للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ.

(فَلَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ الدَّيْنُ (بِزَوَائِدِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ وَنِتَاجٍ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ

ــ

[حاشية الجمل]

لِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ لِلدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ أَيْ وَنِسْبَةُ إرْثِهِ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ، وَهُوَ مِقْدَارُ التَّرِكَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّرْكِيبِ فَفِيمَا لَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ ابْنًا وَزَوْجَةً وَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ ثَمَانُونَ وَتَرِكَتُهُ أَرْبَعُونَ يَسْقُطُ ثَمَنُ الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَلْزَمُ أَدَاؤُهَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ مَعْنَى السُّقُوطِ السُّقُوطَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ إلَّا قَضَاءُ سَبْعَةِ أَثْمَانِ الصَّدَاقِ بَلْ سُقُوطٌ يُؤَدِّي إلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِي مِقْدَارِ إرْثِهِ لِاسْتِحَالَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لِغَيْرِهِ اهـ. فَقَوْلُ السُّبْكِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ بِمَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ، مَحَلُّهُ إذَا تَسَاوَيَا كَثَمَانِينَ وَثَمَانِينَ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِي عَشْرَةٍ لَا فِي سَبْعِينَ إلَّا إنْ أَدَّاهَا إلَيْهَا الْوَرَثَةُ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ قَبْلَ الْأَدَاءِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا عَدَا حِصَّتَهَا (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ) أَيْ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ، وَقَوْلُهُ أَكْثَرَ أَيْ مَانِعٌ أَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ أَيْ بِالتَّرِكَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَلُّقَ إلَخْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَالْمَعْنَى عَلَى التَّشْبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَقِيسُ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ، وَهُوَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ أَوْ فِي الْجِنَايَةِ فِي عَدَمِ مَنْعِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ أَيْ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ الدَّيْنُ، وَهَذَا التَّعَلُّقُ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهَا فَكَذَلِكَ تَعَلُّقُ الدُّيُونِ بِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ، وَلَا رَهْنٍ جَعْلِيٍّ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهَا تَأَمَّلْ.

هَذَا، وَلَوْ جَعَلَ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَبِالْعَبْدِ الْجَانِي مِنْ غَيْرِ إرْثٍ لَكَانَ أَوْضَحَ وَحِينَئِذٍ كَأَنْ يَحْذِفَ لَفْظَةَ الْمَوْرُوثِ وَيَقُولَ أَكْثَرَ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ م ر؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ إلَخْ) وَأَرَادَ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا يَمْنَعُ إرْثًا وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ حَيْثُ قُيِّدَ فِيهَا بِقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَهَذَا يُنَافِي الْمُدَّعَى هُنَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ وَالْإِخْرَاجُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ أَيْ أَنَّهُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ يَجِبُ تَقْدِيمُ إخْرَاجِ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ الْوَارِثِ حِصَّتَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ اسْتَحَقَّ التَّرِكَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَوْتُ فَقَوْلُهُ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ، وَأَصْلُ الْكَلَامِ وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى التَّرِكَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَيْ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهَا لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ لِكَوْنِ التَّقْدِيمِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْرَاجُ وَالْقِسْمَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِهَا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ فَتُقَوَّمُ مَهْزُولَةً ثُمَّ سَمِينَةً فَمَا زَادَ عَنْ قِيمَتِهَا مَهْزُولَةً اخْتَصَّ بِهِ الْوَرَثَةُ. اهـ. ع ش م ر (فَرْعٌ) التَّرِكَةُ نَقْدُهَا وَعَيْنُهَا وَدَيْنُهَا شَائِعٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ الِاسْتِقْلَالُ بِشَيْءٍ دُونَ قِسْمَةٍ مُعْتَبَرَةٍ حَتَّى لَوْ قَبَضَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَدِينُ الْأَدَاءَ عَنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ وَمِنْ حِيَلِ الِاسْتِقْلَالِ أَنْ يُحِيلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَائِنَهُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ دَيْنِ التَّرِكَةِ فَإِذَا وَفَّى مَدِينُ التَّرِكَةِ الْمُحْتَالُ عَنْ الْحَوَالَةِ اخْتَصَّ بِحِصَّتِهَا، وَلَمْ يُشَارِكْ فِيهَا الْوَارِثُ الْآخَرُ.

(فَرْعٌ) يَنْتَقِلُ الدَّيْنُ لِلْوَارِثِ بِصِفَتِهِ كَالرَّهْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ الرِّضَا بِوَضْعِ الرَّهْنِ تَحْتَ يَدِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِيَدِ الْمُوَرِّثِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ رِضَاهُ بِيَدِ الْوَارِثِ اهـ. سم (فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ هَلْ يَكُونُ الْحَبُّ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ اهـ.

وَإِلَّا، وَجْهُ مَا فَصَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهَا وَفَصَّلَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَوَّمَ الزَّرْعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهِ أَمَّا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْحَبِّ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ مَاتَ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةٌ لَا كِمَامَ لَهَا فَهِيَ تَرِكَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا كِمَامٌ لَكِنْ أُبِّرَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ وَتَرَكَ حَيَوَانًا حَامِلًا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>