ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْتَ بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (وَلَوْ أَوْجَبَ وَلِيٌّ) الْعَقْدَ (فَخَطَبَ زَوْجٌ خُطْبَةً قَصِيرَةً) عُرْفًا (فَقِيلَ صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ الْخُطْبَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ.
(لَكِنَّهَا لَا تُسَنُّ) بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ تَابَعَ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهَا تُسَنُّ وَجَعَلَا فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَ خُطَبٍ خُطْبَةٌ مِنْ الْخَاطِبِ وَأُخْرَى مِنْ الْمُجِيبِ لَلْخِطْبَةِ وَخُطْبَتَانِ لِلْعَقْدِ وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَأُخْرَى قَبْلَ الْقَبُولِ أَمَّا إذَا طَالَتْ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ فَصَلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَوْ يَسِيرًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَلِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلٌ وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ {يَمْحُوا اللَّهُ} [الرعد: ٣٩] الْآيَةَ» .
اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقُولُ جِئَتُكُمْ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قَالَ جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ اهـ. شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِمُوَكِّلِي فِي الْخِطْبَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فَتَاتَكُمْ) الْفَتَاةُ الشَّابَّةُ وَالْفَتَى الشَّابُّ وَالْفَتَى أَيْضًا السَّخِيُّ الْكَرِيمُ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ مُجْبَرَةً أَمَّا غَيْرُهَا فَتَتَوَقَّفُ الْإِجَابَةُ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى إذْنِهَا لَهُ فِيهَا فَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِجَابَةِ لَمْ يَخْطُبْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَطَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا وَأَجَابَتْ فَهَلْ تَخْطُبُ لِإِجَابَتِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَلِيقُ بِالنِّسَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ بَلْ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْجِ) وَهَذِهِ الْخُطْبَةِ آكَدُ مِنْ الْأُولَى كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْأَصْلِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا كحج قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيُسَنُّ كَوْنُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ أَيْ كَمَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْخِطْبَةِ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَوْجَبَ وَلِيٌّ إلَخْ وَالزَّوْجُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فَيُغْتَفَرُ تَوَسُّطُ خُطْبَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِمَا أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى طُولِ الْفَصْلِ بِسُكُوتٍ أَوْ بِمَا ذُكِرَ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَخَطَبَ زَوْجٌ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِخُطْبَةِ أَجْنَبِيٍّ وَيُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا التَّعْمِيمُ فِيمَا قَبْلَهُ مَعَ التَّقْيِيدِ لَكِنْ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ حَمِدَ اللَّهَ الْوَلِيُّ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْصَى بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ فَفَعَلَ الزَّوْجُ مِثْلَهُ بِأَنْ حَمِدَ وَصَلَّى وَأَوْصَى ثُمَّ قَبِلَ النِّكَاحَ صَحَّ النِّكَاحُ وَالْخُطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ اهـ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَصْوِيبِهِ نَقْلًا وَمَعْنَى وَاسْتُبْعِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ مَعَ عَدَمِ الْبَطَلَانِ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا طَالَتْ الْخُطْبَةُ إلَخْ) ضَبَطَ الْقَفَّالُ الطُّولَ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِقَوْلِهِ قُلْ قَبِلْت قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فَصَلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ) مُحْتَرَزُ الْفَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا) وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُوجِبِ اسْتَوْصِ بِهَا اهـ. ح ل (تَتِمَّةٌ)
يُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ وَأَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَكُونَ مَعَ جَمْعٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْعَقْدِ زَوَّجْتُك عَلَى أَمْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ بِأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِيجَابَ ثَانِيًا بِالصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ ذِكْرِ الْمَخْطُوبَةِ وَالْمَهْرَ مَعَ صِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ قَبِلَ الزَّوْجُ قَبْلَ إعَادَةِ الْجَوَابِ لَمْ يَصِحَّ، وَيُسَنُّ لِمَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ مِنْ وَلِيٍّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ بَارَكَ اللَّهُ لَك أَوْ بَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا يُبَارِكُ اللَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَيُسَنُّ لِلزَّوْجِ الْأَخْذُ بِنَاصِيَتِهَا أَوَّلَ لِقَائِهَا وَأَنْ يَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْجِمَاعَ تَغَطَّيَا بِثَوْبٍ وَقَدَّمَا قَبْلَهُ التَّنْظِيفَ وَالتَّطَيُّبَ وَالتَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُنَشِّطُ لِلْأَمْرِ بِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ بِصِدْقٍ مِنْ قَلْبِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ، فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا بَيِّنًا فِي صَلَاحِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَحْسُنُ تَرْكُ الْوَطْءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِمَا قِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ فِيهَا يُرَدُّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبِفَرْضِ الثُّبُوتِ الذِّكْرُ الْوَارِدُ يَمْنَعُهُ، وَيَنْدُبُ لَهُ إذَا سَبَقَ إنْزَالُهُ إمْهَالُهَا حَتَّى تُنْزِلَ وَأَنْ يَتَحَرَّى بِهِ وَقْتَ السَّحَرِ لِانْتِفَاءِ الشِّبَعِ وَالْجُوعِ الْمُفْرِطَيْنِ حِينَئِذٍ إذْ هُوَ مَعَ أَحَدِهِمَا مُضِرٌّ غَالِبًا كَمَا أَنَّ الْإِفْرَاطَ فِيهِ مُضِرٌّ مَعَ التَّكَلُّفِ وَضَبَطَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ النَّافِعَ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ يَجِدَ مِنْ نَفْسِهِ دَاعِيَةً لَا بِوَاسِطَةٍ كَتَفَكُّرٍ وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَهَا قَبْلَ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ عِنْدَ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ بِأَنْ يَفْعَلَهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَعْقُبُ يَوْمَ قُدُومِهِ بَلْ فِي يَوْمِ الْقُدُومِ إنْ اتَّفَقَتْ لَهُ خَلْوَةٌ، وَيُنْدَبُ التَّقَوِّي لَهُ بِأَدْوِيَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ رِعَايَةِ الْقَوَانِينِ الطِّبِّيَّةِ وَمَعَ قَصْدٍ صَالِحٍ كَعِفَّةٍ وَنَسْلٍ.
لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَحْبُوبٍ فَيَكُونُ مَحْبُوبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute