إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ أَوْ سَأَلَ بَلْ يُحَرَّمُ سُؤَالُهُ أَيْضًا (وَكَافِرٍ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «فِي كُلِّ كَبَدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»
(وَدَفْعُهَا سِرًّا وَفِي رَمَضَانَ وَلِنَحْوِ قَرِيبٍ) كَزَوْجَةٍ وَصَدِيقٍ (فَجَارٍ) أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ (أَفْضَلُ) مِنْ دَفْعِهَا جَهْرًا وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَلِغَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَغَيْرِ جَارٍ لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي فِي الْجَارِ بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالْوَاوِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى نَحْوِ الْقَرِيبِ وَإِنْ بَعِدَتْ دَارُهُ أَيْ بُعْدًا لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَسَوَاءٌ فِي الْجَارِ الْقَرِيبِ أَلْزَمَتْ الدَّافِعَ مُؤْنَتَهُ أَمْ لَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَمَّا الزَّكَاةُ فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ
ــ
[حاشية الجمل]
لِنَحْوِ تَجَمُّلٍ كَقَوْلِهِ لِتَشْرَبَ بِهِ قَهْوَةً مَثَلًا فَيَجُوزُ صَرْفُهُ فِيمَا شَاءَ
(فَرْعٌ) يُنْدَبُ التَّنَزُّهُ عَنْ قَبُولِ صَدَقَةٍ لِنَحْوِ شَكٍّ فِي حِلٍّ أَوْ هَتْكِ مُرُوءَةٍ أَوْ دَنَاءَةٍ أَوْ ظَنِّهِ أَنَّهَا لِغَرَضٍ وَلَوْ أُخْرَوِيًّا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِمَّنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ، وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ إلَّا إنْ عَلِمَ حُرْمَةَ الْمَأْخُوذِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ إنْ عَرَفَهُ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا) وَلَا يَمْلِكُهَا كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا فِيمَا لَوْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ بِوَجْهِ اللَّهِ وَكَذَا التَّشَفُّعُ بِهِ وَيُكْرَهُ مَنْعُ مَنْ سَأَلَ أَوْ تَشَفَّعَ بِهِ وَلِلْفَقِيرِ أَنْ يَسْأَلَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ سَنَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ بِإِطْلَاقِ السُّؤَالِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّ حَاجَتَهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا حُرْمَةَ السُّؤَالِ عَلَيْهِ إنْ أَظْهَرَ احْتِيَاجَهُ فِي الْحَالِ أَوْ أَطْلَقَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ عَالِمًا بِحَالِهِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ) كَأَنْ يَقُولَ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أَتَقَوَّتُ بِهِ أَوْ لَمْ آكُلُ اللَّيْلَةَ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ عِنْدَهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ بَلْ يَحْرُمُ سُؤَالُهُ أَيْضًا) وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَا لَوْ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمُمَوِّنِهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسُتْرَتَهُمْ وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سُؤَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ السُّؤَالُ عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَيَسِّرٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ غَايَةَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّحْدِيدِ بِهَا وَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ عَلِمَ غِنَى سَائِلٍ أَوْ مُظْهِرٍ لِلْفَاقَةِ الدَّفْعُ لَهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِعَدَمِهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِتَعْزِيرِهِ مَنْ لَا يُعْطِيهِ لَوْ عَلِمَ غِنَاءَهُ فَمَنْ عَلِمَ وَأَعْطَاهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَعْزِيرٌ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ بَيْنَ الْأَصْدِقَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَا يُشَكُّ فِي رِضَا بَاذِلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ غِنَى آخِذِهِ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَوْ عَلَى الْغَنِيِّ لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَرْعٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ فِيهِ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ ثُمَّ أَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُ سم السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مِثْلُهُ التَّعَرُّضُ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ السَّائِلُ فِي الْمَسْجِدِ يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ وَإِلَّا انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ) أَيْ حَيَّةٍ أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَجّ.
وَعِبَارَةُ م ر وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَرْبِيَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ وَذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَدَفْعُهَا سِرًّا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ التَّصَدُّقَ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَيْهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ فِيهَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْهُ فِي غَيْرِهَا غَالِبًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا تَصَدَّقَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ تَحَرَّى بِصَدَقَتِهِ مِنْ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الشُّهُورِ رَمَضَانَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَدَفْعُهَا سِرًّا إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسِّرِّ فِيمَا يَظْهَرُ مَا قَابَلَ الْجَهْرَ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا يَعْلَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا الْمَدْفُوعَ صَدَقَةٌ حَتَّى لَوْ دَفَعَ لِشَخْصٍ دِينَارًا مَثَلًا وَأَوْهَمَ مَنْ حَضَرَهُ أَنَّهُ عَنْ قَرْضٍ عَلَيْهِ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا كَانَ مِنْ قَبِيلِ دَفْعِ الصَّدَقَةِ سِرًّا لَا يُقَالُ هَذَا رُبَّمَا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَهِيَ الْبُعْدُ عَنْ الرِّيَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَالْكَذِبِ قَدْ يُطْلَبُ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ بَلْ قَدْ يَجِبُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَلِنَحْوِ قَرِيبٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِقَرِيبٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوَّلًا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ ثُمَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ غَيْرُ الْمَحْرَمِ وَالرَّحِمُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ سَوَاءٌ ثُمَّ مَحْرَمُ الرَّضَاعِ ثُمَّ الْمُصَاهِرُ ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ الْأَعْلَى ثُمَّ مِنْ أَسْفَلَ أَفْضَلُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ أَيْضًا إذَا كَانُوا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْعَدُوُّ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْلَى لِخَبَرٍ فِيهِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْعَدُوُّ مِنْ غَيْرِهِمْ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَقْرَبُ فَأَقْرَبُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبِ وَالْجَارِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا جَهْرًا إلَخْ) إلَّا إذَا كَانَ الدَّافِعُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَصَدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَأَذَّ الْآخِذُ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا يَحْرُمُ الْمَنُّ بِهَا وَلَا أَجْرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى نَحْوِ الْقَرِيبِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَرِيبَ الْبَعِيدَ الدَّارِ فِي الْبَلَدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي غَيْرِهَا الْجَارُ أَوْلَى مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute