للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْسُقٍ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ النَّبِيَّ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الرُّخْصَةِ فِيهَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ الزَّكَاةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْجُودُ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ خَرَصَ عَلَى الْمَالِكِ أَمَّا مَا زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ (فَإِنْ زَادَ) عَلَى مَا دُونَهَا (فِي صَفَقَاتٍ) كُلٍّ مِنْهَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (جَازَ) سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعِ.

(وَشَرْطٌ) فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا (تَقَابُضٌ) فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَطْعُومٍ بِمَطْعُومٍ (بِتَسْلِيمِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ) كَيْلًا (وَتَخْلِيَةٍ فِي شَجَرٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ فَذَاكَ، وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَخَرَجَ بِالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ سَائِرُ الثِّمَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمِشْمِشِ؛ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا، وَقَوْلِي أَوْ زَبِيبٍ مِنْ زِيَادَتِي؛ وَلِهَذَا عَبَّرْت بِشَجَرٍ بَدَلَ تَعْبِيرِهِ بِنَخْلٍ.

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْسُقٍ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْعَرَايَا (قَوْلُهُ: فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ فِي النَّقْصِ عَنْ الْخَمْسَةِ بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يَكْفِي نَقْصُ رُبُعِ مُدٍّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى تَفَاوُتِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ؛ إذْ رُبُعُ الْمُدِّ وَالْمُدُّ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهَذَا غَيْرُ التَّفَاوُتِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِدُونِ أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ دُونَ: بِالنَّظَرِ لِحَالِ جَفَافِهِ وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ حَالٌ مِنْ الدُّونِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَبِيعًا بِمِثْلِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: رَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ إلَخْ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَيْ بِقَدْرِ مَخْرُوصِهَا اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الرُّخْصَةِ) أَيْ مَحَلَّ الْجَوَازِ وَصِحَّةِ بَيْعِ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ بِالتَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي الْعَرَايَا، وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْجُودُ أَيْ عِنْدَ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ خَرَصَ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ أَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمَالِكِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ وَخَرَصَ عَلَى الْمَالِكِ، وَظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَوْجُودَ لَوْ كَانَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ خَرْصٍ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَمْسَةً فَأَكْثَرَ لَا بُدَّ مِنْ خَرْصِ كُلِّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى خَرْصِ الْقَدْرِ الَّذِي يُبَاعُ بِالتَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْمَالِكِ غَيْرُهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ خَرَصَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَوْ لَا، وَبِالْجُمْلَةِ هَذِهِ الْعِبَارَةُ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: خَرْصًا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَأَصْلِهِ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ ذَكَرَ م ر هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِتُؤَدِّيَ مُؤَدَّاهُ فَقَالَ: وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْعَرَايَا مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالثَّمَرَةِ زَكَاةٌ كَأَنْ خَرَصَتْ عَلَيْهِ وَضَمِنَ أَوْ لِنَقْصِهَا عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِكُفْرِ مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ فَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ صَفْقَةً جَازَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا فِي حُكْمِ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا) أَيْ فِي دَوَامِ الصِّحَّةِ لَا فِي أَصْلِهَا، وَحَاصِلُ شُرُوطِ جَوَازِ الْعَرَايَا تِسْعَةٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عِنَبًا أَوْ رُطَبًا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مَكِيلًا وَالْآخَرُ مَخْرُوصًا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ يَابِسًا وَالْآخَرُ رَطْبًا، وَأَنْ يَكُونَ الرَّطْبُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ، وَأَنْ يَكُونَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَأَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَأَنْ يَكُونَ بَدَا صَلَاحُهُ، وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَقَوْلُهُ: وَتَخْلِيَةٌ فِي شَجَرٍ أَيْ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الرُّخْصَةِ طُولُ التَّفَكُّهِ بِأَخْذِ الرُّطَبِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْجَذَاذِ فَلَوْ شَرَطَ فِي قَبْضِهِ كَيْلَهُ فَاتَ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيَةٌ فِي شَجَرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِمَا فِيهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الرِّبَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي قَبْضِ الْمَنْقُولِ وَهَذَا فِي قَبْضِ غَيْرِ الْمَنْقُولِ اهـ. سُلْطَانٌ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَجّ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْأَصْلِ، وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَطْعُومٍ بِمِثْلِهِ وَيَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ إلَى الْبَائِعِ أَوْ تَسَلُّمِهِ لَهُ كَيْلًا؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْقَبْضِ وَبِالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ الَّذِي عَلَيْهِ الرُّطَبُ أَوْ الْكَرْمُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِنَبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِمَا فِيهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ فَإِنْ قُلْت هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الرِّبَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ قُلْت: مَمْنُوعٌ بَلْ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ قَبْضُهُ الْحَقِيقِيُّ، وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِمَّا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ حُضُورِهِمَا عِنْدَ النَّخْلِ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ) وَلَا يَجِبُ الِاخْتِبَارُ بَلْ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْعُقُودِ جَرَيَانُهَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ بَعْدَ الْجَفَافِ الِامْتِحَانُ لِيَعْرِفَ النَّقْصَ أَوْ مُقَابِلَهُ اهـ. حَجّ اهـ. ع ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>