(خَلَطَ) بَعْضَهُ بِبَعْضٍ (قَبْلَ عَقْدٍ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ) لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ فَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِمَجْلِسِهِ فَيُعَادُ الْعَقْدُ، وَلَا خَلْطَ لَا يَمْنَعُ التَّمَيُّزَ كَخَلْطِ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ مُكَسَّرَةٍ بِصِحَاحٍ، وَقَوْلِي قَبْلَ عَقْدٍ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَوْنُهُ (مُشَاعًا) ، وَلَوْ مُتَقَوِّمًا كَأَنْ وَرِثَاهُ أَوْ اشْتَرَيَاهُ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ كَنِصْفٍ بِنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ بِثُلُثَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخَلْطِ حَاصِلٌ بَلْ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ الْخَلْطِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيمَا اشْتَرَيَاهُ، وَالتَّقَابُضُ فِيمَا بَعْدَهُ (لَا تَسَاوٍ) لِلْمَالَيْنِ قَدْرًا فَلَا يُشْتَرَطُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي تَفَاوُتِهِمَا إذْ الرِّبْحُ وَالْخَسْرُ عَلَى قَدْرِهِمَا (وَلَا عِلْمَ بِنِسْبَةٍ) أَيْ بِقَدْرِهَا بَيْنَهُمَا أَهُوَ النِّصْفُ أَمْ غَيْرُهُ (عِنْدَ عَقْدٍ) إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بَعْدُ بِمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُمَا التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَّا أَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَتُهَا بَعْدُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فَالشَّرْطُ الْعِلْمُ بِالنِّسْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ جَهِلَا الْقَدْرَ وَعَلِمَا النِّسْبَةَ كَأَنْ وَضَعَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَوَضَعَ الْآخَرُ مُقَابِلَهَا مِثْلَهَا وَخَلَطَا صَحَّتْ (وَ) شَرَطَ (فِي الْعَمَلِ مَصْلَحَةً بِحَالٍّ وَنَقْدِ بَلَدٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ مَا الْمُرَادُ بِالْبَلَدِ، وَلَوْ قِيلَ الْعِبْرَةُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ التَّصَرُّفَ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْعِقَادِ الْعَقْدِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ مِنْ شَأْنِ التَّصَرُّفِ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ بَلْ بِالْمَحَلِّ الْمُرْبِحِ قَصَدَ أَوْ لَا فَكَانَ قَصْدُهُ غَيْرَ مَجْزُومٍ بِهِ فَأُلْغِيَ النَّظَرُ إلَيْهِ وَنَظَرَ لِمَحَلِّ الْعَقْدِ اهـ. إيعَابٌ.
أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي نَقْدِ الْبَلَدِ فِي الْوَكَالَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: خَلَطَ قَبْلَ عَقْدٍ) أَيْ قَامَ بِهِ الْخَلْطُ لِيَشْمَلَ مَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَلَطَتْهُ الرِّيحُ، وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَيْ عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ فَمَتَى تَمَيَّزَ عِنْدَهُمَا ضَرَّ، وَلَوْ اشْتَبَهَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ) قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ لَوْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزٍ بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ فِيهَا وَبَقِيَ عَكْسُهُ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الصِّحَّةِ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا قَالَهُ حَجّ بِأَنْ يَكُونَ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ لَكِنْ عَرَضَ قُبَيْلَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَطِلَاءٍ أَوْ صِدَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ يَمْنَعُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ يَعْلَمُ زَوَالَهُ بَعْدُ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مَنْ يُرِيدُ الِاشْتِرَاكَ فِي زَارِعَةِ الْقَمْحِ مَثَلًا مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَبْذُرُ يَوْمًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ هَكَذَا إلَى تَمَامِ الزِّرَاعَةِ لِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ فَيَخْتَصُّ كُلٌّ بِمَا بَذَرَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فِيمَا يُقَابِلُهُ وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْلِطَ مَا يُرَادُ بَذْرُهُ ثُمَّ يَبْذُرَ بَعْدَ ذَلِكَ.
اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْحَيْثِيَّةِ أَيْ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ أَوْ الْعَقْدُ الَّذِي يَقْتَضِي الثُّبُوتَ الْمَذْكُورَ، وَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا إنْ وُجِدَتْ الْحَيْثِيَّةُ (قَوْلُهُ: كَخَلْطِ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ) أَيْ، وَكَخَلْطِ بُرٍّ أَبْيَضَ بِبُرٍّ أَحْمَرَ لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ، وَإِنْ عَسُرَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَاعًا) أَفَادَ صَنِيعُهُ أَنَّ الْمُشَاعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَقْدِ الشَّرِكَةِ لَكِنْ لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ لَا لِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ لِثُبُوتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ فِيهِ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مِنْ الْمَتْنِ وَتَصِحُّ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ دُونَ الْمُتَقَوِّمِ، وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ اشْتِرَاطِ خَلْطِهِمَا إنْ أَخْرَجَا مَالَيْنِ وَعَقَدَا فَإِنْ مَلَكَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ مِثْلِيًّا كَانَ أَوْ مُتَقَوِّمًا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ نَظِيرُ مَا مَرَّ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ لِحُصُولِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْخَلْطِ، وَالْحِيلَةُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْ الْعُرُوضِ لَهَا طُرُقٌ مِنْهَا أَنْ يَرِثَاهَا أَوْ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخِرِ، وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بَعْدَ التَّقَابُضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشَّرِكَةَ فَإِنْ شَرَطَاهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَأَقَرَّهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِقِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ.
وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَا سِلْعَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَدْفَعُ كُلٌّ عَرَضَهُ فِيمَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخَلْطِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: وَالتَّقَابُضُ فِيمَا بَعْدَهُ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا عَرَضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلِمَ بِنِسْبَةٍ عِنْدَ عَقْدٍ) أَفَادَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالنِّسْبَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ إمَّا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَوْ لَا فَبَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ جَهِلَا الْقَدْرَ إلَخْ فَهَذَا مَفْهُومُ الْمَتْنِ أَيْ مَفْهُومُ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالنِّسْبَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْقَدْرِ لَا يُشْتَرَطُ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا بَعْدَهُ فَفِي مِثَالِهِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَالِهِ أَهُوَ أُوقِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَعِنْدَ الْقِسْمَةِ يَقْتَسِمَانِ الْمَالَيْنِ بِالنِّسْبَةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْمِيزَانُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَعْلَمُ رَأْسَ مَالِهِ فِي رِبْحِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ إذْ مُرَاجَعَةُ الْحِسَابِ أَوْ نَحْوِ الْوَكِيلِ الْوَاحِدِ إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ) بِتَثْلِيثِ الْكَافِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَكِفَّةُ الْمِيزَانِ بِالْكَسْرِ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الصِّحَاحِ أَنَّ الْفَتْحَ لُغَةٌ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ كُلُّ مُسْتَدِيرٍ فَهُوَ بِالْكَسْرِ نَحْوَ كِفَّةِ اللِّثَةِ، وَهِيَ مَا انْحَدَرَ مِنْهَا، وَكِفَّةُ الْمِيزَانِ، وَكِفَّةُ الصَّائِدِ، وَهِيَ حِبَالَتُهُ، وَكُلُّ مُسْتَطِيلٍ فَهُوَ بِالضَّمِّ نَحْوَ كُفَّةِ الثَّوْبِ، وَهِيَ حَاشِيَتُهُ، وَكُفَّةِ الرَّمْلِ، وَكَفَّ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ كُفًّا خَاطَهُ الْخِيَاطَةَ الثَّانِيَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِحَالٍّ وَنَقْدِ بَلَدٍ) إنْ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ الْمَصْلَحَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِقُصُورِهِ، وَإِنْ أَرَادَ اعْتِبَارَ ذَلِكَ مَعَ الْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ فَفِيهِ نَظَرٌ