للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَبِالْحَدِّ.

ــ

[حاشية الجمل]

عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالَ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا إلَخْ وَنَفْيُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّجَاسَةَ مُسْتَقْذَرَةٌ إلَّا أَنَّ حُرْمَتَهَا لَيْسَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا اهـ أَيْ وَتَرَتُّبُ مَنْعِ الصَّلَاةِ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ غَيْرُ تَرَتُّبِ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ تَكُونُ حُرْمَتُهُ لِاسْتِقْذَارِهِ، وَقَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ فَمِثْلُ الْمَيْتَةِ فِيهَا جِهَتَانِ الِاسْتِقْذَارُ، وَنَهَى الشَّارِعُ عَنْ تَنَاوُلِهَا فَهِيَ قَدْ حُرِّمَتْ لِلضَّرَرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ الشَّارِعُ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِي التَّحْرِيمِ وَبِهِ زَالَ الْإِشْكَالُ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّجَاسَةَ كُلَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَلَكَ مَنْعُهُ فِي الْكَلْبِ الْحَيِّ وَلِهَذَا يَأْلَفُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ نَجَاسَتَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الذِّئْبِ وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ اسْتِقْذَارُهَا شَرْعًا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الدَّوْرُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ الْحَدُّ بِأَنَّهُ حَدٌّ لِلنَّجَسِ لَا لِلنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَحْرِيمُ مُلَابَسَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ فَهِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَكَيْفَ تُفَسَّرُ بِالْأَعْيَانِ رُدَّ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْيَانِ وَعَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَحَدُّهَا بِالْأَعْيَانِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يُرِدْ بِهَا مَعْنَاهَا الثَّانِي بَلْ الْأَوَّلَ وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيهِ أَوْ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا إنَّ النَّجَاسَةَ وَالنَّجَسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَعَرَّفَهَا الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهَا كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ التَّمْيِيزِ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ فَخَرَجَ بِالْإِطْلَاقِ مَا يُبَاحُ قَلِيلُهُ كَبَعْضِ النَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ فَيُبَاحُ فِيهَا تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ وَسُهُولَةُ التَّمْيِيزِ نَحْوُ دُودِ الْفَاكِهَةِ فَيُبَاحُ تَنَاوُلُهُ مَعَهَا، وَإِنْ سَهُلَ تَمْيِيزُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ إمْكَانِ التَّنَاوُلِ لِيَخْرُجَ بِهِ الْأَشْيَاءُ الصُّلْبَةُ كَالْحَجَرِ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا تَحْرِيمٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَبِلَا لِحُرْمَتِهَا لَحْمَ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ لَكِنْ لَا لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِحُرْمَتِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَحْمُ الْحَرْبِيِّ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ، إذْ الْحُرْمَةُ تَنْشَأُ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْأَوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الْعَرَضِيَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُولَى لَازِمَةٌ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الذَّاتِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ وَالثَّانِيَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ وَحِينَئِذٍ فَالْآدَمِيُّ ثَبَتَتْ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً، وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ وَالثَّانِيَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا حَتَّى يَمْتَنِعَ اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ، وَلَمْ يُعَظَّمْ فَلِهَذَا جَازَ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَدِّ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ لِحُرْمَتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ وَبِلَا لِاسْتِقْذَارِهَا مَا حَرُمَ تَنَاوُلُهُ لَا لِمَا تَقَدَّمَ بَلْ لِاسْتِقْذَارِهِ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ مَا ضَرَّ الْعَقْلَ كَالْأَفْيُونِ وَالزَّعْفَرَانِ أَوْ الْبَدَنَ كَالسُّمِّيَّاتِ وَالتُّرَابِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ إلَخْ أَيْ، وَلَوْ مِنْهُ كَأَنْ مَخَطَ أَوْ بَصَقَ، ثُمَّ أَرَادَ تَنَاوُلَهُ وَمَحِلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعِدَتِهَا كَالرِّيقِ فِي الْفَمِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْمُخَاطُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِبُصَاقِ مَنْ يَعْتَقِدُ صَلَاحَهُ فَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَطْفَالِ كَأَنْ أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْبَصْقِ فِي فَمِهِ أَوْ فَمِ وَلَدِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ الْبَصْقُ فِي فَمِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ التَّمْكِينُ مِنْ الْبَصْقِ فِي فَمِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ بِغَيْرِهِ كَأَنْ اخْتَلَطَ بِمَاءٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَقْذِيرٌ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا فِيهِمَا لِقَصْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>