْتَهَتْ.
فَجَعَلَ الْوُضُوءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُبَاحًا، وَسَلَّمَ الْحَوَاشِي لَهُ ذَلِكَ بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَقَالَ: لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ خَائِفٌ الْمَشَقَّةَ لَا عَالِمٌ بِهَا فَحِينَئِذٍ قَوْلُ بَعْضِ الْحَوَاشِي فِي تَصْوِيرِ قَوْلِ الْمَتْنِ " وَمُتَيَمِّمٌ لَا لِفَقْدِ مَاءٍ، وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ حَرَامًا عَلَيْهِ " لَيْسَ بِلَازِمٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ إمْكَانِ تَصْوِيرِهِ بِصُورَةٍ يَكُونُ الْوُضُوءُ فِيهَا مُبَاحًا وَهِيَ صُورَةُ الْخَوْفِ لَا الْعِلْمِ انْتَهَى لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ " وَشَرْطُ الْخُفِّ لُبْسُهُ بَعْدَ طُهْرٍ " نَصُّهَا: وَنَكَّرَ الطُّهْرَ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِإِعْوَازِ الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ بَلْ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لَزِمَهُ نَزْعُهُ، وَالْوُضُوءُ الْكَامِلُ، [وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَأَحْدَثَ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ فَهُوَ كَدَائِمِ الْحَدَثِ انْتَهَتْ] .
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ وُضُوءُ دَائِمِ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْوُضُوءُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَيُسْتَفَادُ بِهِ مَا كَانَ يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ لَوْ بَقِيَ مِنْ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ، أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ فُعِلَ بِهِ فَرْضٌ وَيَجِبُ النَّزْعُ فِي الْوُضُوءِ لِفَرْضٍ آخَرَ انْتَهَتْ.
وَفِي ق ل عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ يَعْنِي إذَا لَبِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْخُفَّ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا، ثُمَّ أَحْدَثَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ الْأَوَّلِ إلَّا غَسْلَ رِجْلَيْهِ فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَبِسَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَيُصَلِّي بِهَذَا الْمَسْحِ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى بِالْأَوَّلِ فَرْضًا، وَإِلَّا فَيُصَلِّي بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ، وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ النَّزْعُ لِفَرْضٍ آخَرَ أَيْ إنْ أَرَادَ فِعْلَهُ، وَإِلَّا فَتَسْتَمِرُّ الْمُدَّةُ كَمَا مَرَّ وَيَجِبُ مَعَ النَّزْعِ الْوُضُوءُ كَامِلًا عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَقْتَ النَّزْعِ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ وَكَذَا الْوُضُوءُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا؛ لِأَنَّ انْضِمَامَ التَّيَمُّمِ إلَيْهِ جَعَلَهُ مُبِيحًا لَا رَافِعًا وَقِيلَ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَلَوْ أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ، أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ عَلَى الْوُضُوءِ الَّذِي غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ سِوَى إعَادَةِ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَافِلُ فَقَطْ) فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَلَهُ صَلَاةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا - إنْ كَانَ مُسَافِرًا -، وَيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ مُقِيمًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إذْ مَسْحُهُمَا مُرَتَّبٌ) أَيْ تَابِعٌ لِطُهْرِهِمَا الَّذِي لَبِسَا عَلَيْهِ الْخُفَّ وَهُوَ وُضُوءُ دَائِمِ الْحَدَثِ وَتَيَمُّمُ الْمُتَيَمِّمِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فُرُوضِ الْوُضُوءِ فِي النِّيَّةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا) لَا يُقَالُ: وَطُهْرُ الْمُتَوَضِّئِ قَدْ زَالَ بِالْحَدَثِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ طُهْرُهُ رَفَعَ الْحَدَثَ فَاللُّبْسُ مَعَهُ عَلَى طَهَارَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَالْحَدَثُ بَاقٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَدَ خُفَّيْهِ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ مَسَحَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ حَضَرًا، ثُمَّ الْآخَرَ سَفَرًا مَسَحَ مُدَّةَ السَّفَرِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ مَقَالَةَ الْمُتَوَلِّي وَالثَّانِي أَنَّهُ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَقَطْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُدَّتِهِ) عِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَقَامَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ لَمْ يَمْسَحْ وَأَجْزَأَهُ مَا مَضَى، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَسْحِ الْمُقِيمِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِلَا خِلَافٍ اهـ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إجْزَاءِ مَا مَضَى إذَا زَادَ عَلَى مَسْحِ الْمُقِيمِ بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ سَفَرَهُ الَّذِي قَصَدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا فَأَكْثَرَ فَطَرَأَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَدُونَ الثَّلَاثِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ السَّابِقُ، وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ مَحَلُّهُ إنْ بَلَغَ سَفَرَهُ وَلَوْ ذَهَابًا، وَإِيَابًا ذَلِكَ، وَإِلَّا مَسَحَ بِقَدْرِ سَفَرِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَنَقَصَ عَنْ الثَّلَاثِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْتِيفَاءِ مُدَّةِ السَّفَرِ بِالْمَسْحِ وَفِي ابْتِدَائِهَا بِالْحَدَثِ فَلَوْ أَحْدَثَ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهِ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْمُقِيمِ قَبْلَ سَفَرِهِ وَجَبَ تَجْدِيدُ اللُّبْسِ، أَوْ مَضَى أَقَلُّ مِنْهَا كَيَوْمٍ ثُمَّ سَافَرَ وَمَسَحَ فِي السَّفَرِ أَيْضًا فَهَلْ يُغَلَّبُ الْحَضَرُ حَتَّى يَجِبَ تَجْدِيدُ اللُّبْسِ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْمُقِيمِ أَوْ السَّفَرُ حَتَّى لَا يَجِبَ التَّجْدِيدُ إلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْمُسَافِرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بِحُرُوفِهِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ خَالَفَهُ غَالِبُ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ مِنْ الَّذِينَ سَمِعْنَاهُمْ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مُدَّةَ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ حَضَرًا وَلَا مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ حَضَرًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ ع ش، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ مَتَى أَحْدَثَ فِي السَّفَرِ - سَوَاءٌ مَسَحَ، أَوْ لَا - لَمْ يُكْمِلْ مُدَّةَ السَّفَرِ؛ فَعَلَيْهِ يَكُونُ التَّقْيِيدُ بِالْحَدَثِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلِذَلِكَ اُعْتُرِضَ عَلَى صُورَةِ الْعَكْسِ وَيُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ