لَا يَبْنِي، وَلَا يَغْرِسُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ (وَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِبِنَاءٍ لَا يَغْرِسُ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِغَرْسٍ لَا يَبْنِي لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ وَضَرَرُ الْغِرَاسِ فِي بَاطِنِهَا أَكْثَرُ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ) أَيْ الْإِذْنَ فِيهَا أَوْ عَمَّمَهُ فِيهَا (صَحَّ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ (وَزَرَعَ) الْمُسْتَعِيرُ (مَا شَاءَ) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى، وَلَوْ قِيلَ لَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَزْرَعُ مَا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ هُنَاكَ، وَلَوْ نَادِرًا، وَمَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَحْثَ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ إنَّمَا تَنْزِلُ عَلَى الْأَقَلِّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَصَحَّ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ (لَا) إنْ أَطْلَقَ (إعَارَةَ) شَيْءٍ (مُتَعَدِّدِ جِهَةٍ) كَأَرْضٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ (بَلْ يُعَيِّنُ) جِهَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ يُعَمِّمُ) الِانْتِفَاعَ كَقَوْلِهِ انْتَفِعْ بِهِ كَيْفَ شِئْت أَوْ افْعَلْ بِهِ مَا بَدَا لَك، وَيَنْتَفِعُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي بِمَا شَاءَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَقِيلَ بِمَا فِي الْعَادَةِ ثُمَّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِسَاطٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ لَمْ يَحْتَجْ فِي إعَارَتِهِ إلَى تَعْيِينِ جِهَةِ الْمَنْفَعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ. (تَتِمَّةٌ) . لَوْ اسْتَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَوْ، وَقَعَ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا صَرَّحَ لَهُ بِالتَّجْدِيدِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ فِي عَارِيَّةِ الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ (رُجُوعٌ) فِي الْعَارِيَّةِ مُطْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مُؤَقَّتَةً
ــ
[حاشية الجمل]
إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ دُونَ مَا ظَنَّهُ، وَيُكْتَبُ لَعَلَّهُ كَذَا وَرُدَّ بِأَنَّ كِتَابَةَ لَعَلَّهُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي اللَّفْظِ لَا الْحُكْمِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الْمَمْلُوكَ غَيْرُ الْمُصْحَفِ لَا يُصْلِحُ فِيهِ شَيْئًا مُطْلَقًا إلَّا إنْ ظَنَّ رِضَا مَالِكِهِ بِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ إصْلَاحُ الْمُصْحَفِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ خَطُّهُ لِرَدَاءَتِهِ وَأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ إصْلَاحُهُ إنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيهِ، وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا سَوَاءٌ الْمُصْحَفُ وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى تَرَدَّدَ فِي عَيْنِ لَفْظٍ أَوْ فِي الْحُكْمِ لَا يُصْلِحُ شَيْئًا، وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ كِتَابَةِ لَعَلَّهُ كَذَا إنَّمَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْكَاتِبِ اهـ. حَجّ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ بِخَطِّهِ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ يُصْلِحُهُ حَيْثُ كَانَ خَطُّهُ مُنَاسِبًا لِلْمُصْحَفِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي سُؤَالِهِ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا خَرَجَ بِذَلِكَ كِتَابَةُ الْحَوَاشِي بِهَوَامِشِهِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ الْكِتَابِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِفِعْلِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
(فَرْعٌ) اسْتِطْرَادِيٌّ، وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الشَّرِيكَ فِي فَرَسٍ يَتَوَجَّهُ بِهَا إلَى عَدُوٍّ وَيُقَاتِلُهُ وَتَتْلَفُ الْفَرَسُ هَلْ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ أَوْ لَا؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَاءَهُمْ الْعَدُوُّ إلَى بَلْدَتِهِمْ وَخَرَجُوا لِلدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَتَلِفَتْ الْفَرَسُ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ خَرَجُوا ابْتِدَاءً، وَقَصَدُوا الْعَدُوَّ عَلَى نِيَّةِ قِتَالِهِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَرْضَى بِخُرُوجِ الشَّرِيكِ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّهَا الْمُعْتَادَةُ عِنْدَهُمْ فِي الِانْتِفَاعِ. (فَرْعٌ) آخَرُ، وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّابَّةِ إذَا نَزَلَ عَنْهَا بَعْدَ رُكُوبِهِ لَهَا يُرْسِلُهَا مَعَ تَابِعِهِ فَيَرْكَبُهَا التَّابِعُ فِي الْعَوْدِ ثُمَّ تَتْلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ أَمْ التَّابِعُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ رَكِبَهَا التَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَاجَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ إيصَالِهَا إلَى مَحَلِّ الْحِفْظِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَبْنِي، وَلَا يَغْرِسُ) مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْ الْغِرَاسِ مَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ أَمَّا مَا يُغْرَسُ لِلنَّقْلِ فِي عَامِهِ، وَيُسَمَّى الْفَسْلُ بِالْفَاءِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ فَيَصِحُّ. اهـ. س ل وَيُشِيرُ لِهَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ.
(قَوْلُهُ: يَزْرَعُ مَا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) اعْتَمَدَهُ م ر حَيْثُ لَا قَرِينَةَ وَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فِي الْمُدَّةِ فَانْظُرْهُ. (فَرْعٌ) . اسْتَعَارَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِسَاطًا لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ تَكْرِيرُ الرُّكُوبِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ وَتَكْرِيرُ الْجُلُوسِ عَلَى ذَلِكَ الْبِسَاطِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ اعْتَمَدَ م ر جَوَازَ التَّكْرِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي ذَلِكَ التَّكْرِيرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ يَمْتَنِعُ التَّكْرِيرُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَعَارَهُ كِتَابًا لِلْمُطَالَعَةِ فِيهِ اقآتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُطْلَقَةِ فِي نَحْوِ الْبِسَاطِ أَمَّا لَوْ قَيَّدَ فِيهِ بِمُدَّةٍ فَيَنْبَغِي جَوَازُ تَكْرِيرِ الْجُلُوسِ فِي الْمُدَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِمُدَّةٍ فَلَهُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ أَوْ يَرْجِعَ الْمُعِيرُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ) (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ) أَيْ كَقَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ مُعِيرٌ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ إلَخْ، وَكَقَوْلِهِ، وَلِمُعِيرٍ دُخُولُهَا وَانْتِفَاعٌ بِهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ لَمْ يَعْتَدْ قَلْعَهُ إلَخْ، وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَعَلَيْهِمَا فَاَلَّذِي لِلْمُسْتَعِيرِ كَقَوْلِهِ وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ، وَكَقَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً، وَلَمْ يُدْرِكْ فِيهَا لِتَقْصِيرٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ أَعَرْتنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ رُجُوعٌ إلَخْ) ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمُبَاحُ لَهُ مَنَافِعَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا بِهِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: م إنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ أَوْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ جُنُونِ الْمُعِيرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ جُنُونِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِبَاحَةِ اهـ.
حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَلَا يُنْسَبُ لَهُ تَقْصِيرٌ بِعَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute