للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ (فَ) بِتَنْفِيذِ (وَصِيَّةٍ) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَعِتْقٍ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّعٍ نُجِّزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (وَمِنْ ثُلُثِ بَاقٍ) وَقُدِّمَتْ عَلَى الْإِرْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] وَتَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَ " مِنْ " لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ (وَالْبَاقِي) مِنْ تَرِكَتِهِ مِنْ حَيْثُ التَّسَلُّطُ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ (لِوَرَثَتِهِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.

وَلِلْإِرْثِ أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ لِأَنَّهُ إمَّا (بِقَرَابَةٍ) خَاصَّةٍ (أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ وَلَاءٍ، أَوْ إسْلَامٍ) أَيْ جِهَتِهِ فَتُصْرَفُ التِّرْكَةُ، أَوْ بَاقِيهَا كَمَا سَيَأْتِي لِبَيْتِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَوَصِيَّتِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَكَسَ هَذَا التَّرْتِيبَ لَمْ يَجُزْ وَفِي حَجّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ مَثَلًا مِائَةً لِلدَّيْنِ وَمِائَةً لِلْمُوصَى لَهُ وَمِائَةً لِلْوَارِثِ مَعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الصِّحَّةُ أَيْ وَالْحِلُّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِنْ الدَّفْعَ مَانِعٌ وَنَظِيرُهُ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ غَيْرُهَا لَا أَنْ لَا يُقَارِنَهَا غَيْرُهَا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ فِي الْإِعْطَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَحِلَّ فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ دَفَعَ لِلْوَرَثَةِ حِصَصَهُمْ وَأَبْقَى مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَالْمُوصَى بِهِ: لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَيَجِبُ اسْتِرْجَاعُ مَا دُفِعَ لَهُمَا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَبِتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقَدْ تَسْتَوِي مَعَ الدَّيْنِ، مِثَالُهُ: رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَالْآخَرُ ادَّعَى أَلْفًا دَيْنًا عَلَيْهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِأَنْ يُضَمَّ الْمُوصَى بِهِ إلَى الدَّيْنِ وَتُقْسَمَ التَّرِكَةُ عَلَى وَفْقِ نِسْبَةِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَجْمُوعِ الْمُوصَى بِهِ وَالدَّيْنِ اهـ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهَا - أَيْ عَلَى عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ - مَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ وَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ مَعًا قُسِمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَإِنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا قُدِّمَتْ فَقَدْ سَاوَتْ الدَّيْنَ فِي الْأُولَى وَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ بَلْ الصَّوَابَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُمَا مَعًا أَمْ لَا كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ اهـ وَقَالَ أَيْضًا:.

(فَرْعٌ) : لَوْ أَوْصَى - وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ - صَحَّتْ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ وَالتَّبَرُّعِ بِالْقَضَاءِ.

(فَرْعٌ) : نَازَعَ صَاحِبُ الْوَافِي فِي قَوْلِهِمْ تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمِيرَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَوْرِدَهَا الثُّلُثُ وَمَوْرِدَ الْمِيرَاثِ الْبَاقِي فَلَمْ يَجْتَمِعْ الْحَقَّانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْجَانِي وَنَحْوِهِ اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الثُّلُثُ أَيْضًا مَوْرِدُ الْإِرْثِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَارِثَ بِالْمَوْتِ يَمْلِكُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ كَانَ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِهِ نَعَمْ هَذَا وَاضِحٌ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِعَيْنٍ فَإِنَّهَا بِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ لَهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ تَأَمَّلْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهَا) الْمُرَادُ بِتَنْفِيذِ مَا أُلْحِقَ بِهَا عَدَمُ تَسَلُّطِ الْوَارِثِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ نَافِذٌ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ ثُلُثِ بَاقٍ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالٍ بَاقٍ أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا سَبَقَ اهـ شَيْخُنَا.

(فَرْعٌ) : لَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَمَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ هَلْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِالْكُلِّ، أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ فِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ النَّصِّ اهـ شَرْحُ الْفُصُولِ لِلشَّارِحِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّسَلُّطُ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ؛ إذْ هُوَ بِالْمَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَرْهُونٍ وَلَا يَمْنَعُ إرْثًا إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّسَلُّطُ أَيْ، وَإِلَّا فَجَمِيعُهَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَمِنْ ثَمَّ فَازُوا بِالزَّوَائِدِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَأْتِي بَيَانُهُ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجِ لَهُ كَذَا، وَالْأُمِّ كَذَا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ) وَيُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا لَوْ مَلَكَ السُّلْطَانُ بِنْتَ عَمِّهِ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ إلَّا هُوَ فَهُوَ زَوْجٌ وَقَرِيبٌ، وَالْإِمَامُ وَمُعْتِقُهَا اهـ م ر اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: بِقَرَابَةٍ خَاصَّةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ إرْثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنَّهُ بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ جِهَتِهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ، وَإِنَّمَا الْوَارِثُ الْجِهَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ لِمَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ وَأَيْضًا فَالتَّرِكَةُ تُصْرَفُ هُنَا لِغَيْرِ مَنْ قَامَ بِهِ الْإِسْلَامُ وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ، وَفِي الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ تُصْرَفُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ اهـ أَقُولُ: وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي تَفْرِيعِ قَوْلِ الْأَصْلِ فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَقُولُ: فِي شَرْحِ الْفُصُولِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ، وَفِي جَعْلِهِ جِهَةَ الْإِسْلَامِ سَبَبًا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ هُمْ الْمُسْلِمُونَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ جِهَةُ الْإِسْلَامِ لَا الْمُسْلِمُونَ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَالِهِ لَهُمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَسَتَعْرِفُ الْجَوَابَ عَنْ دَلِيلِهِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الْبُولَاقِيِّ عَلَى الشِّنْشَوْرِيِّ: قَوْلُهُ " أَيْ جِهَتِهِ " أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْإِرْثِ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِيعَابُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ السَّبَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>