مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا.
(هِيَ) أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ (شَرِكَةُ أَبْدَانٍ بِأَنْ يَشْتَرِكَا) أَيْ اثْنَانِ (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِبَدَنِهِمَا مُتَسَاوِيًا كَانَ أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الْحِرْفَةِ كَخَيَّاطَيْنِ أَوْ اخْتِلَافِهَا كَخَيَّاطٍ وَرَفَّاءٍ (وَ) شَرِكَةُ (مُفَاوَضَةٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْتَرِكَا (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِبَدَنِهِمَا أَوْ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا (وَعَلَيْهِمَا مَا يَغْرَمُ) بِسَبَبِ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) شَرِكَةُ (وُجُوهٍ) بِأَنْ يَشْتَرِكَا (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا) بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ (رِبْحُ مَا يَشْتَرِيَانِهِ) بِمُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ (لَهُمَا) ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (وَ) شَرِكَةُ (عِنَانٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ (وَهِيَ الصَّحِيحَةُ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَعَبَّرَ عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُنْ) أَيْ، وَلَوْ بِغَيْرِ مُتَمَوَّلٍ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَخُنْ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كَشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ خُبْزٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ مِنْ نَزْعِ الْبَرَكَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: هِيَ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ) أَيْ الشَّرِكَةُ الشَّرْعِيَّةُ؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إذْ مَعْنَاهَا الْخُلْطَةُ مُطْلَقًا كَذَا قَالُوا وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ أَعَمُّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا مِنْ وَجْهٍ فَتَأَمَّلْ، وَمَعْنَاهَا شَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فَدَخَلَ نَحْوُ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالشُّفْعَةُ، وَقَوْلُهُمْ عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ، قَاصِرٌ إذْ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْأَمْوَالِ غَالِبًا، وَقَوْلُهُمْ ثُبُوتُ الْحَقِّ إلَخْ مُرَادُهُمْ حَالًّا أَوْ مَآلًا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: شَرِكَةُ أَبْدَانٍ) قَدْ جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحِرْفَةِ اهـ. شَيْخُنَا، وَأَصْلُهُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِبَدَنِهِمَا مُتَسَاوِيًا، وَإِلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ أَمْ لَا وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ ثُمَّ إنْ اتَّفَقُوا فِي الْعَمَلِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا قُسِمَ بِحَسَبِهِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ اهـ.
ع ش وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُ هَذَا التَّفْصِيلَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ تَفَاوَضَ الرَّجُلَانِ فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا، وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَوْمٌ فَوْضَى مُسْتَوُونَ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ، وَفِي الْمُغْرِبِ تَفَاوَضَ الشَّرِيكَانِ تَسَاوَيَا وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ فَيْضِ الْمَاءِ وَاسْتِفَاضَةِ الْخَيْرِ خَطَأٌ اهـ. قَالَهُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشرنبلالي فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالَهُمَا) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُفِيدُ أَنَّهَا تَكُونُ بِالْأَبْدَانِ فَقَطْ وَبِالْأَمْوَالِ فَقَطْ وَبِهِمَا مَعًا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالَهُمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فَتَخْرُجُ بِالْخَلْطِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَاسْتِدْرَاكُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِتَفَاوَضْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ صَحَّتْ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِبَيَانِ حُكْمٍ مُسْتَقِلٍّ، وَهُوَ مَا لَوْ خَلَطَا مَالَيْنِ، وَقَالَا تَفَاوَضْنَا وَنَوَيَا بِهِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ قَالَ م ر، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ أَيْضًا فَإِنْ فَقَدَ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ الْفَاسِدَةِ بِفَقْدِ شَرْطٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مَا يَغْرَمُ) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَشَرِكَةُ وُجُوهٍ) مِنْ الْوَجَاهَةِ أَيْ الْعَظَمَةِ وَالصَّدَارَةِ لَا مِنْ الْوَجْهِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا رِبْحُ مَا يَشْتَرِيَانِهِ لَهُمَا) هَذَا التَّفْسِيرُ إنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا م ر فِي شَرْحِهِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ مَعَ الْأَصْلِ (وَثَالِثُهَا شَرِكَةُ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَشْتَرِكَ الْوَجِيهَانِ) عِنْدَ النَّاسِ لِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِمَا مَعَهُمْ (لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) ، وَيَكُونُ الْمُبْتَاعُ (لَهُمَا فَإِذَا بَاعَا كَانَ الْفَضْلُ عَنْ الْأَثْمَانِ الْمُبْتَاعِ بِهَا بَيْنَهُمَا) أَوْ أَنْ يَبْتَاعَ وَجِيهٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُفَوِّضَ بَيْعَهُ لِخَامِلٍ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ لَا مَالَ لَهُ وَخَامِلٌ لَهُ مَالٌ لِيَكُونَ الْمَالُ مِنْ هَذَا وَالْعَمَلُ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْكُلُّ بَاطِلٌ إذْ لَيْسَ لَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ فَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ خَسْرُهُ، وَلَهُ رِبْحُهُ وَالثَّالِثُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ اهـ.
وَكَتَبَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلَهُ: وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا قَدْ يُقَالُ هَلَّا كَانَ هَذَا جِعَالَةً فَاسِدَةً أَيْ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْعِوَضِ فَإِنَّ قَوْلَهُ بِعْ هَذَا، وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ كَقَوْلِهِ رُدَّ عَبْدِي، وَلَك كَذَا إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ هَذَا بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَكْنَا عَلَى أَنَّك تَبِيعُ هَذَا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم مِنْ أَنَّهُ جِعَالَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْمُشْتَرَى مِلْكُ الْوَجِيهِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِمَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي مِنْ أَنَّهُ جِعَالَةٌ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ، وَلِذَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِ لَكِنْ قَدْ يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَكَوْنِ الْمَالِ غَيْرَ نَقْدٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسَادُ حِينَئِذٍ عَلَى عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: رِبْحُ مَا يَشْتَرِيَانِهِ) أَيْ يَشْتَرِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ وَلِصَاحِبِهِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَنَّ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَغَيْرِهِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ الْآخَرَ مِمَّا يُرِيدُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ لِلدَّابَّةِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute