للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَفِي الرَّهْنِ بِمَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ وَتَعْبِيرِي فِيمَا ذُكِرَ بِالْمُسْكِرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْخَمْرِ (وَلَا شَيْءَ فِي إبْطَالِ أَصْنَامٍ وَآلَاتِ لَهْوٍ) كَطُنْبُورٍ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةُ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا (وَتَفَصَّلَ فِي إبْطَالِهَا) بِلَا كَسْرٍ لِزَوَالِ الِاسْمِ بِذَلِكَ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ تَفْصِيلِهَا (أَبْطَلَهَا كَيْفَ تَيَسَّرَ) إبْطَالُهَا بِكَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ إحْرَاقُهَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ مُحْتَرَمٌ فَمَنْ أَحْرَقَهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، وَمَنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَاقٍ لَزِمَهُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَقِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ، وَيَشْتَرِكُ فِي جَوَازِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَلَوْ أَرِقَّاءَ أَوْ فَسَقَةً وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى قَادِرٍ غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ

(وَيَضْمَنُ فِي غَصْبِ مَنْفَعَةِ مَا يُؤَجَّرُ) كَدَارٍ وَدَابَّةٍ بِتَفْوِيتِهَا وَفَوَاتِهَا كَأَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ أَوْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ كَالْأَعْيَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْشٌ نَقَصَ أَمْ لَا، وَيُضْمَنُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ سَلِيمًا قَبْلَ النَّقْصِ وَمَعِيبًا بَعْدَهُ فَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ ضُمِنَتْ كُلُّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا أَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ صَنَائِعُ وَجَبَ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهَا

ــ

[حاشية الجمل]

قَبْلَ إظْهَارِهَا صُدِّقَ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ لِاتِّهَامِهِ.

(تَنْبِيهٌ) يَلْحَقُ بِالْخَمْرِ كُلُّ مُسْكِرٍ وَلَوْ بِالتَّخْدِيرِ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ وَالْأُولَى فِي حَقِّ مُرِيقِ الْمُسْكِرِ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ قَبْلَهُ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَلْزَمُ مَنْ أَرَاقَ خَمْرًا عَلَى ذِمِّيٍّ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ عَلَيْهَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ الْغَيْرَ الْمَالِيِّ لَا يُضْمَنُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) شَمِلَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ أَوْ شَرِبَ عَصِيرَهَا أَوْ طَبَخَهُ دَبًّا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ أَوْ عَصَرَهَا مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ فِي الْعَصْرِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ أَوْ قَصَدَ الْخَمْرِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عَصَرَهَا كَافِرٌ لِلْخَمْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَالِاتِّخَاذُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ بَعْدَهُ قَصْدٌ يُفْسِدُهُ فَلَوْ طَرَأَ قَصْدُ الْخَمْرِيَّةِ زَالَ الِاحْتِرَامُ وَعَكْسُهُ بِالْعَكْسِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَنَّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ تَغَايُرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ الْمُعْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ لَكِنْ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَهْلِ الْأَثَرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ وَعَلَى هَذَا لَا عُمُومَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَصْلِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةُ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ مَعَ وُجُوبِ إبْطَالِهَا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِلَا كَسْرٍ) أَيْ بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ لِزَوَالِ اسْمِهَا وَهَيْئَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ بِذَلِكَ فَلَا تَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْتَارِ مَعَ بَقَاءِ الْجِلْدِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهُ مُنْفَصِلَةٌ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَبْطَلَهَا كَيْفَ تَيَسَّرَ) وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ كَاسِرٍ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْكَسْرُ إلَّا بِنَحْوِ الرَّضِّ، وَفَارَقَ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي أَنَّ مَا أَرَاقَهُ لَمْ يَتَخَمَّرْ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَا الْمُسَوِّغُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ وَمَنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَاقٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ هَذَا فِي الْآحَادِ أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ أَقُولُ وَمِثْلُ الْإِمَامِ أَرْبَابُ الْوِلَايَاتِ كَالْقُضَاةِ وَنُوَّابِهِمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ) أَيْ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ إذْ الصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّافِلَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْقَادِرِ) أَيْ وَلَوْ قِنًّا وَأُنْثَى وَفَاسِقًا نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي الْعُمْدَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ شُرُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَكَيْفَ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ يُرَدُّ بِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اسْتِهْزَائِهِ بِالدِّينِ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِقَوْلٍ أَوْ وَعْظٍ نَحْوَ لَا تَزْنِ وَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَسْأَلَةِ رَجُلٍ ذِمِّيٍّ نَهَى مُسْلِمًا عَنْ مُنْكَرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ مَثَلًا وَمِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتُهُ شَدِيدَةٌ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لَأَرْمِيَنَّكَ بِهَذَا السَّهْمِ وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِي الْخُمُورِ، وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لَيْسَ لِلذِّمِّيِّ فِيهَا سِوَى الْأُولَتَيْنِ فَقَطْ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا لَا يَلِيقَانِ بِالْكَافِرِ، وَأَمَّا الْأُولَتَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ بَلْ هُمَا مُجَرَّدُ قَوْلِ خَيْرٍ. اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَيْسَ لِلْكُفَّارِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَدَمِ الْإِزَالَةِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ فِعْلِهَا مَعَ عِقَابِهِمْ عَلَيْهَا لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّكْلِيفِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قِيلَ اهـ.

(قَوْلُهُ كَدَارٍ) أَيْ غَصَبَهَا كَذَلِكَ فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى دَارًا فَإِنْ بَنَاهَا مِنْ تُرَابِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الدَّارِ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْعَرْصَةِ فَقَطْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ ضُمِنَتْ كُلُّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا) وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ وَلَوْ اصْطَادَ الْغَاصِبُ بِآلَةٍ غَصَبَهَا كَشَبَكَةٍ أَوْ قَوْسٍ كَانَ الصَّيْدُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>