للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) كَنَقْدٍ يَسِيرٍ (وَأَمِنَ) الطَّرِيقَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ (فَبِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ) الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ يُطَالَبُ لِلْفَيْصُولَةِ سَوَاءٌ أَنُقِلَ مِنْ مَكَانِ الْغَصْبِ أَمْ لَا فَلَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ وَلَا لِلْغَاصِبِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَ الْمِثْلِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، وَقَوْلِي وَأَمِنَ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ وَمَعْنَى كَوْنِ الْقِيمَةِ لِلْفَيْصَلِ أَنَّهُ إذَا غَرِمَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْآخَرِ اسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ وَبَذْلُ الْمِثْلِ

(وَيُضْمَنُ مُتَقَوِّمٌ أُتْلِفَ بِلَا غَصْبٍ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفٍ) لِأَنَّهُ بَعْدَهُ مَعْدُومٌ وَضَمَانُ الزَّائِدِ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْغَصْبِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَلَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مُغَنِّيًا لَزِمَهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ أَوْ أَمَةً مُغَنِّيَةً لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ عَلَى النَّصِّ الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَهُ مِنْهَا مُحَرَّمٌ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْأَمْرَدَ كَذَلِكَ (فَإِنْ تَلِفَ بِسِرَايَةِ جِنَايَةٍ فَبِالْأَقْصَى) مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ يَضْمَنُ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْأَقْصَى فِي الْغَصْبِ فَفِي نَفْسِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى

(وَلَا يُرَاقُ مُسْكِرٌ عَلَى ذِمِّيٍّ لَمْ يُظْهِرْهُ) بِنَحْوِ شُرْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنْ أَظْهَرَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لِمِثْلِهِ أُرِيقَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَإِطْلَاقِي إظْهَارَهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجِزْيَةِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَهُ بِالشُّرْبِ وَالْبَيْعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَيُرَدُّ) الْمُسْكِرُ الْمَذْكُورُ (عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (كَمُحْتَرَمٍ) أَيْ كَمَا يَجِبُ رَدُّ مُسْكِرٍ مُحْتَرَمٍ (عَلَى مُسْلِمٍ) إذَا غُصِبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهُ لِيَصِيرَ خَلًّا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ وَفَسَّرَ الشَّيْخَانِ هُنَا الْخَمْرَةَ الْمُحْتَرَمَةَ بِمَا عُصِرَ

ــ

[حاشية الجمل]

مَكَانًا آخَرَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ أَيْ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ سَوَاءٌ كَانَ مَكَانَ التَّلَفِ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْغَاصِبِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ أُجْرَةَ النَّقْلِ وَارْتِفَاعَ السِّعْرِ، وَقَوْلُهُ وَأَمِنَ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَهَذَانِ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطَانِ لِإِجْبَارِ الْمَالِكِ الْغَاصِبِ عَلَى دَفْعِ الْمِثْلِ وَلِإِجْبَارِ الْغَاصِبِ الْمَالِكِ عَلَى أَخْذِهِ فَقَوْلُهُ فَلَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ أَيْ لَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى دَفْعِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ مُؤْنَةٌ فِي نَقْلِ الْمَغْصُوبِ إلَى هَذَا الْمَكَانِ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ كَأَنْ غَصْبَ بُرًّا بِمِصْرَ وَتَلِفَ بِهَا ثُمَّ طَالَبَهُ بِمَكَّةَ لَا يَجِبُ هُنَاكَ دَفْعُ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ وَلَا لِلْغَاصِبِ إلَخْ أَيْ إنْ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ مُؤْنَةٌ فِي رَدِّ الْمِثْلِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ كَمَا لَوْ غَصَبَ بُرًّا بِمَكَّةَ، وَتَلِفَ فِيهَا ثُمَّ لَقِيَ الْمَالِكَ بِمِصْرَ لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ قَبُولَ الْمِثْلِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ أَوْ كَانَتْ هُنَاكَ أَكْثَرَ فَكُلٌّ مِنْ الْكَوْنِ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً وَمِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ اهـ. م ر اهـ. سم. (قَوْلُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ قَبْلَ التَّلَفِ.

(قَوْلُهُ وَيُضْمَنُ مُتَقَوِّمٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا اهـ. شَرْحُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُضْمَنُ مُتَقَوِّمٌ أُتْلِفَ بِلَا غَصْبٍ) وَلَوْ الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُعَارُ التَّالِفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَفِي مَعْنَى الْغَصْبِ التَّعَدِّي فِي الْأَمَانَةِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. اهـ ح ل (قَوْلُهُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) أَيْ بِأَنْ يَخَافَ مِنْهَا ذَلِكَ عَادَةً أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْفِتْنَةَ كَانَ مَكْرُوهًا، وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْأَمْرَدَ كَذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ خِيفَ مِنْ غِنَائِهِ الْفِتْنَةَ بِأَنْ كَانَ جَمِيلًا اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَلَا يُرَاقُ مُسْكِرٌ عَلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ، وَأَمَّا عَلَى مُسْلِمٍ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَمُحْتَرَمٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ رَدُّهُ عَلَيْهِ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُرَاقُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يُرَاقُ مُسْكِرٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ آلَةُ اللَّهْوِ وَالْخِنْزِيرُ وَمَعْنَى إظْهَارِهِ الْآلَةَ أَنْ يَسْمَعَهَا مَنْ لَيْسَ فِي دَارِهِمْ أَيْ مَحَلَّتِهِمْ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ فِي شَأْنِ إظْهَارِ الْمُسْكِرِ وَمَعْنَى إظْهَارِ الشُّرْبِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى ذِمِّيٍّ) مِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَظْهَرَهُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُرِيقُ فَقَالَ الْمَالِكُ هُوَ عَصِيرٌ، وَقَالَ الْمُرِيقُ هُوَ خَمْرٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَالِيَّةُ اهـ. ح ل وَمِنْ الْإِظْهَارِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا مِنْ شَيْلِ الْعَتَّالِينَ لِظُرُوفِهَا وَالْمُرُورُ بِهَا فِي الشَّوَارِعِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أُرِيقَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فَتُرَاقُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَمِثْلُ الْمُسْكِرِ الْحَشِيشَةُ فِي عَدَمِ ضَمَانِهَا وَإِنْ صَحَّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ إتْلَافِهَا لِحِفْظِ الْعُقُولِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أُرِيقَ عَلَيْهِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ انْفَرَدُوا بِمَحَلَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ لَمْ يُخَالِطْهُمْ فِيهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقِيٌّ إظْهَارُهَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجِزْيَةِ) .

وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ وَلَزِمَنَا مَنْعُهُمْ إظْهَارَ مُنْكَرٍ بَيْنَنَا كَإِسْمَاعِهِمْ إيَّانَا قَوْلَهُمْ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَاعْتِقَادَهُمْ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ وَإِظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ بِخِلَافِ مَا أَظْهَرُوهُ بَيْنَهُمْ كَأَنْ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ. اهـ وَتَمْثِيلُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّا لَا نَمْنَعُهُمْ إظْهَارَ الْمُحَرَّمِ إلَّا إذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ لُبْسِ الْحَرِيرِ مَثَلًا فَلَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ إظْهَارِ لُبْسِهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ) ذَكَرَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْكُفَّارَ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَاَلَّذِي يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لَا وُجُوبُ الرَّدِّ وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَالِدُهُ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ اِ هـ ح ل. (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ الشَّيْخُ أَنَّ هُنَا الْخَمْرَةَ الْمُحْتَرَمَةَ إلَخْ) تَقْسِيمُ الْخَمْرَةِ إلَى مُحْتَرَمَةٍ وَغَيْرِهَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ بِيَدِ الْمُسْلِمِ فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ كَافِرٍ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَفِي الْإِطْلَاقِ هِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَتَتَغَيَّرُ عَنْ الِاحْتِرَامِ أَوْ إلَيْهِ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى الْكَافِرُ احْتِرَامَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>