للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَهَدِيَّةٌ) أَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ هِبَةٌ وَلَا عَكْسَ، وَكُلُّهَا مَسْنُونَةٌ وَأَفْضَلُهَا الصَّدَقَةُ، وَالْهِبَةُ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَابِلُ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَمِنْهَا قَوْلِي (وَأَرْكَانُهَا) أَيْ الْهِبَةِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ثَلَاثَةٌ (صِيغَةٌ وَعَاقِدٌ وَمَوْهُوبٌ وَشَرْطٌ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (مَا) مَرَّ فِي نَظِيرِهَا (فِي الْبَيْعِ) وَمِنْهُ عَدَمُ التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ فَذِكْره مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِلَّا فَبَدَلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، فَإِنْ فَعَلَهَا حَلَّ أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الْوَاجِبِ الْعَيْنِيِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرُهُ هُنَا اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ ع ش قَوْلُهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ أَيْ فَلَوْ بَذَلَهَا لِشَخْصٍ لِيُخَلِّصَ لَهُ مَحْبُوسًا مَثَلًا فَسَعَى فِي خَلَاصِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْهَدِيَّةِ لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيَشْفَعَ لَهُ فَقَطْ سَوَاءٌ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ أَوْ لَا فَفَعَلَ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَعْطَاهُ لِأَجْلِهِ اهـ. بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ لِلْمُتَّهَبِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْمَ فَاعِلٍ وَاسْمَ مَفْعُولٍ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاتَّهَبْت الْهِبَةَ قَبِلْتهَا وَاسْتَوْهَبْتهَا سَأَلْتهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَهَدِيَّةٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا هُوَ هِبَةٌ، فَإِنْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا أَوْ قَصْدُ ثَوَابِ الْآخِرَةِ كَانَ هِبَةً وَصَدَقَةً وَهَدِيَّةً اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَا عَكْسَ) أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ هِبَةٍ صَدَقَةً أَوْ هَدِيَّةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا أَيْ الْهِبَةِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلصَّدَقَةِ صِيغَةٌ.

وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَفِيهِ أَيْ الْحَدِيثِ الِاكْتِفَاءُ فِي الصَّدَقَةِ بِالْعَطَاءِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) فَيُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فَالْإِيجَابُ كَوَهَبْتُكَ وَمَلَّكْتُك وَمَنَحْتُك وَأَكْرَمْتُك وَعَظَّمْتُك وَنَحَلْتُك، وَكَذَا أَطْعَمْتُك، وَلَوْ فِي غَيْرِ طَعَامٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَالْقَبُولُ كَقَبِلْتُ وَرَضِيت وَاتَّهَبْت اهـ. شَرْحُ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ لَيْلَتَهَا لِضَرَّتِهَا وَفِي الْكَافِي عَنْ الْقَفَّالِ، لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِهِ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا وَفِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ يَكُونُ تَمْلِيكًا اهـ. قَالَ السُّبْكِيُّ التَّزْيِينُ لَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ مِلْكَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا وَلَايَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا اهـ. وَاعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ وَم ر أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا فِي الصَّغِيرِ أَيْضًا وَلَا صِيغَةَ فِي خُلَعِ الْمُلُوكِ مَعَ أَنَّهَا هِبَةٌ قَالَهُ م ر ثُمَّ جَوَّزَ أَنْ تَكُونَ هَدِيَّةً، وَقَالَ إنَّ جَعَلْنَاهَا هِبَةً اسْتَثْنَيْنَاهَا مِنْ الصِّيغَةِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهَا فِي الْبَيْعِ) وَمِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الرُّؤْيَةُ فَالْأَعْمَى لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا الْهِبَةُ لَهُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ صَدَقَتِهِ وَإِهْدَائِهِ فَيَصِحَّانِ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ اهـ. كَذَا بِهَامِشٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ وَيُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ فِي الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهَبِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ أَيْ فَطَرِيقُ الْأَعْمَى إذَا أَرَادَ ذَلِكَ التَّوْكِيلَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ هُنَا وَمِنْهُ أَيْضًا اعْتِبَارُ الْفَوْرِيَّةِ فِي الصِّيغَةِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ إلَّا بِالْأَجْنَبِيِّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ قَوْلِهِ بَعْدَ وَهَبْتُك وَسَلَّطْتُك عَلَى قَبْضِهِ فَلَا يَكُونُ فَاصِلَا مُضِرًّا لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَقْدِ نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْقَبُولِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَزْجِ الرَّهْنِ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجَّانًا وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَيَّنَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ كَانَ تَمْلِيكًا لَهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ اشْتَرَطَا فِي هِبَةِ الْأَصْلِ تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَهِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِهِ قَبُولَهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ.

وَنَقَلَ جَمْعٌ أَيْضًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا، وَقَالَ عِنْدَ الْغَرْسِ أَغْرِسُهَا لِابْنِي مَثَلًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِعَيْنٍ فِي يَدِهِ اشْتَرَيْتهَا لِابْنِي أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِابْنِي لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا إنْ قَبِلَ وَقَبَضَ لَهُ اهـ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَمْلِيكِهَا ذَلِكَ إنْ ادَّعَتْهُ وَأَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه وَجِهَازَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَكَخُلْعِ الْمُلُوكِ لِاعْتِيَادِ عَدَمِ اللَّفْظِ فِيهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا قَبُولَ كَهِبَةِ ذَاتِ النَّوْبَةِ لِضَرَّتِهَا اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ شَيْئًا كَخَادِمِهِ وَبِنْتِ زَوْجَتِهِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الْخَادِمِ إنْ تَأَهَّلَ لِلْقَبُولِ أَوْ وَلِيِّهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا نَعَمْ إنْ دَفَعَ ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَوْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ كَانَ صَدَقَةً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَقَدْ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ مَا فِي الْبَيْعِ) فَلَا تَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>