للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّتِي هِيَ أَخَسُّ الْأَمْوَالِ وَشَرْعًا جَعْلُ الْحَاكِمِ الْمَدْيُونَ مُفْلِسًا بِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَبَاعَ مَالَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَقَسَمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» (مَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ آدَمِيٍّ لَازِمٌ حَالٌّ زَائِدٌ عَلَى مَالِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ إنْ اسْتَقَلَّ (أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ) فِي مَالِ مُوَلِّيهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ (وُجُوبًا) فَلَا حَجْرَ بِدَيْنٍ لِلَّهِ تَعَالَى غَيْرِ فَوْرِيٍّ كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ لَمْ يَعْصِ بِسَبَبِهَا، وَلَا بِدَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنُجُومِ كِتَابَةٍ لِتَمَكُّنِ الْمَدِينِ مِنْ إسْقَاطِهِ، وَلَا بِمُؤَجَّلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ، وَلَا بِدَيْنٍ مُسَاوٍ لِمَالِهِ أَوْ نَاقِصٍ عَنْهُ فَلَا يَجِبُ الْحَجْرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ لَوْ طَلَبَهُ الْغُرَمَاءُ فِي الْمُسَاوِي أَوْ النَّاقِصِ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ وَجَبَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِحَجْرِ فَلَسٍ

ــ

[حاشية الجمل]

بِمَعْنَى أَبْرَزْتُهُ وَشَهَرْت الْحَدِيثَ شَهْرًا وَشُهْرَةً أَفْشَيْته فَاشْتُهِرَ وَأَشْهَرَهُ النَّاسُ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ أَخَسُّ الْأَمْوَالِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِهَا فَإِنَّ النُّحَاسَ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَسِيسٌ وَبِاعْتِبَارِ عَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهَا لِلْمُعَامَلَةِ وَالِادِّخَارِ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ مُفْلِسًا) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ م ر هُوَ مَصْدَرُ فَلَّسَهُ إذَا نَسَبَهُ لِلْإِفْلَاسِ. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ) رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِطَلَبِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ.

وَلَا مَانِعَ مِنْ مُوَافَقَةِ سُؤَالِهِ لِسُؤَالِهِمْ وَمِنْ كَوْنِ الْوَاقِعَةِ مُتَعَدِّدَةً اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ أَوْ مِنْ كَوْنِ الْوَاقِعَةِ أَيْ السُّؤَالِ، وَإِلَّا فَيَبْعُدُ أَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ لَنُقِلَ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ) بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر ثُمَّ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ لَعَلَّ اللَّهَ يُجْبِرُك وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك فَلَمْ يَزَلْ بِالْيَمَنِ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ أَيْ الْآنَ سم وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ السُّقُوطَ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُتَرَجَّى قَضَاؤُهُ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ اللَّهَ إلَخْ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ آدَمِيٍّ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ مَنْفَعَةً اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر وَصُورَةُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَلْزَمْ ذِمَّتَهُ حَمْلُ جَمَاعَةٍ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا اهـ. عِ ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ زَائِدُ عَلَى مَالِهِ) أَيْ، وَلَوْ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الدَّيْنُ زَائِدًا عَلَى مَا يَبْقَى لَهُ مِمَّا يَأْتِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَلَوْ فِي أَكْسَابِهِ، وَإِنْ تَعَدَّى لَهَا الْحَجْرُ تَبَعًا اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَإِنَّمَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِحَجْرِ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ هَلْ يَتَأَتَّى هُنَا التَّحْكِيمُ بِأَنْ يَتَّفِقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ثُمَّ يَدَّعُوا عَلَيْهِ فَيَحْكُمَ بِحَجْرِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا خَطَرٌ فَلَا دَخْلَ لِلْمُحَكَّمِ فِيهِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَكَلَامُهُمْ الْآتِي فِي الْقِصَاصِ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالُوا بِجَوَازِهِ فِيمَا عَدَا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعَازِيرَهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَالظَّاهِرُ إذَا جَازَ فِي النِّكَاحِ التَّحْكِيمُ، وَإِنَّ الْمُحَكَّمَ يُزَوِّجُ بِشَرْطِهِ فَأَوْلَى هُنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُ مِنْ الْجَوَازِ فِيهِ الْجَوَازُ فِي هَذَا بِالْأَوْلَى فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ وُجُوبًا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ طَلَبِهِ وَطَلَبِ غُرَمَائِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِي. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ جَوَازَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَنْعًا لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْجُرُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ، وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْحَقُّ وَالْحَاجِرُ هُوَ الْحَاكِمُ لِاحْتِيَاجِهِ أَيْ الْحَجْرُ لِلنَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ أَوْ الْمُحَكَّمُ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَلَوْ كَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَيَكْفِي فِيهِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ حَجَرْت بِالْفَلَسِ اهـ. ح ل قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إذَا أَفْلَسَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ فَاَلَّذِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ هُوَ الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الضَّمَانِ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْفِقْهُ مَنْعُ الْحَجْرِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ مِثْلُ مَا مَرَّ اهـ. يَعْنِي مِنْ فَوَائِدِهِ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ غَيْرَ فَوْرِيٍّ) ضَعِيفٌ.

وَعِبَارَةُ م ر فَلَا حَجْرَ بِدَيْنٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ فَوْرِيًّا. اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِ بِسَبَبِهَا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِمَا جَرْيًا عَلَى كَلَامِهِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْفَوْرِيِّ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ غَيْرَ فَوْرِيٍّ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْجُرُ بِالْفَوْرِيِّ وَاعْتَمَدَ م ر آخِرًا أَنَّهُ لَا حَجْرَ بِدَيْنِ اللَّهِ، وَلَوْ فَوْرِيًّا تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَقَالَ إنَّ الْحَجْرَ بِهِ إذَا كَانَ فَوْرِيًّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ طَالِبًا مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. (فَرْعٌ)

لَا حَجْرَ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ تَوَقُّف رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالرَّدُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. م ر اهـ. سم

(قَوْلُهُ كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) وَكَالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا حَجْرَ بِهِ لِانْتِفَاءِ اللُّزُومِ، وَإِنْ تَعَدَّى الْحَجْرُ إلَيْهِ لَوْ حُجِرَ بِغَيْرِهِ وَكَشَرْطِهِ لِلْمُشْتَرِي شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَلَا حَجْرَ بِهِ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ لَكِنْ رَأَيْت بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ يُحْجَرُ بِالثَّمَنِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الْحَجْرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>