للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَوَثِقَ بِأَمَانَتِهِ فِيهَا (سُنَّ) لَهُ أَخْذُهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) لِأَخْذِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» فَإِنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا.

(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ (وَاسْتِرْدَادٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَرَدٍّ) مِنْ الْوَدِيعِ كَالْوَكَالَةِ (وَأَصْلُهَا أَمَانَةٌ) بِمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَةَ مُتَأَصِّلَةٌ فِيهَا لَا تَبَعٌ كَالرَّهْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِجُعْلٍ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] ، وَالْوَدِيعُ مُحْسِنٌ فِي الْجُمْلَةِ.

(وَ) قَدْ (تُضْمَنُ بِعَوَارِضَ كَأَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ، أَوْ دَارٍ لِأُخْرَى دُونَهَا حِرْزًا) ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ عَنْ نَقْلِهَا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلتَّلَفِ نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ نَقَلَهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ حِرْزًا، أَوْ إلَى أَحْرَزَ أَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ

ــ

[حاشية الجمل]

إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ الْعَجْزُ عَنْ حِفْظِهَا كَمَا هُوَ السِّيَاقُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ حَيْثُ نِيَّةُ الْخِيَانَةِ فِيهَا فَأَثَرُ التَّحْرِيمِ يَتَعَدَّى إلَى جَعْلِهِ ضَامِنًا بِأَخْذِهَا فَلَا تَكُونُ أَمَانَةً تَحْتَ يَدِهِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَأَنْ يَأْخُذَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا أَيْ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيَّ يَتِيمٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ إلَخْ) صَدْرُهُ كَمَا فِي مَتْنِ الْأَرْبَعِينَ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ» إلَخْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ وَلَدِهِ ضَرَرًا بِسَبَبِهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ إلَخْ) فَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ تُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَسَقْيِ اللِّبَأِ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ فَلَهُ طَلَبُ أُجْرَتِهِ وَأُجْرَةِ حِرْزِهِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَالِكُ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا حِينَئِذٍ لَا أَنَّهُ يَقْبَلُ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَدَائِهَا لِمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ عَزَلَ الْوَدِيعُ نَفْسَهُ، أَوْ عَزَلَهُ الْمَالِكُ انْفَسَخَتْ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً وَلَزِمَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ اهـ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ إعْلَامُ الْمَالِكِ بِهَا وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) وَفَائِدَةُ ارْتِفَاعِهَا أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَالِكِهَا، أَوْ وَلِيِّهِ إنْ عَرَفَهُ أَيْ إعْلَامُهُ بِهَا، أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا وَعَرَفَ مَالِكَهَا فَإِنْ غَابَ رَدَّهَا لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ، وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ شَرْحُ م ر وَيَقُومُ وَارِثُ كُلٍّ وَوَلِيُّهُ مَقَامَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِغْمَائِهِ) كَأَنْ فَرِقَ بِمَسْكِ رَقَبَتِهِ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْوَدِيعَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إذَا أَخَّرَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ وَتَلِفَتْ يَكُونُ ضَامِنًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَحَجْرِ فَلَسٍ عَلَى الْوَدِيعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَرَدٍّ مِنْ الْوَدِيعِ) أَيْ وَبِعَزْلِهِ نَفْسَهُ وَبِبَيْعِ مَالِكِهَا لَهَا وَبِإِقْرَارِهِ بِهَا لِغَيْرِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا أَمَانَةٌ) أَيْ وَضْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ، أَوْ كُرِهَتْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَالرَّهْنِ) أَيْ فَإِنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْهُ التَّوَثُّقُ، وَالْأَمَانَةُ تَبَعٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهَا فِيهِ تَبَعًا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ خَانَ فِيهِ لَا يَرْتَفِعُ الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا خَانَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَرْتَفِعُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَتَى خَانَ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِالْإِيدَاعِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ فِي الرَّهْنِ فِي قَوْلِهِ وَيُبْرِئُهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ إيدَاعِهِ لَا ارْتِهَانِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ جُعْلًا وَقَالَ س ل أَيْ فِيمَا إذَا سُنَّ لَهُ الْقَبُولُ، أَوْ وَجَبَ.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ جُعْلٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً وَلَا مَكْرُوهَةً وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ هَذَا مَا ظَهَرَ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تُضْمَنُ بِعَوَارِضَ) أَيْ عَشَرَةٍ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ

عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا ... وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا

وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعِ مُهْلِكِ ... وَمَنْعُ رَدِّهَا وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ

وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا الْمُخَالَفَهْ ... فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يَزِدْ مَنْ خَالَفَهْ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَنْقُلَهَا) أَيْ وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ الْمُودِعُ مَكَانًا لِلْحِرْزِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ الْمَحَلَّةِ، أَوْ الدَّارِ حِرْزًا وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا كَانَ حِرْزَ مِثْلِهَا وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ حِرْزًا فَنَقَلَهَا مِنْهُ لِدُونِهِ حِرْزًا لَكِنَّهُ حِرْزُ مِثْلِهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: دُونَهَا حِرْزًا) الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ أَحْرَزَ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ الْمَوْضِعَ لَا ضَمَانَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ فِي دَارٍ إلَخْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ) أَيْ وَالثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>