رِوَايَةٍ لَهُ «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ يَصْحَبُ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحِلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحِلِّهِ وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ مَحْمُولَتَانِ عَلَى الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ أُخْرَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُولَاهُنَّ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا رِوَايَةَ إحْدَاهُنَّ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِمَا بِالتَّعَارُضِ أَوْ بِالشَّكِّ وَلِجَوَازِ حَمْلِ رِوَايَةِ إحْدَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَعَمُّ مِنْ الْوُلُوغِ فَكُلُّ شُرْبٍ وُلُوغٌ وَلَا عَكْسَ وَيُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ بِشَرَابِنَا وَفِي شَرَابِنَا، وَمِنْ شَرَابِنَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْضُهُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَبَعْضُهُ عَنْ غَيْرِهِ اهـ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لَلْمُؤَلِّفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ لَحِسْت الْقَصْعَةَ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَحْسًا، مِثْلُ فَلِسَ أَخَذْت مَا عَلِقَ بِجَوَانِبِهَا بِالْأُصْبُعِ أَوْ بِاللِّسَانِ وَلَحِسَ الدُّودُ الصُّوفَ لَحْسًا أَيْضًا أَكَلَهُ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وُلُوغًا إذَا شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ شَرَابَنَا، وَمِنْ شَرَابِنَا وَفِي شَرَابِنَا وَيُقَالُ وَلَغَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَمُضَارِعُهُ يَلَغُ وَيَلَغُ وَيُولِغُ بِوَزْنِ وَقَعَ يَقَعُ وَوَرِثَ يَرِثُ وَوَجِلَ يُوجِلُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَعَفِّرُوهُ) أَيْ الْإِنَاءَ وَالثَّامِنَةُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَعَفِّرُوهُ بِالتُّرَابِ فِي الثَّامِنَةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ إلَخْ) أَيْ فَتَسْمِيَتُهَا ثَامِنَةً تَسَمُّحٌ فَلَمَّا اشْتَمَلَتْ السَّابِعَةُ عَلَى مَاءٍ وَتُرَابٍ صَارَتْ كَأَنَّهَا ثِنْتَانِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ يَصْحَبُ السَّابِعَةَ أَيْ فَنَزَلَ التُّرَابُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّابِعَةِ مَنْزِلَةَ الثَّامِنَةِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ أَيْ فَالتُّرَابُ هُوَ الثَّامِنَةُ وَتُسْتَحَبُّ ثَامِنَةً أَيْضًا بِالْمَاءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ) أَيْ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ الثَّانِيَةُ مُعَارَضَةٌ لِرِوَايَتِهِ الْأُولَى وَلَا يُقَالُ وَهِيَ أَيْ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَارِضُ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ لِضَعْفِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَكِنَّ عِبَارَةَ م ر صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُعَارَضَةَ هِيَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَهَكَذَا اسْتَنَدَ إلَيْهَا ح ل وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خَمْسُ رِوَايَاتٍ ثِنْتَانِ لِمُسْلِمٍ وَوَاحِدَةٌ لِأَبِي دَاوُد وَوَاحِدَةٌ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَوَاحِدَةٌ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَجْرِي عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَنَقُولُ إنَّهُ لَا تَعَارُضَ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَلْ مَحْمُولَتَانِ أَيْ رِوَايَتَا مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَنَّ الشَّاكَّ يَرْوِي الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي سَنَدٍ وَاحِدٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُسْلِمٌ رَوَى كِلَاهُمَا بِسَنَدٍ مُسْتَقِلٍّ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ الشَّكُّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ بَيْنَ أُولَاهُنَّ وَأُخْرَاهُنَّ الشَّكُّ بَيْنَ أُولَاهُنَّ وَالثَّامِنَةِ بِالتُّرَابِ وَقَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّعَارُضِ أَوْ بِالشَّكِّ وَقَوْلُهُ وَلِجَوَازِ حَمْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِمَا إلَخْ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَيَتَسَاقَطَانِ) أَيْ وَلَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حَمْلِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ الْقَيْدَانِ وَبَقِيَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ حَجّ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ فَيَتَسَاقَطَانِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تَسَاقُطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِالْبَطْحَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ التُّرَابُ وَأَصْلُهُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْأَبْطَحُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى وَالْجَمْعُ الْأَبَاطِيحُ وَالْبِطَاحُ بِالْكَسْرِ وَالْبَطِيحَةُ وَالْبَطْحَاءُ كَالْأَبْطُحِ، وَمِنْهُ بَطْحَاءُ مَكَّةَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ لَا يُقَيِّدُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَالتَّقْيِيدُ بِهِمَا مَعًا غَيْرُ مُمْكِنٍ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا إلَخْ دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْ الْحَمْلِ إذَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَمَا هُنَا لَمْ يُحْمَلْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِمَا لَا يُمْكِنُ لِتَنَافِي قَيْدَيْهِمَا وَعَلَى إحْدَاهُمَا تُحْكَمُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِالشَّكِّ) أَيْ مِنْ الرَّاوِي فِي أَيِّهِمَا الْوَارِدُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِجَوَازِ حَمْلِ رِوَايَةِ إحْدَاهُنَّ إلَخْ) أَجَابَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ فِي مَبْحَثٍ أَوْ بِجَوَابٍ نَفِيسٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَتُهُ الْأَوَّلُ مُفْتَتَحُ الْعَدَدِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ ثَانٍ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَمِنْهُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ هُوَ الْوَاحِدُ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمُصَنِّفِينَ فِي قَوْلِهِمْ وَلَهُ شُرُوطٌ الْأَوَّلُ كَذَا لَا يُرَادُ بِهِ السَّابِقُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ وَقَوْلُ الْقَائِلِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدُهُ الْأَمَةُ حُرٌّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا حَتَّى يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَلَدِ الَّذِي تَلِدُهُ حُرًّا سَوَاءٌ وَلَدَتْ غَيْرَهُ أَمْ لَا إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ فَالْمُؤَنَّثَةُ هِيَ الْأُولَى بِمَعْنَى الْوَاحِدَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا الْمَوْتَةَ} [الدخان: ٥٦] الْأُولَى أَيْ سِوَى الْمَيْتَةِ الْأُولَى الَّتِي ذَاقُوهَا