(عَلَى مُحَمَّدٍ) نَبِيِّنَا (وَآلِهِ) هُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ (وَصَحْبِهِ) هُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وَهُوَ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَطْفُ الصَّحْبِ عَلَى الْآلِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَاقِيَهُمْ
ــ
[حاشية الجمل]
كَتَبَ بِخَطِّهِ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ إنَّمَا قُلْت: بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ لِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ الْمُرَادُ فَدَفَعْت ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ اهـ زِيَادِيٌّ اهـ ع ش إذْ لِلسَّلَامِ سَبْعُ مَعَانٍ: التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامَةُ مِنْ النَّقَائِصِ وَالِاسْتِسْلَامُ وَاسْمُ اللَّهِ وَاسْمُ شَجَرٍ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَالْمُرَادُ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ اهـ أُجْهُورِيٌّ كَذَا فِي خَطِّهِ سَبْعُ وَالْمَعْدُودُ سِتٌّ فَقَطْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ) كَلِمَةُ عَلَى هُنَا مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْمَضَرَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩] فَلَا يَرِدُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ مَعَ كَلِمَةِ عَلَى يَكُونُ لِلْمَضَرَّةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا عَلَيْهِ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشَّنَوَانِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ هُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ) أَيْ وَبَنَاتُهُ فَفِيهِ تَغْلِيبٌ وَكَذَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الْآلِ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ لِآبَائِهِمْ اهـ ع ش هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِمْ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ كَمَا هُنَا كُلُّ مُؤْمِنٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَقَامَ تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ) أَيْ وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ جَمْعٌ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: وَجَمْعُ صَاحِبٍ صَحْبٌ كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَخْفَشِ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَهُوَ جَمْعُ صَاحِبٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا جَمْعٌ صِنَاعِيٌّ فَلَا مُخَالَفَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ) أَيْضًا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَكَابِرِ النُّحَاةِ وَسِيبَ مَعْنَاهُ التُّفَّاحُ وَوَيْهِ بِمَعْنَى مِثْلِ وَكَانَتْ خُدُودُهُ كَالتُّفَّاحِ وَهُوَ عَلَى أُسْلُوبِ الْعَجَمِ فِي تَقْدِيمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى أَدَاةِ التَّشْبِيهِ اهـ أُجْهُورِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ) أَيْ أَنَّ صَاحِبَ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ مِنْ أَنَّهُ مَنْ طَالَ اجْتِمَاعُهُ وَمُعَاشَرَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالصَّحَابِيِّ مَنْ اجْتَمَعَ إلَخْ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِاجْتَمَعَ إشْعَارٌ بِاشْتِرَاطِ اتِّصَافِهِ بِالتَّمْيِيزِ حِينَ اللِّقَاءِ وَالتَّعْبِيرُ بِلَقِيَ أَقَلُّ إيهَامًا لِذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّمْيِيزُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاجْتِمَاعِ الْمُتَعَارَفِ أَنْ يَكُونَ بِالْأَبْدَانِ فِي عَالَمِ الدُّنْيَا اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ مَنْ اجْتَمَعَ) شَمَلَتْ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ مَرَّاتٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ حَيٌّ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَمْ يَجْتَمِعُوا بِهِ إلَّا بِأَرْوَاحِهِمْ فَقَطْ اهـ أُجْهُورِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّنَا) أَيْ بَعْدَ نُبُوَّتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ أَعْمَى أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمِنْ ثَمَّ عَدُّوا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَحَابِيًّا مَعَ وِلَادَتِهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَيَّامٍ وَشَمَلَتْ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَكَذَا الْمَلَائِكَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُرْسَلٌ إلَيْهِمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَدَّ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ رَآهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَاتَ عَلَى دِينِ الْحَنِيفِيَّةِ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ صَحَابِيًّا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَعُطْفُ الصَّحْبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعَطْفِ الْعَطْفُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ وَإِلَّا فَالْعَطْفُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا تَكَرَّرَتْ الْمَعْطُوفَاتُ عَلَى الصَّحِيحِ فَالْعَطْفُ عَلَى مُحَمَّدٍ لَا عَلَى الْآلِ أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ اهـ ع ش وَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ) أَيْ الصَّحْبَ الَّذِينَ لَيْسُوا بِآلٍ فَبَيْنَ الصَّحْبِ وَالْآلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا عَلَى تَفْسِيرِ الْآلِ بِمَا ذَكَرَهُ الْغَيْرُ الْمُنَاسِبُ هُنَا أَمَّا لَوْ فَسَّرَ الْآلُ بِالْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا وَهُوَ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَانَ عَطْفُ الصَّحْبِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ عُمُومًا مُطْلَقًا وَنُكْتَتُهُ زِيَادَةُ فَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى إنَّ الصَّحْبَ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ آلٍ أَفْضَلُ مِنْ الْآلِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِصَحْبٍ لِأَنَّ فَضِيلَتَهُمْ بِالصُّحْبَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْعَمَلِ وَفَضِيلَةُ الْآلِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِصَحْبٍ إنَّمَا هِيَ بِالْغَيْرِ وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ بِوَصْفِهَا أَفْضَلُ مِنْ فَضِيلَتِهَا بِوَصْفِ ذَاتٍ أُخْرَى مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ قَالُوا: وَلِذَا كَانَ الْعَالِمُ الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيفٍ أَفْضَلُ مِنْ الشَّرِيفِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ لَكِنْ بَقِيَ الْبَحْثُ بِأَنَّ فِي الْآلِ كَثِيرًا مِنْ الصَّحْبِ وَفِي الصَّحْبِ كَثِيرًا مِنْ الْآلِ فَكَانَ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ ثَمَّ أَنْ يُقَدِّمَ الصَّحْبَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدَّمَ الْآلُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَرَدَتْ بِالنَّصِّ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحْبِ فَبِالْقِيَاسِ اهـ مَلَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَجُمْلَتَا الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ إلَخْ) فَالْقَصْدُ مِنْ جُمْلَةِ السَّلَامِ إنْشَاءُ التَّحِيَّةِ مِنْ الْمُسَلِّمِ عَلَى الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ لِطَلَبِ أَنْ تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ السَّلَامَةُ كَالْبِنَاءِ الْمُحِيطِ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لِشَيْءٍ مِنْ ضِدِّهِ سَبِيلٌ إلَيْهِ مَعَ إظْهَارِ الْكَرَامَةِ وَالتَّعْظِيمِ بِذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمُسَلِّمَ جَعَلَ سَلَامَهُ كَالْبِنَاءِ الْمُحِيطِ الثَّابِتِ عَلَى الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لِشَيْءٍ مِنْ ضِدِّهِ سَبِيلٌ إلَيْهِ فَالتَّعَدِّيَةُ بِعَلَى تُفِيدُ شُمُولَ تِلْكَ التَّحِيَّةِ وَعُمُومَهَا مَعَ ثُبُوتِهَا وَإِحَاطَتَهَا بِجَمِيعِ جِهَاتِهِ حَتَّى جِهَةِ عُلُوِّهِ اهـ تَقْرِيرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute