للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُولَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ النَّدْبِ وَأُخْرَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْإِجْزَاءِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ وَالْفَرْعُ وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْمَاءِ وَلَا مَزْجُهُ بِغَيْرِ مَاءٍ نَعَمْ إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ كَثِيرًا كَفَى وَلَا مَزْجُ غَيْرِ تُرَابٍ طَهُورٍ كَأُشْنَانٍ وَتُرَابٍ نَجِسٍ وَتُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ وَهُوَ خَارِجٌ بِتَعْبِيرِي بِطَهُورٍ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ مَا يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحِلِّ.

ــ

[حاشية الجمل]

فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ بَعْدَهَا أُخْرَى وَتَقَدَّمَ فِي الْآخَرِ أَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَأَنَّ الْأُخْرَى بِمَعْنَى الْوَاحِدَةِ فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ يُغْسَلُ سَبْعًا فِي رِوَايَةٍ أُولَاهُنَّ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَاهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ إحْدَاهُنَّ الْكُلُّ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ وَتَخْرِيجِهَا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ وَاسْتَغْنَى بِهَا عَمَّا قِيلَ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ، فَإِنَّهَا إذَا عُرِضَتْ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ لَا يَقْبَلُهَا الذَّوْقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ، فَإِنَّمَا جَعَلَ التُّرَابَ ثَامِنَةً بِاعْتِبَارِ مُغَايَرَتِهِ لَهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ عَلَى بَيَانِ النَّدْبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَّبَ فِي الْأُولَى وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْغَسَلَاتِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَتْرِيبُ الْمُصَابِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَأُخْرَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْإِجْزَاءِ) أَيْ الِاكْتِفَاءِ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فَالْإِجْزَاءُ أَقَلُّ مَرْتَبَةً فِي الْجَوَازِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْإِجْزَاءُ بِالْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَالْكَلْبِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَحْرِيمُ الْكَلْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْكَلْبِ، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ لِإِضْرَارِهِ، وَالْفَرْعُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا يَتْبَعُ الْآخَرَ فِي النَّجَاسَةِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالثَّانِي يَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَارِدٌ فِي الْكَلْبِ وَمَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى كَلْبًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ إلَخْ) أَيْ وَقِيسَ بِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ قِيَاسًا أَوْلَوِيًّا حَيْثُ أَمَرَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ بِفَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ فَغَيْرُهُ مِنْ بَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَرَوْثِهِ وَنَحْوِهَا أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر. وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَقْدِيمَ هَذَا الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ إتْمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، ثُمَّ يَقِيسُ عَلَيْهِ الْخِنْزِيرَ وَأَوْرَدَ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ الْحَصْرَ فِي السَّبْعِ وَاشْتِرَاطَ التَّتْرِيبِ تَعَبُّدِيٌّ وَالتَّعَبُّدِيَّات لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي أَصْلِ التَّنْجِيسِ وَإِذَا ثَبَتَ لَزِمَ الْغَسْلُ سَبْعًا بِالتُّرَابِ.

وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَقِيسَ عَلَى الْوُلُوغِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَا ذُكِرَ فِي فَمِهِ مَعَ أَنَّهُ أَطْيَبُ مَا فِيهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَيْهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ إلَخْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِذَا ثَبَتَ لَزِمَ الْغَسْلُ سَبْعًا بِالتُّرَابِ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَ فَضَلَاتِهِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا قِيَاسَ فِي التَّعَبُّدِيَّاتِ.

(قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ وَمِمَّا قَرَّرَهُ فِي الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى مُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لِلْمَاءِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحِلِّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَضَعَهُ بَعْدَ تَمَامِ السَّابِعَةِ وَوَجْهُ عِلْمِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْمَتْنِ وَالْحَدِيثِ عَلَى كَوْنِ التُّرَابِ مُصَاحِبًا لِإِحْدَى الْغَسَلَاتِ وَهُوَ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَصْحَبْهَا بَلْ وُضِعَ بَعْدَ تَمَامِ الْغَسَلَاتِ اهـ شَيْخُنَا وَذَرَرْت الْحَبَّ وَالْمِلْحَ وَالدَّوَاءَ فَرَّقْته مِنْ بَابِ رَدَّ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْمَاءِ، فَإِنْ أَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ وَامْتَزَجَ مَعَهُ عَلَى الْمَحِلِّ كَفَى اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَلَا مَزَجَهُ بِغَيْرِ مَاءٍ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَلَا تُرَابٍ مَمْزُوجٍ بِمَائِعٍ وَهُوَ هُنَا مَا عَدَا الْمَاءَ الطَّهُورَ فِي الْأَصَحِّ لِلنَّصِّ عَلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ سَبْعًا مَعَ مُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لِإِحْدَاهُنَّ انْتَهَتْ قَالَ م ر وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَائِعِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ كَأُشْنَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ لُغَةً اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَتُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ) وَلَيْسَ مِنْهُ حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ فَيَجْزِي هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا حَجَرَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَزَلَ الْمُسْتَجْمِرُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ حَمَلَهُ مُصَلٍّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِابْنِ قَاسِمٍ حَيْثُ قَالَ، وَمِنْ الْمُسْتَعْمَلِ حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ النَّجَسَ لَا يَكْفِي اهـ ع ش وَعِبَارَتُهُ أَيْ الْأَصْلُ وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ فِي الْأَصَحِّ فَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ يَكْفِي، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ أَيْ النَّجَسُ يَكْفِي كَالدِّبَاغِ بِشَيْءٍ نَجِسٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ إلَخْ) وَيَقُومُ مَقَامَ التَّتْرِيبِ الْمَاءُ الْكَدِرُ كَالنِّيلِ فِي أَيَّامِ زِيَادَتِهِ وَالسَّيْلِ الْمُتَتَرِّبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>