للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُسَلَّمُ عَلَفُهَا لِلْمَالِكِ بَلْ يَصْرِفُهُ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ.

(وَلَا) تَصِحُّ (لِعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) مِنْ كَافِرٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِلتَّعَبُّدِ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا بِخِلَافِ كَنِيسَةٍ تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ، أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَى قَوْمٍ يَسْكُنُونَهَا وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا لِأَهْلِ الرِّدَّةِ.

(وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَمَصَالِحِهِ وَمُطْلَقًا وَتُحْمَلُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (عَلَيْهِمَا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت تَمْلِيكَهُ فَقِيلَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَفْقَهُ الْأَرْجَحُ.

(وَ) تَصِحُّ (لِكَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا (وَقَاتِلٍ) بِحَقٍّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِمَا وَالْهِبَةِ لَهُمَا، وَصُورَتُهَا فِي الْقَاتِلِ أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ فَيَقْتُلَهُ وَمِنْهُ قَتْلُ سَيِّدِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِرَقِيقٍ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِمَنْ يَرْتَدُّ، أَوْ يُحَارِبُ، أَوْ يَقْتُلُهُ، أَوْ يَقْتُلُ غَيْرَهُ عُدْوَانًا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ.

(وَلِحَمْلٍ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهَا (أَوْ) لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَ (لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ) مِنْهَا (وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ أَمْكَنَ كَوْنُ الْحَمْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهِ عِمَامَةً مَثَلًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ فَلَوْ بَاعَهَا مَالِكُهَا انْتَقَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْعَبْدِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ -: هِيَ لِلْبَائِعِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ، ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُ عَلَفَهَا لِلْمَالِكِ إلَخْ) وَلَوْ أَوْصَى بِعَلَفٍ لِلدَّابَّةِ الَّتِي لَا تَأْكُلُهُ عَادَةً فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، أَوْ يُصْرَفُ لِمَالِكِهَا، أَوْ يُفَصِّلُ فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي جَاهِلًا بِحَالِهَا بَطَلَتْ، أَوْ عَالِمًا انْصَرَفَتْ لِمَالِكِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّالِثُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ الْعَلَفُ الْمُوصَى بِهِ مِمَّا تَأْكُلُهُ عَادَةً لَكِنْ عَرَضَ لَهَا امْتِنَاعُهَا مِنْ أَكْلِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَيِسَ مِنْ أَكْلِهَا إيَّاهُ عَادَةً صَارَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ مَاتَتْ وَلَا حِفْظَ إلَى أَنْ يَتَأَتَّى أَكْلُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا إلَخْ) هَذَا فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مَا وُجِدَ مِنْهَا قَبْلَهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ شَرِيعَتِنَا فِي مَسَاجِدِنَا وَلَا تُمَكَّنُ النَّصَارَى مِنْ دُخُولِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ كَمَسَاجِدِنَا كَذَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ السُّبْكِيّ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَتَعَبَّدُونَ بِهَا الْآنَ هُمْ الْمُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَإِنْ سُمِّيَتْ كَنِيسَةً اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا، وَإِنْ اتَّفَقَ تَعَبُّدُهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِلْوَاقِفِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ) بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لِلْحَرْبِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ كَافِرٍ وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ - كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ - أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ، وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمَشَاهِدِ إذَا كَانَ الدَّفْنُ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِعِمَارَتِهَا رَدَّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتَهَا - خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ -، وَالْقِرَاءَةَ عِنْدَهَا، وَإِعْلَامَ الزَّائِرِينَ بِهَا لِئَلَّا تَنْدَرِسَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا) أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُ وَأَنَّ عَلَيْهِ وَقْفًا أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَنَا جَمَادًا يَمْلِكُ وَهُوَ الْمَسْجِدُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيًّا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ، أَوْ مَعَ ذِكْرِ اسْمٍ هـ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ، أَوْ لِهَذَا، وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ، أَوْ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرْتَدِّ اهـ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وح ل وَخَالَفَ الْوَقْفَ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ، وَالْحَرْبِيُّ، وَالْمُرْتَدُّ لَا دَوَامَ لَهُمَا اهـ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ خَالَفَهُ ع ش عَلَى م ر فَقَالَ أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ، أَوْ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ لِحِرَابَتِهِ، أَوْ لِكُفْرِهِ أَوْ لِرِدَّتِهِ فَتَفْسُدُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ حَامِلًا عَلَى الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدًّا) أَيْ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ فَإِنْ قَالَ: لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ لِلْمُرْتَدِّينَ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الشَّخْصُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ فَلَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْوَصْفِ فِيهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْصِيَةُ مَعَ أَنَّ وَصْفَ نَحْوِ الذِّمِّيَّةِ، وَالْحَرْبِيَّةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا فِي الْقَاتِلِ إلَخْ) أَيْ وَصُورَتُهَا فِي الْكَافِرِ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتُلُ غَيْرَهُ عُدْوَانًا) مَفْهُومُهُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْتُلُ خَطَأً.

(قَوْلُهُ: وَلِحَمْلٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلِحَمْلٍ) إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَيَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ أَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهَا) لَا يُقَالُ الْعِلْمُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَصِلُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْبَطْنِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَلَا يَمْنَعُ غَلَبَةَ الظَّنِّ الْمُرَادَةَ هُنَا بِالْعِلْمِ تَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا) أَيْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَمْكَنَ كَوْنُ الْحَمْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>