للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا عُرِّيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ (وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ أَوْ عِنَبٍ عَلَى شَجَرٍ خَرْصًا، وَلَوْ لِأَغْنِيَاءَ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِيهَا فِي الرُّطَبِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ، وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَمَا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْفُقَرَاءِ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَمَا ذُكِرَ فِيهِ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمْلِ وَالِاضْطِبَاعِ وَكَالرُّطَبِ الْبُسْرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرُّطَبِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قِيلَ: وَمِثْلُهُ الْحِصْرِمُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحِصْرِمَ لَمْ يَبْدُ بِهِ صَلَاحُ الْعِنَبِ، وَبِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَدْخُلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ كَبُرِّهِ بِخِلَافِ الْبُسْرِ فِيهِمَا وَقَوْلِي خَرْصًا مِنْ زِيَادَتِي، وَدَخَلَ بِقَوْلِي: كَيْلًا مَا لَوْ بَاعَ ذَلِكَ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ عَلَى الشَّجَرِ كَيْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ خَرْصًا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْأَرْضِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِنْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَحَلُّ الرُّخْصَةِ (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

لَعَلَّ الْمُرَادَ لُغَةً

وَقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْعًا اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَمْعُ عَرِيَّةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَرِيَّةَ هِيَ النَّخْلَةُ الَّتِي تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ وَتَفْسِيرُهَا بِبَيْعِ الرُّطَبِ يُنَافِيهِ فَأَشَارَ إلَى مَنْعِ التَّنَافِي بِمَا ذَكَرَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عُرِّيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبُسْتَانِ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بِهِ وَالْعَرِيَّةُ عُرَّتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا فِي الذِّمَّةِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عُرِّيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ عَارِيَّةٌ عَنْ حُكْمِهِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ وَلَا مُهَايَأَةَ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَبِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: عَرَاهُ يَعْرُوهُ إذَا أَتَاهُ فَلَامُهَا وَاوٌ وَجَمْعُهَا عَلَى الْأَوَّلِ عَرَائِي بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ وَبَعْدَ الْهَمْزَةِ يَاءٌ ثُمَّ فُتِحَتْ الْهَمْزَةُ وَقُلِبَتْ الْيَاءُ أَلِفًا فَبَقِيَتْ الْهَمْزَةُ بَيْنَ أَلِفَيْنِ فَأَبْدَلُوهَا وَعَلَى الثَّانِي أَصْلُهَا عَرْيُوةٌ فَأَبْدَلْنَا وَأَدْغَمْنَا ثُمَّ فُعِلَ بِجَمْعِهِ مَا سَلَفَ اهـ سم وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: الْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ فَعِيلَةٍ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ أَيْ عَارِيَّةٍ عَنْ حُكْمِ بَقِيَّةِ الْبُسْتَانِ بِإِعْرَاءِ مَالِكِهَا لَهَا بِإِفْرَادِهَا لِلْأَكْلِ فَلَامُهَا يَاءٌ عَلَى هَذَا أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ عَرَّاهُ إذَا أَتَاهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهَا يَأْتِيهَا لِيَأْخُذَهَا، وَعَلَى هَذَا فَلَامُهَا وَاوٌ، وَأَصْلُهَا عَرَاوِوْ بِوَاوَيْنِ كَمَسَاجِدَ قُلِبَتْ أُولَاهُمَا هَمْزَةً لِلِاجْتِمَاعِ وَالثَّانِيَةُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا ثُمَّ فُتِحَتْ الْهَمْزَةُ فَقُلِبَتْ الْيَاءُ أَلِفًا ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَيْنَ أَلِفَيْنِ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِهَا مَجَازٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عُرِّيَتْ) فِي الْمِصْبَاحِ عَرِيَ الرَّجُلُ مِنْ ثِيَابِهِ يَعْرَى مِنْ بَابِ تَعِبَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَرَايَا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَالْعَرَايَا الْمُتَقَدِّمَةُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خَرْصًا) وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ أَيْ وَيَكْفِي كَوْنُهُ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَوْسِيعًا فِي الرُّخْصَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَغْنِيَاءَ) فَلَا يَخْتَصُّ بَيْعُ الْعَرَايَا بِالْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ سَبَبَ الرُّخْصَةِ لِشِكَايَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَشْتَرُونَ بِهِ الرُّطَبَ إلَّا التَّمْرَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَالرَّمْلِ وَالِاضْطِبَاعِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَيْلًا) أَيْ مُكَايَلَةً بِأَنْ يَذْكُرَ فِي الْعَقْدِ مُكَايَلَةً احْتِرَازًا مِنْ الْجُزَافِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْكَيْلِ؛ إذْ هَذَا لَيْسَ شَرْطًا بَلْ مَتَى قَالَ مُكَايَلَةً أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَالصَّاعِ صَحَّ الْبَيْعُ وَسَيَأْتِي الشَّرْطُ وَهُوَ التَّقَابُضُ فِي كَلَامِهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ) فَإِنْ قُلْت: هَذِهِ رُخْصَةٌ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَتَعَدَّى بِالرُّخْصَةِ مَوْضِعَهَا قُلْت: مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ الْمَعْنَى فِيهَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ كَمَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي مَنْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِنْ مَلَكُوا أَمْوَالًا كَثِيرَةً غَيْرَهَا اهـ س ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْحِصْرِمُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْحِصْرِمُ أَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ حَامِضًا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَحِصْرِمُ كُلِّ شَيْءٍ حَشَفُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ حِصْرِمٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى التَّمْرِ قَبْلَ النُّضْجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْله بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ خَرْصًا) أَيْ تَخْمِينًا بِأَنْ قَالَ بِعْتُك مَا عَلَى هَذَا الشَّجَرِ بِمَا عَلَى هَذَا الشَّجَرِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَاعَهُ جُزَافًا اهـ. (قَوْلُهُ: فَتَقْيِيدًا الْأَصْلُ كَغَيْرِهِ بِالْأَرْضِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر أَنَّ الْأَرْضَ قَيْدٌ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ كَوْنُهُ عَلَى الْأَرْضِ حَالَةَ التَّسْلِيمِ فَهُوَ لَا يُخَالِفُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لِاعْتِبَارِهِ كَيْلَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاعْتِمَادٍ وَلَا تَضْعِيفٍ أَوْ كَوْنُهُ عَلَيْهَا حَالَةَ الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُكَالُ فِي الْمَجْلِسِ، وَوُجُودُ الرُّخْصَةِ لَا يُوجِبُ اعْتِبَارَهُ لِوُجُودِ الْقِيَاسِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَا لَيْسَ عَلَى الشَّجَرِ لَا حَقِيقَةُ الْأَرْضِ فَالْوَجْهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا كَوْنُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُسَمَّى الْعَرَايَا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ

(قَوْلُهُ: فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْأَرْضِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ وُرُودِهَا وَإِنَّمَا تَجَاوَزْنَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِذَلِكَ اهـ. م ر أَقُولُ: قَدْ تَجَاوَزْنَاهُ بِقِيَاسِ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ وَالصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ جَوَازُ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَوْنُهُ مَقْطُوعًا وَإِنْ كَانَ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>