فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَنْفَسِخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ لَكِنْ (بِشَرْطٍ فِي بَعْضٍ) مِنْ الصُّوَرِ (كَدَفْنٍ) لِمَيِّتٍ (فَ) إنَّهُ (إنَّمَا يَرْجِعُ) بَعْدَ الْحَفْرِ (قَبْلَ الْمُوَارَاةِ) لَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافَهُ (أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) لِأَثَرِهِ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهِ. وَصُورَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا أَذِنَ الْمُعِيرِ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ، وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْمُوَارَاةِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْإِعْلَامِ، وَمِثْلُ الْجُنُونِ إغْمَاؤُهُ، وَمَوْتُهُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْمَوْتِ اهـ.
وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ جَاهِلًا بِانْقِضَائِهَا هَلْ هُوَ كَاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْمُطْلَقَةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ أُجْرَةٌ أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ أَصْلًا فَاسْتِعْمَالُهَا مَحْضُ تَعَدٍّ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ مَالَهُ وَقَدْ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعْمِلُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَارِثُهُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَشْمَلْهُ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ حَيْثُ اسْتَوْفَاهَا جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ لِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ جَاهِلًا لَمْ يَضْمَنْ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ كَاللَّبَنِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ وَاسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ عَيْنًا، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهَا مَبَرَّةٌ مِنْ الْمُعِيرِ وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَالْإِلْزَامُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا وَالرَّدُّ فِي الْمُعِيرِ بِمَعْنَى الِاسْتِرْدَادِ الَّذِي عُهِدَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) وَعَلَى وَارِثِ الْمُسْتَعِيرِ الرَّدُّ فَوْرًا فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهَا ضُمِنَتْ مَعَ مُؤْنَةِ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ ضَمِنَهَا الْوَارِثُ مَعَ الْأُجْرَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ قَالَ الشَّيْخُ: وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ) أَيْ كَجُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَكَذَا بِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ اهـ. م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: كَجُنُونِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ دَعَتْ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ فَهَلَّا قِيلَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ لِجَوَازِ إنْشَائِهَا مِنْ الْوَلِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَقَدْ زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عَقْدِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ لِتَكُونَ اسْتِدَامَةً، وَالْوَلِيُّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إنْشَاءِ الْعَقْدِ إنْ أَرَادَهُ بِأَنْ رَآهُ مَصْلَحَةً اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ الْحَفْرِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِمَعْنَى أَخْذِهَا وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ هُوَ أَيْضًا فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا بِهَذَا التَّقْيِيدِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ إلَخْ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُنْدَرِجَةٌ فِيهِ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ فِيهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا قَبْلَ الْمُوَارَاةِ وَأَمَّا الرُّجُوعُ بَعْدَ الْمُوَارَاةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ الْمُعِيرُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لَوْ رَجَعَ بِالْقَوْلِ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَتْنَ شَامِلٌ لِمَا يُرْجَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ، وَلِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ إلَخْ. اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ) الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءٌ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُ فِيهَا اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
وَلَوْ أَظْهَرهُ السَّيْلُ مِنْ الْقَبْرِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا مَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَلَا تَجِبُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجْزَاءِ الْمَحْسُوسَةِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةً، وَيُقَالُ لَهُ عَجْمٌ بِالْمِيمِ أَيْضًا عِوَضًا عَنْ الْبَاءِ، وَهُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ، وَهُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ، وَهُوَ مَكَانُ رَأْسِ الذَّنَبِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ، وَفِي حَدِيثِ «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ» قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي هَذَا سِرٌّ لَا نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُ الْوُجُودَ مِنْ الْعَدَمِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَبْنِي عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جُعِلَ عَلَامَةً لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى إحْيَاءِ كُلِّ إنْسَانٍ بِجَوْهَرِهِ، وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلْمَلَائِكَةِ بِذَلِكَ إلَّا بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ إعَادَةُ الْأَرْوَاحِ إلَى تِلْكَ الْأَعْيَانِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَلَوْلَا إبْقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لَجَوَّزَتْ الْمَلَائِكَةُ الْإِعَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute