(وَكَأَنْ يُودِعَهَا) غَيْرَهُ وَلَوْ قَاضِيًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ (وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) ، أَوْ يَعْلِفُهَا، أَوْ يَسْقِيهَا الْمَفْهُومُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ (وَعَلَيْهِ لِعُذْرٍ كَإِرَادَةِ سَفَرٍ) وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وَحَرِيقٍ فِي الْبُقْعَةِ، وَإِشْرَافِ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (رَدَّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ فَ) إنْ فَقَدَهُمَا رَدَّهَا (لِقَاضٍ) وَعَلَيْهِ أَخْذُهَا (فَ) إنْ فَقَدَهُ رَدَّهَا (لِأَمِينٍ) وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُذْرِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَعَطْفِي الْأَمِينَ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ عَطْفٍ لَهُ بِأَوْ (وَيُغْنِي عَنْ الْأَخِيرَيْنِ وَصِيَّةٌ) بِهَا (إلَيْهِمَا) فَهُوَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ فَقْدِ الْأَوَّلَيْنِ بَيْنَ رَدِّهَا لِلْقَاضِي، وَالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَيْهِ وَعِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي بَيْنَ رَدِّهَا لِلْأَمِينِ وَالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ بِهَا الْإِعْلَامُ بِهَا، وَالْأَمْرُ بِرَدِّهَا مَعَ وَصْفِهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ، أَوْ الْإِشَارَةِ لِعَيْنِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ لَمْ يَرُدَّهَا وَلَمْ يُوصِ بِهَا لِمَنْ ذُكِرَ كَمَا ذُكِرَ (ضَمِنَ إنْ تَمَكَّنَ) مِنْ رَدِّهَا، أَوْ الْإِيصَاءِ بِهَا سَافَرَ بِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ، وَحِرْزُ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ كَأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً، أَوْ سَافَرَ بِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَوْنُهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُودِعَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيدَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا وَفِي تَجْرِيدِ الزُّبَدِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ لَوْ بَاعَ الشَّرِيكُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَالْبَيْعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بَاطِلٌ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فِي الْوَدِيعَةِ كَذَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ عِنْدِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ أَيْضًا اهـ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِيدَاعِ، وَالْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ أَيْ فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِهَا، وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَمَّا الْعَالِمُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، أَوْ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) أَيْ إذَا لَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهَا بِأَنْ يُعَدَّ حَافِظًا لَهَا عُرْفًا اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) أَيْ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا وَلَاقَ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً أَمْكَنَهُ حَمْلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى) إذْ الْحَاجَةُ لِلْعَلْفِ وَالسَّقْيِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وَبِخِلَافِ الْحَمْلِ فَإِذَا جَوَّزْنَا مَا لَا يَتَكَرَّرُ فَلَأَنْ نُجَوِّزَ مَا يَتَكَرَّرُ بِالْأَوْلَى وَأَيْضًا الْحَمْلُ فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ بِخِلَافِهِمَا فَإِذَا جَوَّزْنَا مَا فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ فَلَأَنْ نُجَوِّزَ مَا لَيْسَ فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ بِالْأَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَإِرَادَةِ سَفَرٍ) أَيْ مُبَاحٍ، وَإِنْ قَصُرَ إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ السَّفَرُ بِالْمُبَاحِ أَيْ رَدُّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَرَدُّهَا لَهُمَا يَجُوزُ وَلَوْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَأَقَرَّهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَرَضٍ مَخُوفٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ كَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِالْبَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فِيمَا ذُكِرَ اهـ نَعَمْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ هُنَا لَا ثَمَّ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ نَاجِزٌ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ بِجَعْلِ مُقَدِّمَةِ مَا يُظَنُّ مِنْهُ الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ) أَيْ فِي قَبْضِ الْوَدَائِعِ إمَّا بِخُصُوصِهَا، أَوْ بِتَوْكِيلِهِ فِي أَمْرٍ عَامٍّ يَشْمَلُهَا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَهُمَا) أَيْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَهُمَا) أَيْ لِنَحْوِ غَيْبَةٍ وَحَبْسٍ وَتَوَارٍ رَدَّهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِوُقُوعِهِ جَوَابَ الشَّرْطِ الَّذِي قَدَّرَهُ مَعَ عَدَمِ اقْتِرَانِهِ بِالْفَاءِ وَقَوْلُهُ: لِقَاضٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَحِينَئِذٍ تَغَيَّرَ إعْرَابُ الْمَتْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لِقَاضٍ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ رَدَّهَا الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي مَا ذُكِرَ فِيمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَخْذُهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُهَا مِنْ الْوَدِيعِ حِفْظًا لَهَا بِخِلَافِ دَيْنِ غَائِبٍ وَأَخْذِ مَغْصُوبٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُمَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَحْرَزُ لِلْمَالِكِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَلِقَاضٍ فَلِأَمِينٍ) وَمَتَى تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ ضَمِنَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَارِقِيُّ إلَّا فِي زَمَنِنَا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِيدَاعِ لِثِقَةٍ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي قَطْعًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ الْحُكَّامِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَصِيَّةٌ بِهَا إلَيْهِمَا) الْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ هَذَا بِالْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ دُونَ السَّفَرِ فَلَا تُغْنِي الْوَصِيَّةُ إلَيْهِمَا فِيهِ عَنْ رَدِّهَا إلَيْهِمَا اهـ ح ل وسم وع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ بِهَا وَوَصْفُهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا، أَوْ يُشِيرُ لِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَيَأْمُرُ بِالرَّدِّ إنْ مَاتَ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْهَادِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مَعَ وَصْفِهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِيًا أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ فِي تَرِكَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ فِي سَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَةِ الْوَدِيعِ مَا عَيَّنَهُ، أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ وُجِدَ وَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ قَصَّرَ الْوَارِثُ فِي رَدِّهَا ضَمِنَ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِي أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَيْضًا وَفِي تَلَفِهَا عِنْدَهُ وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ وَلَوْ وُجِدَ بَعْدَهُ مُتَعَدِّدٌ مِمَّا وَصَفَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْوَارِثُ ضَمِنَ.
(تَنْبِيهٌ) لَا أَثَرَ لِكِتَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ فِي جَرِيدَتِهِ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الْإِشْهَادُ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ فَتَضْعِيفُ الْحَلَبِيِّ لَهُ هُوَ الضَّعِيفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَ بِهَا) وَلَوْ حَدَثَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، وَإِنْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْقُطَّاعُ فَطَرَحَهَا بِمَضْيَعَةٍ لِيَحْفَظَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute