للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ الْمُحْتَاجِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَكِسْوَةِ الْعَارِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَأَفَادَ قَوْلِي كَأَقْرَضْتُكَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لِصِيَغِ الْإِيجَابِ

ــ

[حاشية الجمل]

الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ قَالَ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ إلَخْ هَذَا الْبَعْضُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ فِي تُحْفَتِهِ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ لِاضْطِرَابِهِ بِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي بِهِ الْقَرْضَ، وَيَصْدُقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ أَيْ حُكْمًا ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ هِبَةٌ قَالَ: وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ قَرْضٌ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ الرُّجُوعُ بِهِ

وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْتَدَّ قَالَ لِاخْتِلَافِهِ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَالْبِلَادِ اهـ. وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته اهـ. مَا فِي التُّحْفَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرَحِ يَأْخُذُ النُّقُوطَ لِنَفْسِهِ أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَأْخُذُهُ لِنَحْوِ الْخَاتِنِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ يَدْفَعُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ قَطْعًا وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُزَيِّنَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نَظَائِرِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عُمِلَ بِقَصْدِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَرَحِ يُعْطِيهِ لِمَنْ شَاءَ اهـ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ أَيْ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ مَأْذُونِهِ أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ لِلشَّاعِرِ وَالْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا رُجُوعَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْفَرَحِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ سُكُوتُهُ عَلَى الْأَخْذِ وَلَا أَخْذُهُ الصِّينِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ بِيَدِهِ وَأَخْذُ النُّقُوطِ وَهُوَ سَاكِتٌ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَنْزِيلِ مَا ذُكِرَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلرُّجُوعِ وَتَقَرَّرَ أَنَّ الْقَرْضَ الْحُكْمِيَّ يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ لِلْمُقْتَرَضِ؛ إذْنُهُ فِي الصَّرْفِ مَعَ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ الْجِيرَانِ لِبَعْضٍ بِقَهْوَةٍ وَكَعْكٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْجَمْعِ قَالَ حَجّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي أَخٍ أَنْفَقَ عَلَى أَخِيهِ الرَّشِيدِ وَعِيَالِهِ سِنِينَ وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ أَخْذًا مِنْ الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ فِي مَسْأَلَةِ النُّقُوطِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَادَةِ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ وَعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُنْفِقِ عَلَيْهِ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِالرُّجُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ مَعَ الْإِشْهَادِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهَا وَإِمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ الْحَامِلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ أَوْ نَفَى حَمْلَ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَتَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ لِظَنِّهَا الْوُجُوبَ فَلَا تَبَرُّعَ وَلَوْ عَجَّلَ حَيَوَانًا زَكَّاهُ ثُمَّ رَجَعَ بِسَبَبٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِإِنْفَاقِهِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لُقَطَةٍ تَمَلَّكَهَا ثُمَّ جَاءَ مَالِكُهَا نَعَمْ لَا أَثَرَ لِظَنِّ وُجُوبٍ فِي مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ فَاسِدًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اهـ. مُلَخَّصًا وَتَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُلْتَقِطِ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ وَمِنْ ثَمَّ يَرُدُّهُ بِدُونِ زِيَادَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ اهـ. وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَفْرَاحِ أَيْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مَالِكُهُ إذَا وَضَعَهُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْفَرَحِ أَوْ فِي يَدِ مَأْذُونٍ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ كَخُذْهُ وَأَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ وَيَصْدُقَ هُوَ وَوَارِثُهُ فِيهَا وَأَنْ يُعْتَادَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَإِذَا وَضَعَهُ فِي يَدِ الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ أَوْ فِي الطَّاسَةِ الْمَعْرُوفَةِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ نِيَّةِ الرُّجُوعِ وَشَرْطِ الرُّجُوعِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف

(قَوْلُهُ: كَالْإِنْفَاقِ) عَلَى اللَّقِيطِ وَانْظُرْ هَلْ الْوَاجِبُ مِثْلُ مَا أَنْفَقَهُ وَلَوْ مُتَقَوِّمًا أَوْ بَدَلَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ قِيلَ وَصَرَّحُوا فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ وَاللُّقَطَةِ بِالثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ

وَفِي م ر مَا نَصُّهُ وَفِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا أَوْ مُعَيَّنًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ صُورَةً كَالْقَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ وَكِسْوَةُ الْعَارِي) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا وَصَلَا إلَى حَالَةٍ لَا يَقْدِرَانِ مَعَهَا عَلَى التَّخَاطُبِ وَالْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلَا إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُقَصِّرٌ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الْمُعَاقَدَةِ مَعَهُمَا وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ بِأَنْ غَابَ مَالُهُمَا عَنْهُمَا مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا أَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ وَالْمَالِكُ فَقِيرًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ وَالْمَالِكُ غَنِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ إطْعَامَ الْجَائِعِ وَكِسْوَةَ الْعَارِي حِينَئِذٍ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ عَلَى أَهْلِ الثَّرْوَةِ بِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا يُوهِمُ مِنْ تَنَاقُضِ كَلَامِهِمْ هُنَا وَفِي السِّيَرِ وَالْأَطْعِمَةِ ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ فِي الْإِطْعَامِ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا فِي الْكِسْوَةِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْضًا نِيَّةُ الرُّجُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>