للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ بِهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ لِنَقْصِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (إلَّا مُبَعَّضًا فَيُورَثُ) مَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بِالرِّقِّيَّةِ وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا كَافِرٌ لَهُ أَمَانٌ جُنِيَ عَلَيْهِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ، ثُمَّ نَقَضَ الْأَمَانَ فَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَحَصَلَ الْمَوْتُ بِالسِّرَايَةِ حَالَ رِقِّهِ فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ.

(وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) مِنْ مَقْتُولِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَالْبَاطِنِ عَلَى الْعَقِيدَةِ وَاَلَّذِي خَالَفَ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُتَدَيِّنٍ بِدِينٍ فَالِاخْتِلَافُ لَفْظِيٌّ لَا مَعْنَوِيٌّ اهـ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ جَرَى هُنَا عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عَلَى الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الزِّنْدِيقُ مِثْلُ قِنْدِيلٍ قَالَ بَعْضُهُمْ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ: رَجُلٌ زَنْدَقِيٌّ وَزِنْدِيقٌ إذَا كَانَ شَدِيدَ الْبُخْلِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ ثَعْلَبٍ وَعَنْ بَعْضِهِمْ سَأَلْتُ أَعْرَابِيًّا عَنْ الزِّنْدِيقِ فَقَالَ هُوَ النَّظَّارُ فِي الْأُمُورِ، وَالْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ الزِّنْدِيقَ هُوَ الَّذِي لَا يَتَمَسَّكُ بِشَرِيعَةٍ وَيَقُولُ بِدَوَامِ الدَّهْرِ وَتُعَبِّرُ الْعَرَبُ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِمْ مُلْحِدٌ أَيْ طَاعِنٌ فِي الْأَدْيَانِ، وَفِي التَّهْذِيبِ وَزَنْدَقَةُ الزِّنْدِيقِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَلَا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِنَقْصِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ لَا يَرِثُ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ كَوْنِهِ لَا يُوَرَّثُ فَظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَرِثُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُبَعَّضًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؛ إذْ لَوْ وَرِثَ مَلَكَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ أَيْ مِلْكًا تَامًّا فَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا بِإِرْثِهِ، ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ سَيِّدُهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ كَمَا قَالُوا فِي قَبُولِ قِنِّهِ لِنَحْوِ وَصِيَّةٍ، أَوْ هِبَةٍ لِأَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ اخْتِيَارِيَّةٌ تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِقِنِّهِ إيقَاعٌ لَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْإِرْثُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا) أَيْ مِنْ قَوْلِنَا الرَّقِيقُ لَا يُوَرَّثُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَضَ الْأَمَانَ أَيْ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ اهـ سم قَالَ م ر وَيُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّ أَقَارِبَهُ إنَّمَا وَرِثُوهُ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ السَّابِقَةِ لِاسْتِقْرَارِ جِنَايَتِهَا قَبْلَ الرِّقِّ لَكِنَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ النَّظَرُ لِكَوْنِهِمْ حَالَ الْمَوْتِ أَحْرَارًا وَهُوَ قِنٌّ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ قَدْرَ الدِّيَةِ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِيمَةُ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الضَّمَانِ فِي الْجِنَايَةِ بِحَالِ الْمَوْتِ وَقَدْ كَانَ رَقِيقًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ مِنْ الْجَانِي وَيُعْطَى مِنْهَا أَرْشُ الْجُرْحِ إنْ كَانَ نِصْفَ دِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ فَتَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْ الدِّيَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ غَيْرُهَا أَيْ الْقِيمَةِ وَتَسْمِيَةُ الْأَرْشِ دِيَةً مُسَامَحَةٌ اهـ عِيسَى الْبَرَّاوِيُّ.

وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِيِّ: قَوْلُهُ: قَدْرَ الدِّيَةِ أَيْ دِيَةِ الْجُرْحِ لَا دِيَةِ النَّفْسِ، وَإِطْلَاقُ الدِّيَةِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ فَإِنَّ قَدْرَ الْأَرْشِ مِنْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ انْتَهَتْ فَعُلِمَ أَنَّ الْجَانِيَ يَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَالِهِ أَرْشًا مُقَدَّرًا كَقَطْعِ يَدِهِ فَهُوَ الْوَاجِبُ لِلْوَارِثِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْجَانِي، وَالْبَاقِي مِنْهَا لِمُسْتَرِقِّهِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ مُقَدَّرِ الْأَرْشِ، أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ فَازَ بِهَا الْوَارِثُ وَلَا شَيْءَ لِمُسْتَرِقِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ مَالِهِ أَرْشًا مُقَدَّرًا فَعَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ وَلِلْوَارِثِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَدِيَةِ النَّفْسِ الْوَاجِبَةِ بِالسِّرَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَازَ بِهَا الْوَارِثُ، وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ النَّفْسِ أَقَلَّ فَالزَّائِدُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الدِّيَةِ لِمُسْتَرِقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ مُطْلَقًا لِقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ حَالِ الْجِنَايَةِ وَحَالِ الْمَوْتِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالِانْتِهَاءِ وَهُوَ رِقُّهُ هُنَا اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَمَا كَسَبَهُ قَبْلَ الرِّقِّ فَيْءٌ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَالِ، أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَرِثُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا، أَوْ حَاكِمًا، أَوْ شَاهِدًا، أَوْ مُزَكِّيًا أَوْ كَانَ قَتَلَهُ بِسَبَبٍ، أَوْ شَرْطٍ، أَوْ مُبَاشَرَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَأَنْ كَانَ قَتَلَهُ بِحَقٍّ لِنَحْوِ قَوَدٍ أَوْ دَفْعِ صِيَالٍ نَعَمْ يَرِثُ الْمُفْتِي وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ بِهِ أَيْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا بِوَجْهٍ؛ إذْ قَدْ لَا يُعْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ بِهِ أَيْ، أَوْ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ بِالْأَوْلَى اهـ ع ش عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ ابْنُهُ مِنْ عُلُوٍّ فَمَاتَ التَّحْتَانِيُّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْأَعْلَى وَرِثَهُ التَّحْتَانِيُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِابْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ وَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِهِ وَرِثَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ اهـ حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَاعْتَمَدَ فِي حَافِرِ الْبِئْرِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِهِ وَرِثَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ لَا يَرِثُ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهُ إلَّا الرَّاوِيَ، وَالْمُفْتِيَ، وَإِنَّمَا فَصَّلُوا فِي الْعَارِفِ وَغَيْرِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ اهـ ع ش، وَفِي شَرْحِ حَجّ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) : مِنْهَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَفْرِ بِالْعُدْوَانِ فَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ بِبِئْرٍ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ يَرِثُهُ وَكَذَا وَضْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>