وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» أَيْ ظِلْفَهَا (هِيَ) أَيْ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ (تَمْلِيكُ تَطَوُّعٍ فِي حَيَاةٍ) فَخَرَجَ بِالتَّمْلِيكِ الْعَارِيَّةُ وَالضِّيَافَةُ وَالْوَقْفُ، وَبِالتَّطَوُّعِ غَيْرُهُ كَالْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَتَعْبِيرِي بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ وَبِزِيَادَتِي فِي حَيَاةِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَبُولِ، وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَإِنْ مَلَكَ لِاحْتِيَاجٍ أَوْ) لِ (ثَوَابِ آخِرَةٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ (فَصَدَقَةٌ) أَيْضًا (أَوْ نَقَلَهُ لِلْمُتَّهَبِ إكْرَامًا) لَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
ع ش قَالَ الْكَرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلْمُعْطِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُهْدَى إلَيْهَا قُلْت وَلَا يَتِمُّ جَعْلُهُ نَهْيًا لِلْمُهْدَى إلَيْهَا إلَّا بِجَعْلِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِجَارَتِهَا بِمَعْنَى مِنْ وَلَا يَمْتَنِعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ اهـ. فَتْحُ الْبَارِي.
(فَائِدَةٌ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَأْكُلُ هَدِيَّةً حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا الشَّاةَ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ فِي خَيْبَرَ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ» وَهَذَا أَصْلٌ لِمَا يَعْتَادُهُ الْمُلُوكُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ كُبَرَاءِ النَّاسِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَفَتْحِ الْوَهَّابِ مَعَ زِيَادَةٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَبِفَتْحِ السِّينِ كَمَا فِي الْمِشْكَاةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ الْفِرْسِنُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ لِلْبَعِيرِ كَالْحَافِرِ لِلدَّابَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِرْسِنُ الْجَزُورِ وَالْبَقَرِ مُؤَنَّثَةٌ، وَقَالَ فِي الْبَارِعِ لَا يَكُونُ الْفِرْسِنُ إلَّا لِلْبَعِيرِ وَهِيَ لَهُ كَالْقَدَمِ لِلْإِنْسَانِ وَالنُّونُ زَائِدَةٌ وَالْجَمْعُ فَرَاسِنُ اهـ.
وَقَوْلُهُ أَيْ ظِلْفُهَا أَيْ الْمَشْوِيُّ؛ لِأَنَّ النِّيءَ قَدْ يَرْمِيهِ آخِذُهُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ هِيَ تَمْلِيكُ تَطَوُّعٍ فِي حَيَاةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْهِبَةِ لِلْحَمْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ وَلَا تَمَلُّكُ الْوَلِيِّ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمُرَادُهُ بِالتَّطَوُّعِ مَا لَيْسَ وَاجِبًا وَلَا فِيهِ بَدَلٌ (قَوْلُهُ الْعَارِيَّةُ) أَيْ لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ وَالضِّيَافَةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مِلْكٌ لَكِنْ لَا بِالتَّمْلِيكِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لِزَيْدٍ طَعَامًا فَأَكَلَهُ ضَيْفًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي فَمِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ إلَّا طَعَامَ نَفْسِهِ اهـ. أُجْهُورِيٌّ، وَقَوْلُهُ وَالْوَقْفُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ مِنْ جِهَةِ تَمْلِيكِ الْوَاقِفِ. اهـ. ح ل وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ لَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي جِنْسِ التَّعْرِيفِ حَتَّى يَخْرُجَ.
وَعِبَارَةُ م ر وَخَرَجَ الْوَقْفُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ لَا عَيْنٍ عَلَى مَا قِيلَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ لَا وَجْهَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَتَمَلَّكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. (قَوْلُهُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ شَبِيهٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَهِيَ تَفْرِيغٌ لِذِمَّةِ الدَّافِعِ عَمَّا اشْتَغَلَتْ بِهِ وَمِلْكُ الْآخِذِ لَهَا كَأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ فَدَفْعُهُ لَهُ كَأَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَصَدَقَةٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ هِبَةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَبَقِيَ مَا لَوْ مَلَكَ غَنِيًّا لَا لِقَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ الصَّدَقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا وَلَا يَظْهَرُ دُخُولُهُ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ فَيُشْكِلُ الْحَالُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هِيَ هِبَةٌ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَلْزَمُهُمْ أَيْ السُّبْكِيَّ وَالزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُمَا أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ أَيْ فَيَكُونُ هِبَةً بَاطِلَةً كَمَا قَدَّمَهُ إنْ خَلَا عَنْ الصِّيغَةِ وَصَحِيحَةً إنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْلِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَدَلَ عَنْهَا إلَى مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِتَمْلِيكِ الْغَنِيِّ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ نَقَلَهُ لِلْمُتَّهَبِ إكْرَامًا) فَإِنْ كَانَ نَقَلَهُ خَوْفًا مِنْهُ وَهُوَ حَاكِمٌ كَانَ رِشْوَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَاهَا كَاَلَّذِي يُعْطِي لِلشَّاعِرِ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْهَدِيَّةِ إنَّمَا هُوَ النَّقْلُ، وَأَمَّا الْإِكْرَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ إكْرَامًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَامَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالشَّرْطُ هُوَ النَّقْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُقَالُ احْتَرَزُوا بِهِ عَنْ الرِّشْوَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنَّقْلِ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لَا تَكُونُ فِي الْعَقَارِ فَلِذَلِكَ قَالَ م ر مَا نَصُّهُ فَلَا دَخْلَ لَهَا أَيْ الْهَدِيَّةِ فِيمَا لَا يُنْقَلُ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ فَلَا دَخْلَ لَهَا فِيمَا لَا يُنْقَلُ يَنْبَغِي أَنَّ الدَّفْعَ بِلَا نَقْلٍ لَكِنْ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ هَدِيَّةٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَعَلَيْهِ فَهَدِيَّةُ الْعَقَارِ مُمْكِنَةٌ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا ز ي عَنْ حَجّ امْتِنَاعُ هَدِيَّةِ الْعَقَارِ لِعَدَمِ تَأَتِّي النَّقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِهَذَا الْبَحْثِ اهـ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ أَوْ نَقَلَهُ لِلْمُتَّهَبِ إلَخْ خَرَجَ الْعَقَارُ لِامْتِنَاعِ نَقْلِهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ هَدِيَّةٌ أَيْ حَقِيقَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ أَهْدَاهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ صَحَّ وَبِيعَ وَنُقِلَ ثَمَنُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَهْدَاهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَزَيْدٍ مَثَلًا فَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّخْلِيَةِ انْتَهَتْ، وَلَوْ أَهْدَى إلَيْهِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ