يُحْدِثْ فِعْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (وَكَأَنْ يَخْلِطَهَا بِمَالٍ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ) بِسُهُولَةٍ عَنْهُ بِنَحْوِ سِكَّةٍ.
(وَلَوْ) خَلَطَهَا بِمَالٍ (لِلْمُودِعِ) بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَيَّزَتْ بِسُهُولَةٍ وَلَمْ تَنْقُصْ بِالْخَلْطِ (وَكَأَنْ يَجْحَدَهَا أَوْ يُؤَخِّرَ تَخْلِيَتَهَا) أَيْ التَّخْلِيَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا (بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ طَلَبِ مَالِكِهَا) لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا، أَوْ أَخَّرَ تَخْلِيَتَهَا بِلَا طَلَبٍ مِنْ مَالِكِهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَحْدُ وَتَأْخِيرُ التَّخْلِيَةِ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا بِعُذْرٍ مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِكِهَا وَمَا لَوْ أَخَّرَ التَّخْلِيَةَ بِعُذْرٍ كَصَلَاةٍ وَخَرَجَ بِتَخْلِيَتِهَا حَمْلُهَا إلَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ضَمِنَهَا كُلَّهَا إنْ فَضَّ نَحْوَ خَتْمٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ فَقَطْ فَإِنْ رَدَّهُ فَكَذَلِكَ إنْ تَمَيَّزَ، أَوْ تَلِفَتْ كُلُّهَا فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ بِقِسْطِهِ فَقَطْ فَيَضْمَنُ نِصْفَهُ إنْ تَلِفَ نِصْفُهَا كَذَا قَالُوهُ وَقَالُوا أَيْضًا: إنَّهُ لَوْ رَدَّ بَدَلَهُ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَحْدَهُ.
(فَرْعٌ) دَفَعَ لَهُ ثَوْبًا لِيُحْرِقَهُ فَانْتَفَعَ بِهِ ضَمِنَهُ وَأُجْرَتَهُ، وَإِنْ أَحْرَقَهُ بَعْدُ فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْرَاقِهِ عَيْنًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ عِنْدَ تَسَلُّمِهَا مِنْ مَالِكِهَا أَيْ نَوَى عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ خَانَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ وَمَا هُنَا خِيَانَةٌ فِي الدَّوَامِ فَاغْتُفِرَتْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَخْلِطَهَا) أَيْ عَمْدًا بِمَالٍ أَيْ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الْغُرْمُ لِمَا قَالُوهُ فِي الْغَصْبِ إنَّ خَلْطَ الشَّيْءِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ لِمَالِكِهِ الْمِثْلُ، أَوْ الْقِيمَةُ فَلَا مُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ.
١ -
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ قَطَعَ الْوَدِيعُ يَدَهَا، أَوْ أَحْرَقَ بَعْضَ الثَّوْبِ خَطَأً ضَمِنَهُ دُونَ الْبَاقِي، أَوْ عَمْدًا ضَمِنَهَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَجْحَدَهَا) بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ تُودِعْنِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ " لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي " فَيُقْبَلُ عِنْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّلَفِ لَا بَعْدَهُ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ فِي التَّلَفِ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ.
(فُرُوعٌ) أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مُطَرَّزًا فَتَلِفَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَنْقُصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى وَدِيعٍ بِوَدِيعَةٍ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْوَدِيعِ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَ الْآخَرُ، وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ وَالْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَفِي ثَوْبٍ أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِمَا لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا وَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مَصَارِفِهَا أَوْ فِي بِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَرِبَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَلِفَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَصَبْتهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَخَذْتهَا مِنْك وَدِيعَةً وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ غَصَبْتهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ، ثُمَّ حَاوَلَ الْمُسْقِطَ بِخِلَافِ الْأُولَى اهـ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ:
(خَاتِمَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا تَسَلَّفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ، ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافَ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ فِي بَابِ الْبَيْعِ فِي بَحْثِ الْقَبْضِ: وَتَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ كَتَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بَعْدَ طَلَبِ مَالِكِهَا) أَيْ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ، وَإِلَّا كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ فَالرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ حَجّ وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْوَدِيعِ بِالْفَلَسِ نُزِعَتْ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ أَوْدَعَاهُ حِصَّتَهُ دَفَعَهَا لَهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَقْسِمُهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَبٍ مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ وَكَانَ هُنَاكَ طَلَبٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَخَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَخَّرَ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ طَلَبٌ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا بِعُذْرٍ مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْكَارُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مُورِيًا وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ وَتَطْلُقَ زَوْجَتُهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُورِ، وَيَجِبُ الْحَلِفُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَمْلُوكًا يُرِيدُ الظَّالِمُ قَتْلَهُ أَوْ الْفُجُورَ بِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِكِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَأَنْ أَمَرَ الظَّالِمُ مَالِكَهَا بِطَلَبِهَا مِنْ الْوَدِيعِ فَطَلَبَهَا مِنْهُ وَهُوَ يُحِبُّ جُحُودَهَا فَجَحَدَهَا حِفْظًا لَهَا فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ كَصَلَاةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِهِ لِنَحْوِ طُهْرٍ وَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهِيَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَمُلَازَمَةِ