للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ.

هَذَا (إنْ اتَّحَدَ عَقْدٌ وَ) اتَّحَدَ (عَامِلٌ) بِأَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْمُزَارَعَةِ هُوَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ لِأَنَّ عَدَمَ الِاتِّحَادِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُخْرِجُ الْمُزَارَعَةَ عَنْ كَوْنِهَا تَابِعَةً (وَعُسْرٍ) هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَعَذَّرَ (إفْرَادُ الشَّجَرِ بِالسَّقْيِ) فَإِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ (وَقُدِّمَتْ الْمُسَاقَاةُ) عَلَى الْمُزَارَعَةِ لِتَحْصُلَ التَّبَعِيَّةُ (وَإِنْ تَفَاوَتَ الْجُزْءَانِ الْمَشْرُوطَانِ) مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ كَأَنْ شُرِطَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الثَّمَرِ وَرُبُعُ الزَّرْعِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَصِحُّ تَبَعًا وَمَتَى فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ تَصِحَّ الْمُزَارَعَةُ وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ الْمُخَابَرَةُ تَبَعًا كَالْمُزَارَعَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهَا كَذَلِكَ.

وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ صِحَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ مُؤَوَّلَةٌ عَلَى مَا إذَا شُرِطَ لِوَاحِدٍ زَرْعُ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِآخَرَ أُخْرَى وَالْمَذْهَبُ مَا تَقَرَّرَ وَيُجَابُ عَنْ الدَّلِيلِ الْمُجَوِّزِ لَهَا بِحَمْلِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى جَوَازِهَا تَبَعًا أَوْ بِالطَّرِيقِ الْآتِي وَفِي الْمُخَابَرَةِ عَلَى جَوَازِهَا بِالطَّرِيقِ الْآتِي وَكَالْبَيَاضِ فِيمَا ذَكَرَ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (فَإِنْ أُفْرِدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْبَذْرِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ) الشَّامِلَةِ لِدَوَابِّهِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَعَمَلُهُ لَا يُحْبَطُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّرْعَ أَمْ تَلِفَ بِآفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ بِآفَةٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا أَشْبَهُ بِهِ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الشَّرِيكِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَا يَخْفَى عُدُولُهُ عَنْ الْقِيَاسِ الظَّاهِرِ.

(وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا) فِي إفْرَادِ الْمُزَارَعَةِ (وَلَا أُجْرَةَ

ــ

[حاشية الجمل]

خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا» اهـ. ح ل أَيْ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزْرَعُونَ مِنْ مَالِهِمْ فَهِيَ مُخَابَرَةٌ. اهـ. إسْعَادٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ حِينَئِذٍ تَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا» وَعَلَيْهِ فَقِصَّةُ خَيْبَرَ إنَّمَا هِيَ مُخَابَرَةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحَدِيثُ سِيقَ لِأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ فَثَبَتَ بِهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ ظَاهِرًا فِي الْمُخَابَرَةِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْطَاهُمْ بَذْرًا أَوْ أَمَرَ مَنْ يُعْطِيهِمْ» وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ وَبِجَعْلِ هَذَا جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ مُخَابَرَةً لَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ لِاسْتِدْلَالِ الشَّارِحِ عَلَى جَوَازِهَا بِعُسْرِ الْإِفْرَادِ. اهـ. بِحُرُوفِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لَمَّا مُلِكَتْ عَنْوَةً صَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالِكًا لَهَا وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْحَبِّ وَغَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ كَذَا بِهَامِشٍ (قَوْلُهُ وَعُسْرُ إفْرَادِ الشَّجَرِ بِالسَّقْيِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحٍ م ر وَعُسْرُ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَإِفْرَادِ الْبَيَاضِ بِالْمُزَارَعَةِ بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا اهـ.

شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا أَيْ كَأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ الْأَرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَعُسْرَ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ تَبَعًا وَيَتَعَيَّنُ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالْمُسَاقَاةِ إنْ أَرَادَهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَتْ الْمُسَاقَاةُ إلَخْ) فَلَوْ أُخِّرَتْ الْمُزَارَعَةُ لَكِنْ فَصَلَ الْقَابِلَ فِي الْقَبُولِ وَقَدَّمَهَا كَقَبِلْتُ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لَمْ يَبْعُدْ الْبُطْلَانُ أَقُولُ: وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لَا فِي الْإِيجَابِ وَلَا فِي الْقَبُولِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا الْمَالِكُ وَأَجْمَلَهُمَا الْعَامِلُ كَقَوْلِهِ قَبِلْتُهُمَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَالِكِ سَاقَيْتُك وَزَارَعْتُكَ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ حِكَايَةُ الظَّاهِرِ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: قَبِلْت الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ حُكْمًا فِي كَلَامِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ مُشِيرًا لِلنَّخْلِ وَالْبَيَاضِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ تُنَافِي التَّبَعِيَّةَ كَالتَّقَدُّمِ لِمَا يُزْرَعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاوَتَ الْجُزْءَانِ الْمَشْرُوطَانِ) فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الزَّرْعِ وَجَعَلَ الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الثَّمَرِ عَنْهُمَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لِوَاحِدٍ إلَخْ) وَوَجْهُ النَّهْيِ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ فَقَدْ تَطْلُعُ هَذِهِ دُونَ هَذِهِ. اهـ. زي.

(قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ) إمَّا الْعَامِلُ وَإِمَّا الْمَالِكُ وَقَوْلُهُ زَرْعَ قِطْعَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِزَرْعِهَا مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَا الْفِعْلُ أَعْنِي الزَّرْعَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ (قَوْلُهُ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) قِيلَ: هُوَ الْوَاقِعُ فِي خَيْبَرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ شَرِكَةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةٍ فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَامِلَ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِيكَ يَعْمَلُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَاحْتَجَّ فِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ إلَى وُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ اهـ س ل.

(قَوْلُهُ أَشْبَهُ بِهِ) أَيْ أَكْثَرُ شَبَهًا بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا مِنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الشَّرِيكِ وَالْفَرْقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ.

شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عُدُولُهُ عَنْ الْقِيَاسِ الظَّاهِرِ) أَيْ عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ اهـ. عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا إلَخْ) وَمَنْ زَارَعَ عَلَى أَرْضٍ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَعَطَّلَ بَعْضَهَا لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ غَلَّطَهُ فِيهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَهُوَ الْأَوْجُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْفَلَّاحُ السَّقْيَ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَخَرَجَ بِالْمُزَارَعَةِ الْمُخَابَرَةُ فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ اهـ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُخَابِرَ فِي مَعْنَى مُسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا وَإِنْ عَطَّلَهَا بِخِلَافِ الْمَزَارِعِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ عَلَى عَمَلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا عَطَّلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَتَهَا وَلَا بَاشَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>