للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ مَحْجُورَ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِدُونِهَا) أَيْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقِيقِ، أَوْ ضَعْفِهِ، وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ وَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُوصَى لَهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَكَانَ جِهَةً أَمْ غَيْرَهَا (عَدَمُ مَعْصِيَةٍ) فِي الْوَصِيَّةِ (وَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَيْرَ جِهَةٍ كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَهْلًا لِمِلْكٍ) وَاشْتِرَاطُ الْأَوَّلَيْنِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ مِنْ زِيَادَتِي (فَلَا تَصِحُّ) لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً وَلَا (لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ) لِعَدَمِ وُجُودِهِ (وَلَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ) الرَّجُلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِهِ نَعَمْ إنْ قَالَ: أَعْطُوا هَذَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْهُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ (وَلَا لِمَيِّتٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ (وَلَا لِدَابَّةٍ) لِذَلِكَ (إلَّا إنْ فَسَّرَ) الْوَصِيَّةَ لَهَا (بِعَلَفِهَا) بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ بِالصَّرْفِ فِيهِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَى مَالِكِهَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الدَّابَّةِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي

ــ

[حاشية الجمل]

مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَلَوْ عِتْقًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِوُجُودِ أَهْلِيَّتِهِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهَا - لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ - مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِمَوْتِهِ وَسَيَأْتِي فِي نُفُوذِ إيلَادِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) وَفَارَقَ عَدَمَ انْعِقَادِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ فَإِنَّهَا عَقْدٌ مَالِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَرْبِيًّا وَغَيْرَهُ) شَمِلَ الْمُرْتَدَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ مَوْقُوفَةٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي حَقِّ الْكَافِرِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا زِيَادَةُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ بَعْدَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِيهَا بِطَرِيقِ الذَّاتِ كَوْنُهَا عَقْدًا مَالِيًّا لَا خُصُوصَ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ صَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ مَعَ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهَا، وَفِي صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْعِتْقِ تَرَدُّدٌ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهُ مِنْ الْمُبَعَّضِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَصِحُّ وَيَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِشَيْءٍ وَلَمْ يَفْعَلْ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ إلَخْ) أَيْ الْمُتَعَدِّي لِانْصِرَافِ الِاسْمِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ أَنَّ تَصْحِيحَ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ، وَتَصْحِيحَ الْوَصِيَّةِ رِفْقٌ بِهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرَهَا) بِأَنْ كَانَ شَخْصًا مُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ) أَيْ وَلَا بِمُصْحَفٍ اهـ شَرْحُ م ر وَمَحَلُّهُ إذَا اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ لِمَوْتِ الْمُوصِي اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَاسَ بِالْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلَا نَظَرَ لِتَعْزِيرِ قَاتِلِ نَحْوِ الزَّانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ قَاتِلِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى خَارِجٍ وَهُوَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ لَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ حِرَابَةً، أَوْ رَجْمًا فَأَوْصَى لِمَنْ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ إنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَالْإِجَارَةِ، وَالْحَوَالَةِ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِفَقْدِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته إنْ لَمْ يُحْمَلْ قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الِاشْتِرَاطِ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْصَى لِقَاتِلِ زَيْدٍ بَعْدَ أَنْ قَتَلَهُ صَحَّ وَكَانَ ذِكْرُ الْقَتْلِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ كَانَ قَتْلُهُ جَائِزًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ التَّرْشِيحِ بَحَثَ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ بِحَقٍّ فَتَظْهَرَ الصِّحَّةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِحَمْلٍ إلَخْ) التَّفْرِيعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي الْمَتْنِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُمَا عَلَى الثَّالِثِ، وَالْخَامِسُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَةِ وَلَمْ يُفَرِّعْ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْنَى فَأَتَى بِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ إلَخْ لَكِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَى الْخَامِسِ؛ لِأَنَّهُمَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ) بِأَنْ قَالَ الْمُوصِي هَذِهِ الْعِبَارَةَ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) نَعَمْ إنْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ كَأَنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ زَيْدٍ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ صَحَّتْ لَهُمْ تَبَعًا قِيَاسًا عَلَى الْوَقْفِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَالْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا مُعَيَّنٌ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لِلدَّوَامِ الْمُقْتَضِي لِشُمُولِهِ لِلْمَعْدُومِ ابْتِدَاءً مَرْجُوحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ) لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمُبْهَمِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ أُعْطُوا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ غَيْرِهِ لَا مِنْهُ فَلَا يَضُرُّ الْإِبْهَامُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَ أُعْطُوا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّمْلِيكِ وَهُوَ مِنْ الْمُوصَى إلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ مِنْهُمَا اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَلَا لِمَيِّتٍ) أَيْ إلَّا إنْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَهُنَاكَ مَيِّتٌ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَالْمُحْدِثِ الْحَيِّ، وَالْمُرَادُ فِي مَحَلِّ الْمُوصِي، أَوْ مَحَلِّ الْمَاءِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَصِيَّتَهُ لِمَيِّتٍ بَلْ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ فَسَّرَ بِعَلَفِهَا) وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ بَيَانِ مُرَادِهِ رُجِعَ إلَى وَارِثِهِ فَإِنْ قَالَ: أَرَادَ الْعَلَفَ صَحَّتْ، وَإِلَّا حُلِّفَ وَبَطَلَتْ فَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بَطَلَتْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْعُدَّةِ، وَفِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ: أَرَادَ تَمْلِيكِي، وَقَالَ الْوَارِثُ: أَرَادَ تَمْلِيكَهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَخْ) فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مَالِكَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَجَمُّلًا، أَوْ مُبَاسَطَةً مَلَكَهُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ دِرْهَمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>