تَرْجِيحُ الثَّانِي.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِ) بُرٍّ (صَافٍ) مِنْ التِّبْنِ (وَهُوَ الْمُحَاقَلَةُ وَلَا) بَيْعُ (رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ بِتَمْرٍ وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَبِيعِ فِي الْمُحَاقَلَةِ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ جَمْعُ حَقْلَةٍ، وَهِيَ السَّاحَةُ الَّتِي تُزْرَعُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِي حَقْلَةٍ وَالْمُزَابَنَةُ مِنْ الزَّبْنِ، وَهُوَ الدَّفْعُ لِكَثْرَةِ الْغَبْنِ فِيهَا فَيُرِيدُ الْمَغْبُونُ دَفْعَهُ، وَالْغَابِنُ خِلَافَهُ فَيَتَدَافَعَانِ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ تَسْمِيَتُهُمَا بِمَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ.
(وَرَخَّصَ فِي) بَيْعِ (الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا لِلْأَكْلِ؛
ــ
[حاشية الجمل]
وَعَلَى هَذَا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُخْتَلَطِ لَهُمَا وَعَلَى هَذَا فَيُقَسَّمُ مَا تَنَازَعَا فِيهِ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْخِلَافُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِلَّا فَغَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضِهِ، الْيَدُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ وَأَمَّا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَصَاحِبُ الْيَدِ الْبَائِعُ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ لِلْبَائِعِ يَغْلِبُ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ فَفِي وُجُوبِ الْقَطْعِ وَوُقُوعِ الِاخْتِلَاطِ وَالِانْفِسَاخِ أَيْ وَالتَّخْيِيرِ مَا مَرَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ بَاعَ جِزَّةً مِنْ الْقَتِّ مَثَلًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى طَالَتْ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ جَرَى الْقَوْلَانِ وَيَجْرِيَانِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فَانْصَبَّ عَلَيْهَا مِثْلُهَا أَيْ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا فِي الْمَائِعَاتِ، وَلَوْ اخْتَلَطَ الثَّوْبُ بِأَمْثَالِهِ أَوْ الشَّاةُ الْمَبِيعَةُ بِأَمْثَالِهَا فَالصَّحِيحُ الِانْفِسَاخُ؛ لِأَنَّ هَذَا يُورِثُ الِاشْتِبَاهَ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَوْ فُرِضَ ابْتِدَاءً وَفِي نَحْوِ الْحِنْطَةِ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ الْإِشَاعَةُ، وَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ اهـ. وَلْيَنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ تَبَعًا لِلرَّوْضِ فِي شَرْحِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ الشَّامِلَ لِلْبَقْلِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْبَائِعِ حَتَّى السَّنَابِلَ، وَقَدْ يُقَالُ ذَاكَ فِي الزَّرْعِ الَّذِي لَا يُجَزُّ مِرَارًا وَهَذَا فِيمَا يُجَزُّ مِرَارًا؛ لِأَنَّ الْجِزَّةَ كَالثَّمَرَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فَانْصَبَّ عَلَيْهَا مِثْلُهَا أَيْ لِلْبَائِعِ كَمَا قَيَّدْنَاهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ حَصَلَ تَشَاحٌّ هَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ أَوْ يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ اهـ. حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَوَجْهُ فَسَادِهِمَا مَا فِيهِمَا مِنْ الرِّبَا مَعَ انْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأُولَى؛ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ؛ إذْ لَا رِبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ، وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ) أَيْ الْمُحَاقَلَةُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ بِذَلِكَ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُزَابَنَةُ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْمِينِ الْمُوجِبِ لِلتَّدَافُعِ وَالتَّخَاصُمِ انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ زَبَنَتْ النَّاقَةُ حَالِبَهَا زَبْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ دَفَعَتْهُ بِرِجْلِهَا فَهِيَ زَبُونٌ بِالْفَتْحِ فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مِثْلُ ضَرُوبٍ بِمَعْنَى ضَارِبٍ وَحَرْبٌ زَبُونٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْأَبْطَالَ عَنْ الْإِقْدَامِ خَوْفَ الْمَوْتِ وَزَبَنْت الشَّيْءَ زَبْنًا دَفَعْته فَأَنَا زَبُونٌ أَيْضًا وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي زَبُونٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ غَيْرَهُ عَنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَهِيَ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ أَهْلَ النَّارِ إلَيْهَا، وَزِبَانُ الْعَقْرَبِ قَرْنُهَا، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِتَمْرٍ كَيْلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الرِّبَا فِيهِمَا كَمَا أَفَادَهُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ، وَفِي بَابِ الْمَبِيعِ فِي الْمُحَاقَلَةِ كَمَا أَفَادَهُ الثَّانِي، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ قُبَيْلَ أَوَّلِ هَذَا الدَّرْسِ فَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الثَّمَنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الْمَتْنِ فِي التَّكْرَارِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا فِي الْعَرَايَا، وَفِيهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَكُونُ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّرْخِيصُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيمُ بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بِبَعْضِهَا بِدُونِ الشُّرُوطِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي الْعَرَايَا) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَهِيَ جَمْعُ عَرِيَّةٍ فَصَحَّ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَإِلَّا لَوْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَكَانَ التَّقْدِيرُ وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْبَيْعِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ يَكُونُ فِي الْمَتْنِ قُصُورٌ؛ إذْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا لِلْأَكْلِ، وَالْغَرَضُ التَّرْخِيصُ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا) أَيْ شَجَرَةٌ يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا بِالْخَرْصِ بِأَنْ يَخْرُصَ الْخَارِصُ شَجَرَةً، وَيُضَمِّنَهُ الْجَافَّ مِنْهَا فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَأَكْلُهَا، فَقَوْلُهُ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ، وَحُكْمُهُ عَدَمُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالْأَكْلِ مِنْهُ قَبْلَ الْخَرْصِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بِهِ اهـ شَيْخُنَا وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالنَّظَرِ لِمَعْنَى الْعَرِيَّةِ شَرْعًا مَعَ أَنَّ السِّيَاقَ فِي بَيَانِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يَذْكُرَ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهَا عُرِّيَتْ إلَخْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يُعَرِّيهَا صَاحِبُهَا غَيْرَهُ لِيَأْكُلَ ثَمَرَهَا فَيَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَدَخَلَتْ الْهَاءُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِهَا مَذْهَبَ الْأَسْمَاءِ مِثْلُ النَّطِيحَةِ وَالْأَكِيلَةِ فَإِذَا جِيءَ بِهَا مَعَ النَّخْلَةِ حُذِفَتْ الْهَاءُ وَقِيلَ نَخْلَةٌ عَرِيٌّ كَمَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ قَتِيلٌ وَالْجَمْعُ الْعَرَايَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute