(بَطَلَ) الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ بِمَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ) سَمَّاهُ (بَعْدَهُ) بِأَنْ قَالَ ذَلِكَ (أَوْ اشْتَرَاهَا) (فِي ذِمَّةٍ وَسَمَّاهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ)
ــ
[حاشية الجمل]
كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ نِيَّتَهُ فِي الْعَقْدِ لَا تُعْتَبَرُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَقَعُ الْعَقْدُ مَعَ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَقَعُ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ أَيْضًا بَلْ، وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ لَا يُقَالُ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْإِذْنِ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ إلَّا بِالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِهِ فَالْوَكِيلُ إمَّا صَادِقٌ فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ كَاذِبٌ فَهِيَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَأَيُّ صَرَاحَةٍ فِي وُقُوعِهَا لِلْوَكِيلِ لَا يُقَالُ إنْكَارُ الْبَائِعِ الْوَكَالَةَ اقْتَضَى وُقُوعَهَا لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَبْطُلُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ وَالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ، وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ لَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إذْ مَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْغَيْرِ بَلْ نَوَاهُ يَصِحُّ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ فِي الشِّرَاءِ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الشِّرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ فِي الْعَيْنِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ، وَهَذِهِ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْحِ فِي قَوْلِهِ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ سَكَتَ بِالنَّظَرِ لِتَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ بَلْ نَوَاهُ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: وَسَمَّاهُ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ فِي الذِّمَّةِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ سَكَتَ مِنْ حَيْثُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ بَلْ نَوَاهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي صُورَةِ الْبُطْلَانِ ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ فِي الْمَتْنِ وَثِنْتَانِ، وَهُمَا مَسْأَلَتَا النِّيَّةِ مَأْخُوذَتَانِ مِنْ مَفْهُومِ الشَّارِحِ الْآتِي وَتَحْتَ إلَّا عَشَرَةً صَحِيحَةً.
وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ كَالتَّسْمِيَةِ فِي الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَبَيَانُ الْعَشَرَةِ أَنَّ قَوْلَهُ بَلْ نَوَاهُ أَيْ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَّاهُ فِيهِ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْمُولِ سَمَّاهُ أَيْ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ سَكَتَ رَاجِعٌ لِلْخَمْسَةِ فَتَكُونُ عَشَرَةً، وَمَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ بِالنِّسْبَةِ لِصُوَرِ التَّسْمِيَةِ قَدْ مَرَّ فِي الْمَتْنِ وَبِالنَّظَرِ لِصُورَتَيْ النِّيَّةِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَكِنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ مِنْ صُوَرِ الْبُطْلَانِ اهـ. شَيْخُنَا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ بَاطِلَةٌ وَعَشَرَةٌ يَقَعُ فِيهَا الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ بَيَانُ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَ بِطَرِيقِ السَّبْرِ الْعَقْلِيِّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَكِيلَ إمَّا أَنْ يُسَمِّيَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يَنْوِيَ فِي الْعَقْدِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ يُكَذِّبَهُ أَوْ يَسْكُتَ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ تَأَمَّلْ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ.
(تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَشْهُورَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ، وَيَقَعُ فِيهَا بَيْنَ الطَّلَبَةِ امْتِحَانٌ وَاخْتِلَافٌ كَبِيرٌ فِي تَعْدَادِ صُوَرِهَا. وَحَاصِلُهَا أَنْ يُقَالَ إنَّ الشِّرَاءَ الْوَاقِعَ مِنْ الْوَكِيلِ إمَّا بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْوَكِيلِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقَعَ مِنْ الْوَكِيلِ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ أَوْ تَسْمِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالِهِ أَوْ مَعَ ذِكْرِهِ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَقَعَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ صُورَةً وَالْوَاقِعُ لِلْوَكِيلِ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَالْبَاطِلُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الْآتِي مِنْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ مُبْطِلَةٌ مَعَ التَّصْدِيقِ يَكُونُ الْبَاطِلُ مِنْهَا عَشْرَةً وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ التَّصْدِيقَ عَلَى النِّيَّةِ مُبْطِلٌ أَيْضًا يَكُونُ الْبَاطِلُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَكَالتَّصْدِيقِ الْحُجَّةُ وَبِهَا تَزِيدُ الصُّوَرُ عَلَى الْمَذْكُورَةِ وَتَزِيدُ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ وَاسْمَعْ، وَلَا تَتَوَهَّمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ، وَفِيهِ أَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بَاطِلٌ اهـ. ح ل، وَفِي نُسْخَةٍ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ الْوَكِيلِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّةٍ وَسَمَّاهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِيمَا سَمَّاهُ إلَخْ لَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ كَوْنُ الشِّرَاءِ فِي الْوَاقِعِ بِقَصْدِ الْمُسَمَّى أَيْ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْوَاقِعِ لَمْ يَأْذَنْ فِيمَا زَعَمَهُ الْوَكِيلُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِتَصْدِيقِهِ فِي الْحُكْمِ ظَاهِرًا بِالْبُطْلَانِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ تَصْدِيقِهِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْبُطْلَانِ فِي الْوَاقِعِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَذَّبَهُ الْبَائِعُ، وَكَانَ هُوَ كَاذِبًا فِيمَا زَعَمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقَصَدَهُ بِالشِّرَاءِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا فِي الْوَاقِعِ، وَكَانَتْ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ: ظَاهِرًا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَيَنْتِجُ مِنْ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ رِفْقِ الْقَاضِي بِالْمُوَكِّلِ حَيْثُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُوجِبُ الْحِلَّ لَهُ بَاطِنًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِالشِّرَاءِ الْمُوَكِّلَ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْوَاقِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute