للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَغْلِيبًا لِلنَّجَسِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا.

(وَمَنِيُّهَا) تَبَعًا لِأَصْلِهِ بِخِلَافِ مَنِيِّ غَيْرِهَا لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحُكُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» .

(وَمَيْتَةُ غَيْرِ بَشَرٍ وَسَمَكٌ وَجَرَادٌ) لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] .

أَمَّا مَيْتَةُ الْبَشَرِ

ــ

[حاشية الجمل]

إلَى وُجُوبِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ.

(فَائِدَةٌ) نَظَمَ بَعْضُهُمْ أَحْكَامَ الْفَرْعِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بِقَوْلِهِ

يَتْبَعُ الْفَرْعُ فِي انْتِسَابٍ أَبَاهُ ... وَلِأُمٍّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّهْ

وَالزَّكَاةُ الْأَخَفُّ وَالدَّيْنُ الْأَعْلَى ... وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ وَدِيَهْ

وَأَخَسُّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا وَذَبْحًا ... وَنِكَاحًا وَالْأَكْلَ وَالْأُضْحِيَّهْ

وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلْبَ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ طَاهِرٌ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ صُورَتِهِ كَالْمَسْخِ وَأَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ كَلْبَيْنِ نَجِسٌ قَطْعًا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ إعْطَائِهِ حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ شَاتَيْنِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَخْطُبَ وَيَؤُمَّ بِالنَّاسِ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ اهـ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ كَذَلِكَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ سَمَكٍ وَآدَمِيٍّ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ اهـ وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَانْظُرْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ فَرْعِهِمَا أَنَّهُ تَوَلَّدَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَشْمَلُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْهُمَا مَعَ حَيَوَانٍ آخَرَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ) الْمُرَادُ بِأَصْلِهِ الْبَدَنُ الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فَكَيْفَ يَكُونُ فَرْعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ التَّخَلُّقِ مِنْهُ فَرْعٌ بِاعْتِبَارِ انْفِصَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنِيِّ غَيْرِهِ) أَيْ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْآدَمِيِّ بَعْدَ التِّسْعِ، فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَهَا فَنَجِسٌ بِخِلَافِ اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ ع ش.

(فَرْعٌ) أَذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ فَخَرَجَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي نَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ وَفِيهِ صِفَاتُ الْمَنِيِّ فَهَلْ هُوَ طَاهِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْلَ التِّسْعِ وَتِلْكَ الصِّفَاتُ لَيْسَتْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ صِفَاتِهِ إذَا وُجِدَ فِي حَدِّ الْإِمْكَانِ وَالْأَصْلُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْبَطْنِ النَّجَاسَةُ انْتَهَتْ، وَلَوْ بَالَ الشَّخْصُ، وَلَمْ يَغْسِلْ مَحِلَّهُ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ رَجُلٌ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ تَنَجَّسَ مِنْهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ ذَكَرَهُ اهـ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِالِامْتِنَاعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اتَّجَهَ أَنَّهُ عُذْرًا فَيَجُوزُ الْوَطْءُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ كَوْنُهُ خَارِجًا مِنْ مَحَلٍّ مُعْتَادٍ أَوْ مِمَّا قَامَ مَقَامَهُ مُسْتَحْكَمًا أَوْ لَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ، ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُجِيبَ بِصِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ مَنِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مِنْ جِمَاعٍ فَيُخَالِطُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ فَلَوْ كَانَ مَنِيُّهَا نَجِسًا لَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِفَرْكِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَنِيِّهِ فَيُنَجِّسُهُ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَمَيْتَةٌ غَيْرُ بَشَرٍ) أَيْ آدَمِيٍّ وَمِثْلُهُ الْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْسَامٌ وَلَهَا مَيْتَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْعَدِمُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهَا كَالْفَتِيلَةِ فَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْعَدِمُ طَاهِرَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَجَرَادٌ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَرْدِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ بَرِّيٌّ وَبَحْرِيٌّ وَبَعْضُهُ أَصْفَرُ وَبَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَعْضُهُ أَحْمَرُ وَبَعْضُهُ كَبِيرُ الْجُثَّةِ وَبَعْضُهُ صَغِيرُهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْيَضَّ الْتَمَسَ الْمَوَاضِعَ الصُّلْبَةَ وَضَرَبَهَا بِذَنْبِهِ فَتَنْفَرِجُ فَيُلْقِي بَيْضَهُ فِيهَا وَيَكُونُ حَاضِنًا لَهُ وَمُرَبِّيًا وَلَهُ سِتَّةُ أَرْجُلٍ يَدَانِ فِي صَدْرِهِ وَقَائِمَتَانِ فِي وَسَطِهِ وَرِجْلَانِ فِي مُؤَخِّرِهِ وَطَرَفِ رِجْلَيْهِ صَفْرَاوَانِ وَفِي خِلْقَتِهِ عَشَرَةٌ مِنْ جَبَابِرَةِ الْبَوَادِي وَجْهُ فَرَسٍ وَعَيْنُ فِيلٍ وَعُنُقُ ثَوْرٍ وَقَرْنُ أُيَّلٍ وَصَدْرُ أَسَدٍ وَبَطْنُ عَقْرَبٍ وَجَنَاحَا نَسْرٍ وَفَخْذَا جَمَلٍ وَرِجْلَا نَعَامَةٍ وَذَنَبُ حَيَّةٍ ` وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَكْثَرُ إفْسَادًا مِنْهُ وَلُعَابُهُ سَمِّ عَلَى الْأَشْجَارِ وَلَا يَقَعُ عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَفْسَدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْذَارٍ فِيهَا فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْبُصَاقِ، وَمِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا يَرِدُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَالسُّمِّيَّاتِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَمَّا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي مَيْتَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>