أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ»
فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ، وَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ كَانَ أَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ مِمَّا لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْقَطْعِ الْمَشْرُوطِ أَمَّا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَنَظَائِرِهِ (فَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِ سَقْيٍ) مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ التَّنْمِيَةَ بِالسَّقْيِ فَالتَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ كَالتَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرٍ (يَغْلِبُ) تَلَاحُقُهُ وَ (اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ) وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ (كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَإِنْ دَخَلَ أَوَانُ الْجَذَاذِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَحْصُلُ قَبْضُ الثَّمَرِ الَّذِي بَلَغَ أَوَانَ الْجَذَاذِ إلَّا بِقَطْعِهِ م ر وَانْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَعَ أَنَّ الَّذِي يَشْرِطُ قَطْعَهُ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ) أَيْ عَنْ الْمُشْتَرِي جَمْعُ جَائِحَةٍ، وَهِيَ الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ كَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ أَيْ بِوَضْعِ ثَمَنِ مَتْلَفِ الْجَوَائِحِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَلِفَ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ تَخْلِيَتِهِ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ وَلَا خِيَارَ بِالتَّعَيُّبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالتَّخْلِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ تَلَفٍ أَوْ تَعَيُّبٍ بِسَبَبِ تَرْكِ السَّقْيِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِ السَّقْيِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَعَلَى بَائِعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ هَذَا عَلَيْهِ بِالْفَاءِ وَقَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِيعَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يُقَالُ إنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ خَارِجٌ عَنْ عِبَارَتِهِ فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالتَّخْلِيَةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ضَمَانِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَغَيْرِهِ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ حَيْثُ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ سَقْيٍ) أَيْ وَاجِبٍ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَيْ بِشَرْطِ قَطْعٍ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا أَيْ بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، وَأَمَّا بِالْجَائِحَةِ فَمُقْتَضَى كَوْنِ السَّقْيِ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ أَنْ يَنْفَسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا انْفَسَخَ) قِيلَ إنْ أُلْحِقَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ مَرَضٍ سَابِقٍ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِالْقَتْلِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ كَالرِّدَّةِ فَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِحَالَةِ الْجَهْلِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: فَإِنْ أَثْبَتَ الرَّافِعِيُّ الِانْفِسَاخَ مِنْ غَيْرِ إلْحَاقٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ اهـ. أَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِالْحَالِ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ يُلَائِمُهُ تَقَرُّرُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ دُونَ الْبَائِعِ، وَعِلْمُهُ فِي مَسْأَلَةِ السَّقْيِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْبَائِعِ لَا يُلَائِمُهُ تَقَرُّرُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فِي تَلَفٍ يَنْشَأُ عَنْ تَرْكِ السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ عِلْمٌ بِوُجُوبِ السَّقْيِ وَلَا يَنْشَأُ عَنْهُ تَلَفٌ وَعِلْمٌ بِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ، وَالتَّلَفُ يَنْشَأُ عَنْهَا فَافْتَرَقَا اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَيُّبٍ بِهِ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) لَوْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ أَوْ انْقَطَعَ مَاءُ النَّهْرِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِالتَّلَفِ أَيْضًا اهـ. سم وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعَيُّبِ هُنَا عُرُوضُ مَا يُنْقِصُهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ عَدَمَ نُمُوِّهِ كَنُمُوِّ نَوْعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ قَدْرَ مَا يُنَمِّيهِ وَيَقِيهِ مِنْ التَّلَفِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ تَعَيُّبٍ بِهِ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) أَيْ فَوْرًا، وَخَرَجَ مَا لَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِهِ، وَانْظُرْ لَوْ تَعَيَّبَ بِهِمَا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي هَلْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ بِتَرْكِ السَّقْيِ يُحَرَّرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ وَآلَ بِهِ التَّعَيُّبُ إلَى التَّلَفِ، وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَفْسَخْ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ الْبَائِعُ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَالتَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِهِمَا بِالْجَائِحَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَكَوْنُ مَتْلَفِ الْجَائِحَةِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَا يُنَافِي كَوْنَ مَتْلَفِ تَرْكِ السَّقْيِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا) أَيْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا كحج وَالْمُرَادُ زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ يَكُونُ بَعْضُهُ لِلْبَائِعِ وَبَعْضُهُ لِلْمُشْتَرِي اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ) أَيْ يَقِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِيمَا لَا يَغْلِبُ سَوَاءٌ نَدَرَ إلَخْ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ تَمَيَّزَ بِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ رَدَاءَةٍ أَوْ جَوْدَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ لَيْسَ ضَرُورِيًّا، وَأَنَّ الِاخْتِلَاطَ يُغْنِي عَنْهُ فَلِذَا اقْتَصَرَ فِي الْمَتْنِ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ التَّلَاحُقَ فَالتَّلَاحُقُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ لِجَوَازِ أَنْ تَظْهَرَ ثَمَرَةٌ ثَانِيَةٌ قَبْلَ قَطْعِ الْأُولَى، وَلَا تَشْتَبِهُ بِهَا لِصِغَرِهَا أَوْ رَدَاءَتِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ إنْ حُمِلَ التَّلَاحُقُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِلْأُولَى فِي الْوُجُودِ وَالصِّفَةِ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ يَجُوزُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَقَدَّمَ أَنَّ صِحَّةَ بَيْعِهِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْمِيمِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَهُوَ جَائِزٌ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِنَاءً عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْقَطْعِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِمَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ حَالًا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute