للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ لُغَةً الْحَبْسُ وَشَرْعًا حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ.

(أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مَوْقُوفٌ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَوَاقِفٌ وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَاقِفِ (كَوْنُهُ مُخْتَارًا) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَهْلَ تَبَرُّعٍ) فَيَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ وَمِنْ مُبَعَّضٍ لَا مِنْ مُكْرَهٍ وَمُكَاتَبٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمُبَاشَرَةِ وَلِيِّهِ.

(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمَوْقُوفِ كَوْنُهُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً) وَلَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ (مَمْلُوكَةً) لِلْوَاقِفِ نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (تُنْقَلُ) أَيْ تَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكِ شَخْصٍ إلَى مِلْكِ آخَرَ (وَتُفِيدُ لَا بِفَوْتِهَا نَفْعًا مُبَاحًا مَقْصُودًا) هُمَا مِنْ زِيَادَتِي وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّفْعُ فِي الْحَالِ أَمْ لَا كَوَقْفِ عَبْدٍ وَجَحْشٍ صَغِيرَيْنِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا

ــ

[حاشية الجمل]

خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. شَرْحُ م ر بِالْمَعْنَى وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ إلَخْ نَعَمْ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا نُبْطِلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا إلَى قَوْلِهِ لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي مَشْرُوعِيَّة الْوَقْفِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ اهـ. ع ش، وَقَوْلُهُ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَبْسُ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَى مَصْرِفٍ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وحج إذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ انْقَطَعَ إلَخْ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ ع ش، وَقَوْلُهُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ أَيْ ثَوَابُهُ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَقَدْ انْقَطَعَ بِفَرَاغِهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ) أَيْ مُسْلِمٍ وَمِنْ كَوْنِ الْوَقْفِ يُسَمَّى صَدَقَةً جَارِيَةً يُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّتِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ يَدْعُو لَهُ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فَيَشْمَلُ الدُّعَاءَ لَهُ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ) وَلْيُنْظَرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ عَلَى بَقِيَّةِ الْخِصَالِ الْعَشْرِ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِ ابْنِ آدَمَ، وَقَدْ نَظَمَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِقَوْلِهِ

إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي ... عَلَيْهِ مِنْ خِصَالٍ غَيْرُ عَشْرٍ

عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ ... وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي

وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرٍ ... وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرٍ

وَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي ... إلَيْهِ أَوْ بِنَاءُ مَحَلِّ ذِكْرٍ

وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ ... فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثِ بِحَصْرٍ

(قَوْلُهُ أَهْلَ تَبَرُّعٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَهْلَ تَبَرُّعٍ فِي الْحَيَاةِ، ثُمَّ قَالَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَصِحَّةٍ نَحْوُ وَصِيَّتِهِ، وَلَوْ بِوَقْفِ دَارِهِ لِارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ قُرْبَةً اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِنَا اهـ. زي اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ) أَيْ وَمُصْحَفٍ وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لَهُ بِأَنْ كَتَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لَا مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ إمَّا بِهِ كَأَنْ نَذَرَ وَقْفَ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ وَقْفِهِ بَعْدَ النَّذْرِ فَأَكْرَهَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَا يَرَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ) أَيْ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دُيُونِهِ كَأَنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ كَوْنُهُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً) أَيْ وَلَوْ مُؤَجَّرَةً فَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُؤَجِّرِ مَسْجِدًا فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَنْجِيسُهُ وَكُلُّ مُقَذِّرٍ مِنْ حِينَئِذٍ وَيَتَخَيَّرُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْبَقَاءَ انْتَفَعَ بِهِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَيْ إنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهَا تَجُوزُ فِيهَا وَإِلَّا كَاسْتِئْجَارِهِ لِوَضْعِ نَجَسٍ تَعَيَّنَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الطَّاهِرِ وَامْتَنَعَ عَلَى الْوَاقِفِ وَغَيْرِهِ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مَسْجِدٌ مَنْفَعَتُهُ مَمْلُوكَةٌ وَيَمْتَنِعُ نَحْوُ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ بِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ كَذَا فِي التُّحْفَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَغْصُوبَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الَّتِي يُوقِفُهَا الْمَالِكُ مَغْصُوبَةً عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي مَمْلُوكَةٌ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ) بِأَنْ لَمْ يَرَهَا الْوَاقِفُ وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَعْمَى وَبِهِ صَرَّحَ م ر فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ إلَخْ) وَحَيْثُ صَحَّحَ وَقْفَهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ، وَأَمَّا مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِمَّا يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا مِنْ الرِّزَقِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى أَمَاكِنَ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ حَيْثُ تُغَيَّرُ وَتُجْعَلُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِغَيْرِ مَنْ عُيِّنَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَمِنْ هُنَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِ عَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بِشَرْطِ ظُهُورِ

الْمَصْلَحَةِ

فَوَقْفُهُ كَإِيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلْمَالِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ السُّلْطَانَ نُورَ الدِّينِ الشَّهِيدَ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ أَنَا لَا أُفْتِي بِهِ وَلَا أَحْكُمُ بِهِ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عَلَى شَخْصٍ أَوْ طَوَائِفَ خَاصَّةٍ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ أَرَاضِيَ بِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى جِهَةٍ وَمُعَيَّنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>