. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
الْحَجَرِ وَنَصْبُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ حَائِطٍ وَقَعَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ كَنِيفًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ ظُلَّةً أَوْ تَطَهَّرَ، أَوْ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ، أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِيهِ فَبَالَتْ مَثَلًا فَمَاتَ بِذَلِكَ مُوَرِّثُهُ وَرِثَ، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ لَمْ يَمْنَعْ إرْثَهُ وَمَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ، أَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ كَالسَّائِقِ، وَالْقَائِدِ لَمْ يَرِثْهُ وَلَمَّا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا.
قَالَ عَقِبَهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَذْهَبَ كُلُّ مُهْلَكٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَاتِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَالَ أَيْضًا عَقِبَ مَا مَرَّ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَفْرِ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِقَوْلِ الْمَطْلَبِ وَتَبِعَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَمَاتَ بِهِ قَرِيبُهُ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَنَّهُ يَرِثُهُ وَكَذَا إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ اسْمًا وَلَا حُكْمًا اهـ، وَمِنْهَا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ وَالشَّرْطِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى الشَّيْخَانِ فَإِنَّهُمَا، وَإِنْ اقْتَصَرَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَثَلًا لِاشْتِبَاهِ السَّبَبِ بِبَعْضِ صُوَرِ الشَّرْطِ كَالْحَفْرِ فَقَالَا: وَالسَّبَبُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَمِنْهَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي صُوَرِ الْحَفْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرُوهُ فِي الدِّيَاتِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُحَصِّلَةٌ لِلْقَتْلِ وَالسَّبَبَ لَهُ دَخْلٌ فِيهِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهِمَا بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ؛ إذْ هُوَ مَا حَصَلَ التَّلَفُ عِنْدَهُ لَا بِهِ فَبَعْدَ إضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ اُحْتِيجَ إلَى اشْتِرَاطِ التَّعَدِّي فِيهِ وَمِنْهَا مَا وَقَعَ فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ: أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ وَرِثَهُ الْمُمْسِكُ لَا الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّهُ الضَّامِنُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ جَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْفَرْضِيِّينَ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: لَا يَرِثُ الْمُمْسِكُ لِلْجَلَّادِ، أَوْ غَيْرِهِ.
وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِمْسَاكَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدِّي فَاعِلِهِ لِضَعْفِهِ، وَقَضِيَّةُ رِعَايَةِ ضَعْفِهِ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَقْطَعَهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي الْمُمْسِكِ مَعَ الْحَازِّ لَمْ يُنْظَرْ لَهُ وَأُنِيطَ الْأَمْرُ بِالْمُبَاشِرِ وَحْدَهُ لِاضْمِحْلَالِ فِعْلِ ذَلِكَ فِي جَنْبِ فِعْلِهِ وَمِنْهَا لَا يَرِثُ شُهُودُ التَّزْكِيَةِ وَلَا الْإِحْصَانِ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ الزِّنَا، أَوْ بَعْدَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْغُرْمِ عِنْدَ الرُّجُوعِ، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ مَا هُنَا بِأَنَّهُمْ بَعْدَ الرَّجْمِ لَوْ رَجَعُوا هُمْ وَشُهُودُ الزِّنَا غَرِمَ شُهُودُ الزِّنَا لَا الْإِحْصَانِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِشَهَادَتِهِمَا فِي الْقَتْلِ فَيُنَافِي مَا هُنَا أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مُخْتَلِفٌ؛ إذْ هُوَ هُنَا مُجَرَّدُ وُجُودِهِ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنْ جَازَ، أَوْ وَجَبَ وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ بِهِ حَسْمًا لِلْبَابِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا فِي نَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ وَأَثَّرَ فِيهِ أَنَّ الْقَتْلَ بَعْدَ الرُّجُوعِ إنَّمَا يُضَافُ لِشُهُودِ الزِّنَا لَا غَيْرُ فَتَأَمَّلْهُ.
وَمِنْهَا صَرَّحُوا فِي الرَّهْنِ فِي مَسَائِلَ أَنَّ الْمَيِّتَةَ بِالْوِلَادَةِ السَّبَبُ فِي مَوْتِهَا الْوَطْءُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَوْ أَحْبَلَهَا الرَّاهِنُ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا هُوَ السَّبَبُ فِي هَلَاكِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا فَمَاتَتْ بِإِحْبَالِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا قَطَعَ نِسْبَةَ الْوَلَدِ عَنْهُ انْقَطَعَتْ نِسْبَةُ الْوَطْءِ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ وَطْئِهِ بَلْ لِعَارِضٍ آخَرَ وَلَا يَضْمَنُ زَوْجَتَهُ بِلَا خِلَافٍ لِتَوَلُّدِ هَلَاكِهَا مِنْ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا هُوَ وَطْؤُهُ وَنَازَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي إطْلَاقِهِمْ الْمَذْكُورِ فِي الزَّانِي بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ إفْضَاءَ الْوَطْءِ إلَى الْإِتْلَافِ، وَالْفَوَاتِ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ كَوْنِ السَّبَبِ حَلَالًا، أَوْ حَرَامًا وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرِثُ مِنْ زَوْجَتِهِ الَّتِي أَحْبَلَهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْوَطْءَ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ سَبَبٌ فِي الْهَلَاكِ بِوَاسِطَةِ الْإِحْبَالِ النَّاشِئِ عَنْهُ الْوِلَادَةُ النَّاشِئُ عَنْهَا الْمَوْتُ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ مَهْلِكٍ آخَرَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ النَّظَرِ لِقَائِلِهِ حَيْثُ عَبَّرُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْصِدُ الْقَتْلَ بِالْوَطْءِ فَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهُ قَاتِلًا وَلِأَنَّهَا لَمْ تَمُتْ بِالْوَطْءِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ بَلْ بِالْوِلَادَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْحَبَلِ النَّاشِئِ عَنْهُ فَهُوَ مَجَازٌ بَعِيدٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ وَلَا فِي الْمَعْنَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كِلَا تَعْلِيلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute