للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ بَشَرٍ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مِنْ الْبَاطِنِ كَالدَّمِ.

أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ وَلَبَنُ الْبَشَرِ فَظَاهِرَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦] . وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ الْحَيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا شَمِلَهُ تَعْبِيرُ الصَّيْمَرِيِّ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّينَ وَالْآدَمِيَّاتِ، وَقِيلَ لَبَنُ الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ نَجِسٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَامَةَ الثَّابِتَةَ لِلْبَشَرِ الْأَصْلُ شُمُولُهَا لِلْكُلِّ وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالْآدَمِيَّاتِ الْمُوَافِقُ

ــ

[حاشية الجمل]

اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ مُرَبَّاهُ وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنْ الْمُرَبِّي اهـ ح ل.

(فَرْعٌ) سَائِرُ الْبُيُوضِ طَاهِرَةٌ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَإِنْ اسْتَحَالَتْ دَمًا بِحَيْثُ لَوْ حُضِنَتْ لَفَرَّخَتْ وَلَكِنْ يَحْرُمُ أَكْلُ مَا يَضُرُّ كَبَيْضِ الْحَيَّاتِ وَكُلُّهَا بِالضَّادِ إلَّا بَيْضَ النَّمْلِ فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ مَعَ شَرْحِهَا ل م ر

بَيْضُ الْحِدَاءِ وَبَيْضُ الصَّقْرِ حِلٌّ فَكُلْ ... بَيْضَ الْغُرَابِ وَكُلْ مِنْ بَيْضِ بُومَتِهِ

والسُّلْحِفَاةُ كَذَا التِّمْسَاحُ مَعَ وَرَلٍ

حُكْمُ بَيْضِ الْغُرَابِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَكُلْ مِنْ بَيْضِ لِقُوَّتِهِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا الْعُقَابِ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ بَيْضُ كُلِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَذَا النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ صَنَّفَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ مَنِيِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَبَيْضُهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ لَا يُقْضَى بِحُرْمَتِهِ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْبَيْع حَيْثُ قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ بَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الْجَوَارِحِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَهَذِهِ الْبُيُوضُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا غَيْرُ الْأَكْلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ) الدَّلِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْقِيَاسُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ بَيَانٌ لِلْجَامِعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِجَامِعِ الِاسْتِحَالَةِ فِي الْبَطْنِ فِي كُلٍّ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ مُسْتَحِيلًا عَنْ الْمَاءِ وَاللَّبَنُ عَنْ الدَّمِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ إلَخْ) أَيْ إنْ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ كَالثَّوْرِ أَوْ مِمَّنْ وَلَدَتْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ مِنْ شَاةٍ، فَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ فَنَجِسٌ إنْ كَانَ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَإِلَّا كَجَرَادٍ لَوْ كَانَ لَهُ لَبَنٌ فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ كَالْبَيْضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَتِهِ اهـ قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي اللَّبَنِ سَبْعُ فَضَائِلَ نَظَمَهَا شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ

وَسَبْعَةٌ فِي لَبَنٍ قَدْ حَصَلَتْ ... مِنْ مِنَنِ اللَّهِ عَلَيْنَا الْعِظَامِ

غِذًى وَرَيٌّ دَسَمٌ وَالدَّوَا ... عُذُوبَةٌ سَهْلُ مَسَاغٍ إدَامُ

اهـ مَدَابِغِيٌّ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلَةِ وَالثَّوْرِ وَالْعِجْلِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ لَا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ اللَّبَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَنِيِّ أَمَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ ضَرْعِ بَهِيمَةٍ مَيِّتَةٍ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِنْفَحَةُ طَاهِرَةٌ وَهِيَ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى أَنَفْحَةً أَيْضًا إنْ كَانَتْ مِنْ مُذَكَّاةٍ لَمْ تَطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَسَوَاءٌ فِي اللَّبَنِ لَبَنُ أُمِّهَا أَمْ غَيْرِهِ شَرِبَتْهُ أَمْ سُقِيَ لَهَا طَاهِرًا كَانَ أَمْ نَجِسًا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبَةٍ خَرَجَ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالًا أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ فِي طَهَارَتِهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ بَيْنَ مُجَاوَزَتِهَا زَمَنًا تُسَمَّى فِيهَا سَخْلَةً أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ ذَكَرْت الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ سِوَى اللَّبَنَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ مِنْ حَيَوَانٍ تَغَذَّى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِالْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْمَشَقَّةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَالْإِنْفَحَةُ مَأْكُولَةٌ، وَكَذَا مَا فِيهَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ، وَإِنْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ غَيْرُ خَفِيٍّ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ إلَخْ مُرَادُهُ بِالْعَفْوِ الطَّهَارَةُ كَمَا ذَكَرَهُ م ر عَلَى الْعُبَابِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ فَمِهِ مِنْهُ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْإِنْفَحَةِ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالسِّرْجِينِ أَمْ لَا الظَّاهِرُ الْإِلْحَاقُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ) أَيْ مُرَبَّاهُ أَيْ الْغِذَاءُ الَّذِي يَتَرَبَّى بِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ الصَّيْمَرِيُّ) هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ الصَّيْمَرِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا نِسْبَةً إلَى صَيْمَرَ نَهْرٌ بِالْبَصْرَةِ عَلَيْهِ عِدَّةُ قُرَى تَفَقَّهَ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَأَخَذَ عَنْهُ كَثِيرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) فَعُلِمَ أَنَّ لَبَنَ الصَّغِيرَةِ طَاهِرٌ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَنِيِّ الصَّغِيرَةِ حَيْثُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ فِي طَهَارَةِ اللَّبَنِ كَوْنُهُ غِذَاءً وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الصِّغَرِ وَثَمَّ كَوْنُهُ أَصْلَ آدَمِيٍّ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ فِي سِنِّهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ أَمِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>