وَنَحْوِهِ أَوْ إفْرَاطِ سَعَتِهِ أَوْ ضِيقِهِ أَوْ نَحْوِهَا؛ إذْ لَا حَاجَةَ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَا فَائِدَةَ فِي إدَامَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الضَّيِّقُ يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ فِيهِ عَنْ قُرْبٍ كَفَى فَإِنْ قُلْت: " سَاتِرَ " وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ الْأَمْرُ بِالْمُقَيِّدِ لَهُ بِدَلِيلِ: اضْرِبْ هِنْدَ جَالِسَةً قُلْت: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ: حُجَّ مُفْرِدًا، وَنَحْوُ اُدْخُلْ مَكَّةَ مُحْرِمًا فَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ
(وَلَوْ) كَانَ (مُحَرَّمًا) فَيَكْفِي مَغْصُوبٌ
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ وَالْجَمْعُ جَوَارِبَةٌ وَجَوَارِبُ، وَتَجَوْرَبَ لَبِسَهُ وَجَوْرَبْتُهُ أَلْبَسْته إيَّاهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَاطِ سَعَتِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا حَاجَةَ لِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ وَمَسْحُ الْخُفِّ إنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ الضَّيِّقُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُتَّسِعُ يَضِيقُ عَنْ قُرْبٍ كَأَنْ غَسَلَهُ فِي الْمَاءِ مَثَلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت " سَاتِرَ " وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ إلَخْ) إيرَادٌ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ غَرَضَهُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ شُرُوطٌ لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ إلَّا بِهَا فَيَجِبُ تَحْصِيلُهَا فَقَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْخُفِّ لُبْسُهُ بَعْدَ طُهْرٍ أَفَادَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ لِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَحْوَالُ فَلَمْ تُفِدْ اشْتِرَاطَهَا وَلَا الْأَمْرَ بِهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا) أَيْ لِعَامِلِ صَاحِبِهَا؛ إذْ صَاحِبُهَا الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَعَامِلُهَا الْمَصْدَرُ، وَالْمُضَافُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: قُلْت مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ إلَخْ) أَقُولُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُقَيَّدٍ؛ إذْ لَا أَمْرَ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَبَيَانِ شَرْطِ الشَّيْءِ فَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرْطَهُ اللُّبْسُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عُلِمَ أَنَّ اللُّبْسَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكْفِي فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَيَصِحُّ كَلَامُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ إلَخْ هَذَا السُّؤَالُ، وَالْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: اضْرِبْ هِنْدًا جَالِسَةً وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ سم بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُقَيَّدٍ؛ إذْ لَا أَمْرَ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَبَيَانِ شَرْطِ الشَّيْءِ فَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرْطَهُ اللُّبْسُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عُلِمَ أَنَّ اللُّبْسَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكْفِي فِيهِ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ لِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِفِعْلِهِ، أَوْ تَنْشَأُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجّ اهـ حَلَبِيٌّ وَهَذَا لَيْسَ ظَاهِرًا فِي قَوْلِهِ يَمْنَعُ مَاءً وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ وَإِمْكَانَ التَّرَدُّدِ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ فَمُرَادُهُ بِالْقَبِيلِ نَوْعُ الْمَأْمُورِ بِهِ فَقَطْ انْتَهَى شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ فَهِيَ مِنْ الْأُولَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ - أَيْ الْمَأْذُونَ فِيهِ - لُبْسُ الْخُفِّ وَالسَّاتِرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ نَوْعِهِ أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ وَمِنْ الثَّانِيَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَتَنْشَأُ عَنْهُ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ: أَيْ مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ، لَمَّا كَانَتْ نَوْعِيَّتُهُ حَقِيقَةً مَفْقُودَةً احْتَاجَ إلَى صَرْفِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ جَرَيَانَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا إنَّمَا يَأْتِي بِغَايَةِ التَّكَلُّفِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَإِنَّ الْعِبَارَةَ مُصَرِّحَةٌ بِاشْتِرَاطِ اللُّبْسِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ فَإِنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَهُوَ اللُّبْسُ هُنَا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُقَيَّدِ اشْتِرَاطُ قُيُودِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ إلَخْ) هَذِهِ نَتِيجَةُ مَا قَبْلَهُ وَدُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ اهـ شَيْخُنَا.
وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ فَيُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَلَوْ مُحَرَّمًا إلَخْ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَتْنِ بِهَذِهِ الْغَايَاتِ الثَّلَاثِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُولَى مَعَ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ: وَحَلَالًا؛ فَلَا يُجْزِئُ عَلَى مَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ مُطْلَقًا وَلَا عَلَى خُفٍّ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَرِيرٍ لِرَجُلٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ جُوِّزَ لِحَاجَةِ الِاسْتِدَامَةِ وَهَذَا مَأْمُورٌ بِنَزْعِهِ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالصَّلَاةِ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ وَلِأَنَّ الْخُفَّ تُسْتَوْفَى بِهِ الرُّخْصَةُ لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لَهَا بِخِلَافِ مَنْعِ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ؛ إذْ الْمُجَوِّزُ لَهُ السَّفَرُ انْتَهَتْ. وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ نَصُّهَا وَلَا يُجْزِئُ مَنْسُوجٌ لَا يَمْنَعُ مَاءً فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ صَفَاقَتِهِ؛ إذْ الْغَالِبُ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ مَنْعُهَا نُفُوذَهُ فَيَبْقَى الْغُسْلُ وَاجِبًا فِيمَا سِوَاهَا، وَالثَّانِي يُجْزِئُ كَالْمُتَخَرِّقِ طَهَارَتُهُ مِنْ مَحَلٍّ وَبِطَانَتُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَحَاذٍ انْتَهَتْ. وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثَةِ نَصُّهَا وَيُجْزِئُ مَشْقُوقُ قَدَمٍ شُدَّ بِالْعُرَى فِي الْأَصَحِّ لِحُصُولِ السَّتْرِ وَسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ، وَالْإِعَادَةِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَرَّمًا) أَيْ وَلَوْ مِنْ جِلْدِ آدَمِيٍّ وَلَوْ اتَّخَذَ خُفًّا مِنْ نَحْوِ جِلْدِ آدَمِيٍّ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ الْمُحْرِمُ خُفًّا وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِجَمْعٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute