للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَالِ الظَّاهِرِ أَمَّا الْبَاطِنُ فَإِخْفَاءُ زَكَاتِهِ أَفْضَلُ

وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ وَأَمَامَ الْحَاجَاتِ وَعِنْدَ كُسُوفٍ وَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَحَجٍّ وَجِهَادٍ وَفِي أَزْمِنَةٍ وَأَمْكِنَةٍ فَاضِلَةٍ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَيَّامِ الْعِيدِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

(وَتُحَرَّمُ) الصَّدَقَةُ (بِمَا يَحْتَاجُهُ) مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا (لِمُمَوِّنِهِ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (أَوْ لِدَيْنٍ لَا يَظُنُّ لَهُ وَفَاءً) لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَسْنُونِ، فَإِنْ ظَنَّ وَفَاءَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ وَخَرَجَ بِالصَّدَقَةِ الضِّيَافَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهَا كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَمَا ذَكَرْته مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ كَثِيرِينَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَصْبِرْ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَامْرَأَتِهِ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: ٩] الْآيَةَ فَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُحَرَّمُ مَحَلُّهُ فِيمَنْ صَبَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ حُرْمَةِ إيثَارِ عَطْشَانَ عَطْشَانَ آخَرَ بِالْمَاءِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ مَا فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ مُضْطَرًّا آخَرَ مُسْلِمًا

(وَتُسَنُّ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) لِنَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَفَصْلِ كُسْوَتِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ (إنْ صَبَرَ) عَلَى الْإِضَاقَةِ (وَإِلَّا كُرِهَ) كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْبَاطِنُ إلَخْ أَيْ فِي حَقِّ الْمَالِكِ دُونَ الْإِمَامِ أَمَّا هُوَ فَيُسَنُّ لَهُ إظْهَارُهَا مُطْلَقًا اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ) أَيْ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ وَالتَّصَدُّقُ بِمَا تَشْتَدُّ إلَيْهِ الْحَاجَةُ أَوْلَى مِنْ التَّصَدُّقِ بِغَيْرِهِ. اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ الصَّدَقَةُ بِمَا يَحْتَاجُهُ) وَمَعَ حُرْمَةِ التَّصَدُّقِ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِنْهَا إبْرَاءُ مَدِينٍ لَهُ مُوسِرٍ فِيمَا يَظْهَرُ مُقِرًّا وَلَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر (فَرْعٌ) أَبْرَأهُ لِظَنِّ إعْسَارِهِ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ نَفَذَتْ الْبَرَاءَةُ أَوْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ بَطَلَتْ اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِمَا يَحْتَاجُهُ) أَيْ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَفَضْلِ كِسْوَتِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَأْذَنْ الْغَيْرُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ وَصَبَرَ عَلَى الْإِضَاقَةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ أَوْ لِدَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ مُؤَجَّلًا وَسَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ لِدَيْنٍ) أَيْ سَوَاءٌ طُلِبَ مِنْهُ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَجّ قَالَ وَمَحَلُّهُ فِيمَا يُدَّخَرُ لِلدَّيْنِ عَادَةً أَمَّا نَحْوُ لُقْمَةٍ وَحُزْمَةِ بَقْلٍ وَكِسْرَةٍ فَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهَا مَعَ احْتِيَاجِهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: لَا يَظُنُّ لَهُ وَفَاءً) أَيْ حَالًّا فِي الْحَالِ وَعِنْدَ الْحُلُولِ فِي الْمُؤَجَّلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ) نَعَمْ إنْ وَجَبَ أَدَاؤُهُ فَوْرَ طَلَبِ صَاحِبِهِ لَهُ أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِسَبَبِهِ مَعَ عَدَمِ رِضَا صَاحِبِهِ بِالتَّأْخِيرِ حَرُمَتْ الصَّدَقَةُ قَبْلَ وَفَائِهِ مُطْلَقًا كَمَا تَحْرُمُ صَلَاةُ النَّفْلِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَوْرِيٌّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالصَّدَقَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الضِّيَافَةَ هُنَا كَالصَّدَقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ هُوَ وَلَا مَنْ يَعُولُهُ عَنْ الْإِضَاقَةِ وَفِي كَلَامِ حَجّ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ عِيَالُهُ ضَرَرًا لَا يُطَاقُ عَادَةً اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ، وَإِنْ مَشَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُمَوِّنَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ ضَرَرٌ أَلْبَتَّةَ وَكَانَ الضَّيْفُ مُحْتَاجًا فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَقْدِيمُ الضَّيْفِ عَلَى الْمُمَوِّنِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ فَاشْتِرَاطُ الْفَضْلِ فِي تَقْدِيمِ الضَّيْفِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا تَضَرَّرُوا بِإِيثَارِهِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِمْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ) سَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ زِيَادَةً عَلَى صَبْرِهِ عَلَى الْإِضَاقَةِ وَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَفِيهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ يَأْذَنُوا مَعَ صَبْرِهِمْ عَلَى الْإِضَاقَةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ تَصَدَّقَا بِمَا يَحْتَاجَانِ لَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا صَابِرَانِ عَلَى الْإِضَاقَةِ (قَوْلُهُ عَنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ) أَيْ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ أَنَّ «رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ نَزَلَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا قُوتُهُ وَقُوتُ صِبْيَانِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ نَوِّمِي الصِّبْيَةَ وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَقَرِّبِي لِلضَّيْفِ مَا عِنْدَك فَنَزَلَتْ الْآيَةُ» . اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ إمْسَاكُ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ بِالنَّاسِ ضَرُورَةٌ لَزِمَهُ بَيْعُ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ سَنَةً، فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَام يَلْزَمُ الْمُوسِرَ الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَيُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا التَّصَدُّقُ بِالْقَدِيمِ وَهَلْ قَبُولُ الزَّكَاةِ لِلْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَا وَجْهَانِ رَجَّحَ الْأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا وَرَجَّحَ الثَّانِيَ آخَرُونَ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ، فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ

، وَإِنْ قَطَعَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا، فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ تَخَيَّرَ وَأَخَذَ مَا اشْتَدَّ فِي كَسْرِ النَّفْسِ. اهـ.

أَيْ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَفَصْلِ كِسْوَتِهِ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ هُمَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَيْ تُسَنُّ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِنَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ وَلِفَصْلِ كِسْوَتِهِ وَلِوَفَاءِ دَيْنِهِ اهـ.

شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكِسْوَةِ فَصْلِهِمْ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَبَرَ عَلَى الْإِضَاقَةِ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُ صَبْرِ مُمَوِّنِهِ أَيْضًا بَلْ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>