للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ أَوْلَى وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (صَرِيحُهُ كَوَقَفْتُ وَسَبَّلْت وَحَبَسْت) كَذَا عَلَى كَذَا (وَتَصَدَّقْت) بِكَذَا عَلَى كَذَا (صَدَقَةً مُحَرَّمَةً) أَوْ مُؤَبَّدَةً (أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ وَجَعَلْته) أَيْ هَذَا الْمَكَانَ (مَسْجِدًا) لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ بَعْضِهَا وَاشْتِهَارِهَا فِيهِ وَانْصِرَافِ بَعْضِهَا عَنْ التَّمَلُّكِ الْمَحْضِ الَّذِي اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِ وَلَا تُوهَبُ بِالْوَاوِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ وَإِلَّا فَأَحَدُ الْوَصْفَيْنِ كَافٍ كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِهَذَا عَبَّرْت بِأَوْ.

(وَكِنَايَتُهُ كَحَرَّمْتُ وَأَبَّدْت) هَذَا لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسْتَعْمَلُ مُسْتَقِلًّا وَإِنَّمَا يُؤَكَّدُ بِهِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا بَلْ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ (وَكَتَصَدَّقْتُ) بِهِ (مَعَ إضَافَتِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ) كَالْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ إلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِاللَّفْظِ أَيْضًا مَا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا بِنِيَّتِهِ بِمَوَاتٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ إجْرَاؤُهُ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ فِيهِ يَدُلُّ لَهُ.

(وَشُرِطَ لَهُ) أَيْ لِلْوَقْفِ (تَأْبِيدٌ) فَلَا يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً (وَتَنْجِيزٌ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا نَعَمْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْلِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ أَيْضًا إذَا ضَاهَى التَّحْرِيرَ جَعَلْته مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ (وَإِلْزَامٌ) فَلَا يَصِحُّ بِشَرْطِ خِيَارٍ فِي إبْقَاءِ الْوَقْفِ وَالرُّجُوعِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا بِشَرْطِ تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ كَالْعِتْقِ وَعُلِمَ مِنْ جَعْلِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ رُكْنًا مَا صَرَّحَ بِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ إلْحَاقَهُمَا بِالذِّمِّيِّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ لِمَنْ بَعْدَهُ وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ الْخِلَافَ بِقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُرْتَدِّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْكِتَابِ أَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ أَنَّهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْعِتْقَ اُشْتُرِطَ فِيهِ اللَّفْظُ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْتَقِلُ لِمَالِكٍ وَلَا بِاعْتِبَارِ مَنَافِعِهِ فَالشَّرْطُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَوْلَى لِانْتِقَالِ الْمَوْقُوفِ لِمَالِكٍ بِاعْتِبَارِ مَنَافِعِهِ. اهـ. شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ بَيَانُهَا أَيْضًا بِأَنَّ الْمُعْتَقَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَالْمَوْقُوفُ قِيلَ إنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ صَرِيحُهُ كَوَقَفْتُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ بِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقْت صَدَقَةً مُحَرَّمَةً هَذَا صَرِيحٌ بِغَيْرِهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ وَجَعَلْته مَسْجِدًا) فَلَوْ قَالَ جَعَلْته لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ التَّحِيَّةِ صَارَ وَقْفًا وَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ إلَّا بِلَفْظِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْمَسْجِدِ بِجَعْلِهِ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ التَّحِيَّةِ لِتَوَقُّفِهِمَا عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بَلْ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ التَّمْلِيكِ فِي أَبَّدْت هَذَا لِلْفُقَرَاءِ وَفِي حَرَّمْت يُحْتَمَلُ تَحْرِيمُ الِاسْتِعْمَالِ اهـ. ح ل. اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا بِنِيَّتِهِ إلَخْ) أَيْ فَتَكْفِي النِّيَّةُ عَنْ اللَّفْظِ أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إخْرَاجُ الْأَرْضِ الْمَقْصُودَةِ بِالذَّاتِ عَنْ مِلْكِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَقْدِيرًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى لَفْظٍ قَوِيٍّ يُخْرِجُهَا عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بِاسْتِقْرَارِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْبِنَاءِ لَا قَبْلَهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِمَوَاتٍ) هُوَ قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَنَاهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِنِيَّةِ الْمَسْجِدِيَّةِ فَلَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا بِاللَّفْظِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ إجْرَاؤُهُ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَفِي الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ لِلسَّبِيلِ وَالْبُقْعَةِ الْمُحَيَّاةِ مَقْبَرَةً.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ النَّاسِ شَيْئًا لِيَبْنِيَ بِهِ زَاوِيَةً أَوْ رِبَاطًا فَيَصِيرُ كَذَلِكَ بِمُجَرَّدِ بِنَائِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَأَمَّا آلَاتُ بِنَاءِ ذَلِكَ فَهِيَ لَا يَزُولُ مِلْكُ مُلَّاكِهَا عَنْهَا إلَّا بِوَضْعِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْبِنَاءِ مَعَ قَصْدِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِقَوْلِهِ هِيَ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مَعَ قَبُولِ نَاظِرِهَا وَقَبْضِهَا وَإِلَّا فَهِيَ عَارِيَّةٌ لَكِنْ قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهَا بِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مَا ذُكِرَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ لَهُ إلَخْ) لَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ شُرُوطِهِ وَهِيَ التَّأْبِيدُ وَالتَّنْجِيزُ وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ وَالْإِلْزَامُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لَهُ تَأْبِيدٌ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى مَا لَا يَنْقَرِضُ عَادَةً كَالْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَلَوْ بَعْدَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَنْ يَنْقَرِضُ اهـ ح ل وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ قُصُورٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ طَبَقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَصِحُّ عَلَى طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ وَبَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ التَّأْبِيدِ بِعَدَمِ التَّأْقِيتِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً) أَيْ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِمَصْرِفٍ آخَرَ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ كَأَنْ زَادَ قَوْلَهُ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّأْقِيتِ مَا لَوْ أَقَّتَ بِمَا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ وَقَفْته عَلَى الْفُقَرَاءِ أَلْفَ سَنَةٍ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ وَعَلَّقَ إعْطَاءَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ جَازَ كَالْوَكَالَةِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ م ر اهـ. زي (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّشِيدِيُّ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصَايَا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَفِي عَدَمِ صَرْفِهِ لِلْوَرَثَةِ وَحُكْمَ الْأَوْقَافِ فِي تَأْبِيدِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ اهـ. بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ إذَا ضَاهَى) أَيْ شَابَهُ التَّحْرِيرَ بِأَنْ يَكُونَ قُرْبَةً أَيْ تَظْهَرُ فِيهِ الْقُرْبَةُ وَإِلَّا فَالْوَقْفُ قُرْبَةٌ، وَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ وَهَلْ يَصِيرُ مَسْجِدًا مِنْ الْآنَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الصِّفَةِ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ؟ قَرَّرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الثَّانِيَ اهـ. ح ل وَقَرَّرَ شَيْخُنَا فَقَالَ قَوْلُهُ إذَا ضَاهَى أَيْ شَابَهَ التَّحْرِيرَ أَيْ فِي أَنَّهُ إخْرَاجٌ عَنْ مِلْكِهِ لَا إلَى مَالِكٍ، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ بَعْضِ صُوَرِ الْوَقْفِ الَّتِي لَمْ تُشَابِهْ التَّحْرِيرَ لِكَوْنِ الْمَنَافِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>