دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي غَيْرِ مَالٍ كَالشَّرِكَةِ فِي احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ، وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا لَا سِيَّمَا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ، وَفِيهَا مَالُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ صَحَّتْ.
(وَأَرْكَانُهَا) أَيْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ خَمْسَةٌ (عَاقِدَانِ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَعَمَلٌ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (يُشْعِرُ بِإِذْنٍ) ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ عَنَّ ظَهَرَ لِظُهُورِهَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا أَوْ مِنْ عِنَانِ السَّمَاءِ أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَعَلَيْهِ بِفَتْحِهَا. انْتَهَتْ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ الْأَخِيرِ بِفَتْحِهَا أَيْ لَا غَيْرُ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ أَيْ؛ لِأَنَّ جَوَازَهَا ظَاهِرٌ بَارِزٌ، وَقِيلَ مِنْ عِنَانِ السَّمَاءِ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ الْعَيْنُ مَفْتُوحَةً وَعَلَى الْأَخِيرِ تَكُونُ مَكْسُورَةً عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.
وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى أَخْذِهَا مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ فَإِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهَا بِالْكَسْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّهَا بِالْفَتْحِ، وَفِي الْمُخْتَارِ عَنَّ لَهُ كَذَا يَعُنُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا عَنِينًا أَيْ عَرَضَ وَاعْتَرَضَ وَرَجُلٌ عِنِّينٌ لَا يُرِيدُ النِّسَاءَ بَيِّنُ الْعَنِينَةِ وَامْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ جَرِيحٍ وَعَنَّ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْعُنَّةِ أَوْ مُنِعَ عَنْهَا بِالسِّحْرِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعُنَّةُ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ وَسُمِّيَ الرَّجُلُ عِنِّينًا؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعُنُّ عَنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ لِيَمِينٍ وَشِمَالٍ أَيْ يَعْتَرِضُ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ، وَيُسَمَّى عِنَانُ اللِّجَامِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعُنُّ أَيْ يَعْتَرِضُ الْفَمَ فَلَا يَلِجُهُ اهـ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاطِلَةٌ) أَيْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَالٌ وَسَلِمَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَإِذَا حَصَلَ مَالٌ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ اهـ. مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَعِبَارَةُ سم.
(تَنْبِيهٌ) مَا حَصَّلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَيُقْسَمُ الْحَاصِلُ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَمَا اكْتَسَبَاهُ فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ إنْ اكْتَسَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ فَلِكُلٍّ كَسْبُهُ، وَإِلَّا قُسِمَ الْحَاصِلُ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ اهـ. خَضِرٌ اهـ. مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي غَيْرِ مَالٍ) أَيْ فِي الْأَبْدَانِ وَبَعْضِ أَقْسَامِ الْمُفَاوَضَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا أَيْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْ إذَا كَانَ فِيهَا مَالٌ أَوْ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ: كَالشَّرِكَةِ فِي احْتِطَابٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقِيَاسَ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ) أَيْ بِلَفْظِهِمَا، وَفِيهَا مَالٌ أَيْ، وَقَدْ وُجِدَ فِيهِ الْخَلْطُ بِشَرْطِهِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ صَحَّتْ إنْ نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ الْإِذْنَ فَلَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ كِنَايَةٌ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ يَعْنِي لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ حَتَّى يَسْتَدْرِكَ عَلَيْهِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ لَيْسَ مِنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ.
اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ يَعْنِي فِيمَا إذَا قَالَا تَفَاوَضْنَا وَالصُّورَةُ أَنَّ شُرُوطَ الْعِنَانِ مُتَوَفِّرَةٌ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَيْ اشْتَرَكْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ جَازَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ انْتَهَتْ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَرِطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا غُرْمُ مَا يَعْرِضُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْمُفَاوَضَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ فِي السِّيَاقِ إيهَامٌ. انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَعْنِي ع ش قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَيَا، مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي بِدُونِ النِّيَّةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ لَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ شُرُوطُ الْمُفَاوَضَةِ أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ، وَهُوَ مُفْسِدٌ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا إذَا نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ اقْتَضَى حَمْلَ الْغُرْمِ الْمَشْرُوطِ عَلَى غُرْمٍ يَنْشَأُ مِنْ الشَّرِكَةِ دُونَ الْغَصْبِ مَثَلًا، وَفَائِدَةُ النِّيَّةِ حَمْلُ الْمُفَاوَضَةِ فِيمَا لَوْ قَالَا تَفَاوَضْنَا مَثَلًا عَلَى شَرِكَةٍ مُسْتَجْمِعَةٍ لِلشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا مَالٌ) أَيْ، وَقَدْ خَلَطَاهُ، وَأَرَادَا بِالْغُرْمِ الْعَارِضَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ كَالْخُسْرَانِ وَالرِّبْحِ، وَقَوْلُهُ: شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَيْ كَأَنْ قَالَ تَفَاوَضْنَا أَوْ تَشَارَكْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ اهـ. سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) أَيْ بِجَعْلِ الْعَاقِدَيْنِ اثْنَيْنِ بِقَرِينَةِ التَّعْبِيرِ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ، وَإِلَّا لَعَبَّرَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: وَعَمَلٌ) اسْتَشْكَلَ عَدَّ الْعَمَلِ مِنْ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَقَعُ