(فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (بُلُوغًا بِإِمْنَاءٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاحْتِلَامِ (مُمْكِنٌ) بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (صُدِّقَ) فِي ذَلِكَ (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ، وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يُقْطَعُ فِيهِ بِبُلُوغِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ، وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ (أَوْ) ادَّعَاهُ (بِسِنٍّ كُلِّفَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ) ، وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لِإِمْكَانِهَا (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ مَرَّ حُكْمُهُمَا) أَيْ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا فِي بَابِ الْحَجْرِ وَالْفَلَسِ
(وَقُبِلَ إقْرَارُ رَقِيقٍ
ــ
[حاشية الجمل]
مُكْرَهٌ عَلَى الصِّدْقِ كَأَنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فِي قَضِيَّةٍ اُتُّهِمَ فِيهَا فَيَصِحُّ حَالَ الضَّرْبِ وَبَعْدَهُ، وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ، وَلَمْ يَنْحَصِرْ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنْ يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يُرَاجِعَ، وَيُقِرَّ ثَانِيًا وَاسْتَشْكَلَ الْمُصَنِّفُ قَبُولَ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ فِيمَا لَوْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ، وَيُرَادُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ سَوَاءٌ أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ لَضُرِبَ ثَانِيًا، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: كَأَنْ ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ فِي الشِّقَّيْنِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ حِلَّهُ إذَا ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ خَفِيفًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ سَوَاءٌ أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الضَّارِبُ لَهُ حَاكِمُ الشَّرْعِ أَوْ السِّيَاسَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالْمَشَايِخِ الْعَرَبِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) أَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ فَصَحِيحٌ، وَلَمْ يُوجَدْ لِلْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ مِثَالٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي تَصْوِيرِهِ إمَّا غَيْرُ إكْرَاهٍ أَوْ إكْرَاهٌ عَلَى غَيْرِ الْإِقْرَارِ أَوْ عَلَيْهِ لَكِنْ بِلَا حَقٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى بُلُوغًا إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا تَحْقِيقُ قَوْلِهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ أَيْ، وَلَوْ بِدَعْوَاهُ فَظَهَرَ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهَا اهـ. شَيْخُنَا، وَلِهَذَا كَتَبَ ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى بُلُوغًا أَيْ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ أَوْ لِيَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاحْتِلَامِ) قَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَيْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِنَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا أَعَمِّيَّةَ إلَّا بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهُ لُغَةً، وَأَنَّهُ مُسَاوٍ لِمَعْنَى الْإِمْنَاءِ عُرْفًا وَحِينَئِذٍ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ) وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهَا تُقِرُّ بِبَيِّنَةٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ اهـ. ح ل، وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ كَمَالِهَا مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ) لَكِنْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّ وَلَدَ بَعْضِ الْمُرْتَزِقَةِ إنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ أَوْ لِيَأْخُذَ السَّهْمَ حَلَفَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا يُرِيدُ مُزَاحَمَةَ غَيْرِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فِي خُصُومَةٍ) فَلَوْ بَاعَ وَنُوزِعَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ بِدَعْوَى صِغَرِهِ وَادَّعَى الْبُلُوغَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَحُكِمَ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَطَلَبَ الثَّمَنَ وَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ لِثُبُوتِ الْبُلُوغِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ اللَّازِمِ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ حَلِفُ وَلَدِ الْمُرْتَزِقَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَيْسَ لَازِمًا لِلْبُلُوغِ كَذَا تَحَرَّرَ مَعَ طِبّ اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ) أَيْ بِقَبُولِ قَوْلِهِ أَوْ لَا فَلَا نَنْقُضُهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَتْ الْخُصُومَةُ فِي زَمَنٍ يُقْطَعُ بِبُلُوغِهِ فِيهِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ وَقَعَ فِي الصِّبَا حَلَفَ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ:، وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ) ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْحَيْضَ صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا عَلَى حَيْضِهَا فَادَّعَتْ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ بِسِنٍّ) ، وَلَوْ ادَّعَى بُلُوغًا وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الِاحْتِلَامِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِفْسَارٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَوَافَقَهُ حَجّ قَالَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ بِأَنْ مَاتَ لَغَا إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّبَا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ غَرِيبًا غَيْرَ مَعْرُوفٍ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا بُدَّ فِي بَيِّنَةِ السِّنِّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ نَعَمْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِالْبُلُوغِ، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِسِنٍّ فَتُقْبَلُ وَهِيَ رَجُلَانِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِوِلَادَتِهِ يَوْمَ كَذَا قُبِلْنَ وَثَبَتَ بِهِنَّ السِّنُّ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالسِّنِّ وَالِاحْتِلَامِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ، وَأَطْلَقَ فَيُسْتَفْسَرُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ إذْ الْأَوْجَهُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا. اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِ ش قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ يَنْبَغِي أَوْ حَنَفِيٌّ وَالْحَاكِمُ شَافِعِيٌّ؛ لِأَنَّ السِّنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ أَكْثَرُ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ وُجُودُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَالشَّاهِدُ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ سَوَاءٌ أَرَادَ السِّنَّ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ. اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ (قَوْلُهُ: وَالسَّفِيهُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ صُوَرٍ مِنْ مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: مَرَّ حُكْمُهُمَا أَمَّا الْمُفْلِسُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ، وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ أُسْنِدَ وُجُوبُهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute